رسام الكاريكاتير بهجت عثمان في ذكرى ميلاده.. فنان يرعبه الورق ولم يرعبه السادات
الأربعاء، 06 يونيو 2018 11:00 موجدي الكومي
حلت اليوم الأربعاء، ذكرى ميلاد رسام الكاريكاتير الساخر بهجت عثمان، المولود عام 1931، والمتوفى عام 2001، وهو أحد أهم أعمدة فن الكاريكاتير الذين شهدتهم مصر، وعملوا في صحافتها.
في لقاء تلفزيوني لبهجت عثمان، سأله المحاور: ماذا يعني لك الورق؟ فقال: «يعني لي الرعب القاتل، ويعني لي في نفس الوقت المتعة، والواحة والراحة».
حينما أعلن بهجت عثمان رفضه لمعاهدة السلام، وتسببت رسوماته في إزعاج الرئيس الراحل محمد أنور السادات، في السبعينات، مثله مثل الكثير من المثقفين والمبدعين والصحفيين آنذاك، تسبب ذلك في سفره إلى الكويت للعمل بها، والإقامة فيها، حتى بعد اغتيال السادات، إذ عاد بهجت عثمان إلى مصر أوائل الثمانينات.
غادر بهجت عثمان مصر بصحبة الناقد على الراعي، إلى الكويت، بعد أن أُخرجا من عملهما مع عدد كبير من أساتذة ومثقفي مصر، وكان قد اشتهر عثمان برسوماته الكاريكاتورية اللاذعة، التي تنتقد الديكتاتورية في العالم العربي، وتأليفه عدد من الكتب التي حوت شخصية متخيلة هي «بهجاتوس»، قائد دولة «بهجاتيا العظمى».
يختار بهجت عثمان بعناية نوع القلم الذي سيرسم به على الورق، ويقضي وقتا طويلا في الاختيار، إلى أن يجد التجانس بينه وبين الورقة التي يرسم عليها.
عمل بهجت عثمان معلما للرسم في إحدى المعاهد الدينية التابعة لجامعة الأزهر، ثم درس فن الرسم في المدرسة الإنجيلية بالخرطوم، ونشر في الأثناء رسوماته في مجلة روز اليوسف، ومجلة صباح الخير، ثم استقال من التعليم، ليعمل في المجلتين معا.
عن اختياره للفكرة التي سينفذها يقول بهجت عثمان: «أنا أعتقد أن رسام الكاريكاتير هو واحد صاحب وجهة نظر في الحياة، وعنده رغبة عارمة في التغيير للأحسن، هذه هي غاية رسام الكاريكاتير الأساسية التي يراها عثمان، يقول في حوار سٌجل معه عام 1997: إذا وجد الفنان نفسه في رسم الكاريكاتير، فأنه سيكون هو وسيلته في هدم السلبيات الموجودة، أو بتصور الشكل الذي يحلم به للدنيا».
في العام 1956 انتقل بهجت عثمان إلى جريدة «المساء» ليعمل مع خالد محيى الدين الذي كان يرأس تحريرها إلاَّ أنه لم يبقَ طويلاً في جريدة «المساء»، وعاد إلى مجلتي «روز اليوسف، وصباح الخير».
وفي عام 1964 شجعه صديقه أحمد بهاء الدين على العمل معه في دار الهلال. وبدأ يعمل في الدار، لا سيما في مجلة المصور، إلى أن أُحيل إلى التقاعد من الرسم بقرار من الرئيس السادات بسبب مواقفه النقدية للنظام.
عن تجربته الشخصية يقول بهجت عثمان: يغضب رسام الكاريكاتير، ويتحول غضبه إلى من رغبة في الصراخ، إلى كيف يحل هذا الصراخ على الورق بشكل فني.
الكاريكاتير قد يكون فن السخرية السوداء، يرى بهجاتوس أن السلبيات الموجودة أمام رسام الكاريكاتير تجعله يعبر عنها بشكل ساخر وجارح، لكنه ليس مرا، يقول عثمان: المرارة تتحقق، عندما تنفجر الأوضاع، وتصبح زاعقة، كـ«الحرامي» الذي يتلفت حوله كي يرتكب جريمته، فالكاريكاتير يحذره ويقول له: «أنا شايفك، أما حين تصبح السلبية مشاعا، ويُعبر عنها ببجاحة، هنا يصبح الكاريكاتير أسود».
يرى بهجت عثمان فن الكاريكاتير أكثر الفنون الأدبية قتالا، مقارنة بالقصيدة والقصة القصيرة، والبوستر، يقول عثمان: في الفنون التعبيرية، هو أقرب للنشيد والتحريض.
في العام 1960 سافر بهجت عثمان إلى لبنان، التي تعرف فيها على الكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني، وفنان الكاريكاتير الكبير الراحل ناجي العلي، ولعل شخصية بهجاتوس، فيها الكثير من شخصية حنظلة التي ابتكرها الفلسطيني ناجي العلي، فكلتاهما أيقونتان ضد الديكتاتورية والظلم والاستبداد.
أنت بعت بمليم يا صلاح
في العام 1981 وفي ليلة 14 أغسطس، جمعت جلسة بين رسام الكاريكاتير بهجت عثمان، والشاعر الراحل الكبير صلاح عبد الصبور، في تلك الجلسة انفعل بهجت عثمان على عبد الصبور، الذي كان وقتها يشغل منصب رئيس الهيئة العامة المصرية للكتاب، وكانت الهيئة في ذلك الوقت قد نظمت معرض القاهرة الدولي للكتاب، وللمرة الأولى شاركت إسرائيل في فعاليات المعرض مما آثار سخط العديد من المثقفين، ووجهوا اتهامات صريحة لصلاح عبد الصبور بالعمالة لإسرائيل.
صرخ بهجت عثمان في وجه صلاح عبد الصبور وانتقده بشدة قائلا: أنت بعت بمليم يا صلاح، وهي الجملة التي حفظها تاريخ الجلسة المشئومة وحملها كثيرون مسؤولية وفاة صاحب "مسافر ليل".