44 مليار دولار في محفظة مصر.. تعرف على أهمية وفوائد زيادة الاحتياطي النقدي
الثلاثاء، 05 يونيو 2018 04:00 م
44 مليار و138 مليون دولار هو رصيد مصر من الاحتياطى النقدى الأجنبى بنهاية شهر مايو عام 2018، هذا ما أعلنه البنك المركزى المصرى فى بيانه الصادر أمس، وهو بهذا يواصل صعودا تاريخيا نادرا لم تمر به مصر فى تاريخها.
ومرت رحلة الاحتياطى النقدى فى مصر بعد ثورة 25 يناير بأحداث ضخمة ومختلفة، من أعلى نقطة سابقة وصل إليها فى تاريخه قبل الثورة، ثم مرورا برحلة تدهور قوية، ثم عودة للصعود مرة أخرى بعد إجراء تحرير سعر الصرف.
فى اللحظة التى اندلعت فيها ثورة 25 يناير كان الاحتياطى النقدى قد سجل قيمة 36 مليار دولار وهو رقم ضخم بمقاييس هذا الوقت، لكنه بدأ رحلة النزيف الطويلة.
ففى خلال 6 أشهر فقط من الثورة فقد الاحتياطى النقدى 10 مليارات دولار كاملة، وسجل فى يونيو عام 2011 ما قيمته 26 مليار و564 دولار، وذلك نتيجة لهروب العديد من رؤوس الأموال، وتوقف عدد من المصانع عن الانتاج والتصدير، واتجاه بعض المصريين لتحويل ثرواتهم إلى الدولار، وكذلك امتناع عدد من المصريين فى الخارج لتحويل ثرواتهم إلى الداخل خشية الأوضاع المتدهورة وحالة عدم الاستقرار.
استمرت حالة عدم الاستقرار تضرب مصر 6 أشهر أخرى، وشهدت مصر موجة من العنف غير المسبوق فى النصف الثانى من عام 2011، وكذلك صعودا كبيرا لجماعة الإخوان الإرهابية، ما دفع مزيدا من رؤوس الأموال للهروب، وزيادة الضغط على الدولة لتوفير السلع الأساسية، ليفقد الاحتياطى النقدى 8 مليارات أخرى، ويخسر نصف قيمته فى عام واحد فقط ليصل إلى 18.1 مليار دولار.
فى هذه اللحظات بدأت للمرة الأولى منذ نهاية الثمانينات تلوح أزمة "الدولار" وتظهر السوق السوداء، وتحول قطاع كبير من أصحاب المهن غير المنتجة إلى تجار دولار مثل "السماسرة" وغيرهم، بل وبلغ ببعض صغار رجال الأعمال البدء فى المضاربة على العملة الخضراء واتجه العديدين منهم لتخزينها استعدادا للحظة صعبة قادمة.
بوصول المعزول محمد مرسى إلى الحكم وصل الاحتياطى النقدى ما قيمته 13.9 مليار دولار لكنه رغم انخفاض قدره، واصل الاحتياطى النقدى هبوطه المرير ليصل للمرة الأولى خلال حكم محمد مرسى إلى مبلغ 10 مليارات دولار، وهى الاحتياطيات التى لم تكن تكفى سوى واردات مصر من الخارج لمدة 3 شهور فقط.
ومع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الحكم فى عام 2014 بدأ الدولار رحلته للتعافى شيئا فشيء، ولكن فى ظل وجود ضربات إرهابية قوية استهدفت السياحة بشكل خاص، واستغلال تجار السوق السوداء هذه النقطة تحديدا لتحقيق مكاسب ضخمة على حساب الدولة واحتياجاتها النقدية، وفى منتصف عام 2016 نجح "سماسرة السوق السوداء" فى السيطرة تماما على سوق النقد الأجنبى، حيث كان السعر رسميا 8.8 جنيه، لكن التجار استطاعوا السيطرة على المطروح فى الأسواق ليصل سعره فى السوق السوداء إلى 21 جنيه فى بعض الأحيان.
فى التوقيت ذاته أدركت الدولة المصرية ضرورة البدء فى إجراء إصلاح اقتصادى تأخر اتخاذه طويلة نتيجة تفاعلات سياسية واجتماعية مختلفة، وبالفعل اتخذ قرار الإصلاح الاقتصادى فى نوفمبر من عام 2016، بعد أن نجح البنك المركزى المصرى فى الوصول بالاحتياطى إلى 19 مليار دولار فى اكتوبر.
بنهاية عام 2016 وصل الاحتياطى النقدى إلى 24.26، ثم ارتفاع عقب ذلك بستة أشهر ليصل فى يونيو من عام 2017 بعد 6 أشهر من التعويم إلى 31 مليار دولار، وبعد عام كامل من التعويم وصل الاحتياطى النقدى إلى 37 مليار دولار، متجاوزا بهذه الخطوة الرقم القياسى للاحتياطى قبل ثورة يونيو الذى ظن البعض أنه لن يتم تجاوزه.
زيادة الاحتياطى النقدى نجح فى خلق انفراجة فى عمليات الاستيراد، وتم إلغاء قوائم الانتظار فى البنوك للمستوردين، كما نجحت الدولة فى الوقوف بشكل نهائى فى مواجهة تجار السوق السوداء والتى أصبحت نشاطاتها معدومة تماما، وهو ما خلق حالة كبيرة من الاستقرار فى سوق الصرف، وساهم فى نجاح الوصول إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة من الاحتياطى النقدى.