رحيل «صوت العرب».. مصر تودع أحمد سعيد رجل اللحظات الساخنة في تاريخ مصر
الثلاثاء، 05 يونيو 2018 03:29 م
ارتبطت إذاعة «صوت العرب» بصوت الإذاعى الراحل «أحمد سعيد» منذ انطلاقها بعد ثورة 23 يوليو، فهى الإذاعى التى استخدمها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى مناهضة الإستعمار الأجنبى ونشر مبادىء الثورة والافكار الوحدوية مع الاشقاء العرب.
تميز الإذاعى الراحل «أحمد سعيد» بصوت فريد واستخدامه مفردات حماسية منذ أن تولى رئاسة «صوت العرب» عند تأسيسها عام 1953 وحتى عام 1967.
أسلوب« أحمد سعيد» الحماسى ، أدى لأن تتعلق بصوته الجماهير، ليصبح نجما فى سماء الأثير الذى يبث من الإذاعة ، ما دعا الحكومة البريطانية لأن تطلب من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1965 رفع اسم أحمد سعيد من قائمة الوفد المصري الذى كان وقتها مسافر إلى لندن.
لم ينكر الراحل «أحمد سعيد» إنه قال «أننا على مشارف تل أبيب» مبشرا بسقوط عددا كبيرا من الطائرات الإسرائلية،لكنه تساءل عن مدى مسئولية آخرين وقتها عن بث مثل هذه البيانات من قبيل محمد فايق ،والذى كان وزيرا للإعلام، فبذلك يرفض «سعيد» أن يتحمل وحده المسئولية، ويلصق به لقب مذيع النكسة، ،وهو الذى كان يؤدى عمله فقد كان – حسب قوله - يتمنى بالفعل أن تدخل القوات المصرية تل أبيب.
كان«سعيد» يأمل فى أن ننتصر على دولة الإحتلال وهى أمنية داعبت أحلام ملايين المصريين والعرب، لذلك فهو يقول فى تصريحات له ردا على من يحملونه المسئولية منفردا:« نعم قلت هذا و«ده فيه إيه عيب؟» ألا تتمنى هذا؟ ألم يكن الأستاذ محمد فايق وزيرا للإعلام؟ ماهو نصيبه من المسؤولية فلتسأله؟ أين كان هو فى الستة أيام؟ لماذا كل الاتهام موجه لأحمد سعيد؟».
ودائما ما كان يرفض «أحمد سعيد» اتهامه ومعه «صوت العرب» فقط بالوقوف خلف إذاعة بيانات اتضح عدم دقتها، فوقتها كان قد صدر قرار فى اليوم الأول للنكسة بضم جميع المحطات والإبقاء على واحدة ودمج القنوات فى قناة.
تحرك «سعيد» وقت النكسة من وازع وطنى فقد كان الجرح وصعبا وعلاجه يستلزم سنوات فهو يفخر بأن فعله أبان النكسة رغم كونه بعيدا عن المهنية مثل علامة هامة فى مسيرته، فقد رأى رئيس دولة يطل على الشعب وهو مشحونا بالأسى - وفق قول سعيد- ليعلن تنحيه عن قيادة البلاد لتصبح الدولة بلا رئيس فى ظل نكسة تجرع مرارته الجميع وعدم وصول معلومات إلى الإذاعة وهنا برز دور أحمد سعيد فى الحفاظ على الروح المعنوية للشعب باستخدام الكثير من الأشياء من بينها الأغانى الوطنية.
يقول أحمد سعيد فى أحد حواراته الصحفية حول نكسة يوينو :«عقد اجتماع في القيادة يوم السبت 3 يونيو 1967 مع الرئيس عبدالناصر بناء على المعلومات التي توافرت له من مصادر أكدت أن إسرائيل أعلنت التعبئة ومعنى هذا أنها ستقوم بهجوم وهذا يعني خطة مضادة، الغريب والمدهش أنه في 5 يونيو كان المشير عامر يستقبل وفدًا عسكريًا عراقيًا، وكان الجميع في حالة استرخاء إلى درجة أن المشير اصطحبهم في طائرة في أجواء سيناء ووقع العدوان الجوي والمشير في الجو في سيناء ووجد صعوبة في الهبوط في أي مطار لأن غالبية المطارات ضُربت».
ويرى«سعيد» أن المشير عبد الحكيم عامر كان لا يعلم بالحرب قائلا:«نعم لم يكن يعلم. وإلا ما ذهب بطائرة لتشريفة في سماء سيناء، وعادة عندما تكون طائرة المشير في الجو يعطلون كل الأجهزة الدفاعية الأرضية سواء بطاريات صواريخ أو دفاع جوي تعليمات بعدم الضرب، القصف الجوي الإسرائيلي كان يتم في الوقت الذي كانت قواعد الصواريخ المصرية مشلولة ولديها تعليمات بعدم الضرب».
برز أحمد سعيد أعوام ما بين 1957 و1967 من القرن الماضى حيث كانت :«هذه الأعوام بمثابة مواجهات إعلامية ضاعف على انتشار تأثيرها تطور تقنية البث الهوائى وقدراته المتزايدة على الوصول إلى تجمعات بشرية على بعد آلاف الأميال بالإضافة إلى ثورة التلقى السمعى التى أحدثها اختراع الراديو التزانزستور وشيوع تشغيله بالبطاريات-وفق مذكرات أحمد سعيد- وقد كان لهذه الإذاعات - يقصد ما اطلق عليه وقتها بالإذاعات السرية - دور كبير لا يمكن إنكاره أو تجاهل تصاعد استثارته للجماهير يوما بعد آخر وخاصة فيما يتعلق بالدعم العسكرى المصرى المباشر لثورة اليمن».
هناك جملة من المواقف قد يتناساها البعض لـ«أحمد سعيد» مختزلين سيرته فقط بما حدث إبان النكسة رغم أن أحمد سعيد هو الذى طلبيت الحكومة البريطانية برفع اسمه من الوفد المصرى اعتراضا على تحريضه على قتل الجنود البريطانيين في عدن وفق اتهامهم له.
ولعب «أحمد سعيد» دورا وطنيا في 25 يناير 1952، عندما هتف أمام الميكروفون، مستعرضا عمليات فدائية ضد الإنجليز فى منطقة القناة.
وكان «سعيد» قد اتهم بأنه أحد الذين أثاروا الجماهير خلال حريق القاهرة في 26 يناير 1952، لذلك جرى ابعاده أُبعد عن العمل بالإذاعة، مع مجموعة من الإذاعيين حتى مايو 1952.