عفاريت عبد الجابر فى ذكرى العاشر من رمضان (صور)
السبت، 26 مايو 2018 01:00 م
حكايات وقصص بطولية كثيرة نتذكرها بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر المجيدة العاشر من رمضان والذى نحتفل به اليوم..ونتذكر أبطالها وسيرتهم العطرة وبطولاتهم وتضحياتهم وأيام الفخر والمجد والشرف فى معركة استرداد الأرض واستعادة الكرامة.. بعيدا عن زحمة مسلسلات رمضان ومعارك البلطجية الوهمية والبطولات الزائفة.
لن ينسى التاريخ العسكرى بطولات أبناء مصر من الشرفاء الأوفياء المخلصين الذين لم يبحثوا عن شهرة أو مجد أو ثراء.. الوطن فقط ولا شيئ غيره هو الساكن فى قلوبهم ووجدانهم وعقولهم وأحلامهم.
هؤلاء الأبطال الذى نتذكر بعضهم هنا سطروا لمصر ولقواتها المسلحة ملحمة بطولية مازال و رسموا بأجسادهم ودماءهم الذكية الطاهرة الدرع والسيف الذى حمى مصر وشعبها
أتذكر فى هذه الأيام المباركة المجيدة محمد عبد العاطى صائد الدبابات – التقيته شخصيا عام 88 وأجريت معه حوارا مطولا أمام بيته فى قريته التابعة لمدينة منيا القمح والبطل محمد العباسى ابن قرية القرين وأول من رفع العلم على ارض سيناء ومحمد المصرى صائد الدبابات الثانى واللواء زكى باقى يوسف صاحب الفكرة العبقرية لتجريف الساتر الترابى بخراطيم المياه واللواء شفيق مترى سدراك قائد كتيبة مشاة في منطقة أبو عجيلة في سيناء. والذى كان نموذجاً رائعاً للقائد الملتحم بجنوده قبل ضباطه وخلال حرب الاستنزاف قبيل العبور العظيم عبر برجاله إلى سيناء من بورسعيد والدفرسوار وجنوب البلاح والفردان حيث قاتل العدو في معارك الكمائن. ويوم السادس من أكتوبر1973 قاد اللواء أحد الوية المشاة التابعة للفرقة 16 مشاة بالقطاع الأوسط في سيناء وحقق أمجد المعارك الهجومية ثم معارك تحصين موجات الهجوم الإسرائيلى المضاد قبل أن يستشهد في اليوم الرابع للحرب واللواء عادل يسرى قائد اللواء 112 مشاة فى معركة أكتوبر المجيدة، وكان أول الحاصلين على وسام نجمة سيناء العسكرى من الطبقة الأولى، وهو بطل معركة رأس العش، ومحرر جزيرة بيت الملاح فى قطاع ميدان الجيش الثانى، ومدير البحوث بالقوات المسلحة، وصاحب رحلة الساق المعلقة التى أصدر بها كتابا يحمل الاسم نفسه، حيث بترت قدمه أثناء المعركة، لكنه ظل يحارب لمدة 8 ساعات من رأس العش إلى رأس الجسر. نتذكر المجند بيومى وبكر العادلى ومعوض وغيرهم من جنودنا الأبطال.
اللواء عبد الجابر
محمد عبد العاطى صائد الدبابات
اللواء عادل يسرى قائد اللواء 112 مشاة
وغيرهم الكثيرون الذين يستحقوا تخليد بطولاتهم لتذكير الأجيال الحالية والقادمة وقد شهد لهم العدو قبل الصديق فمازالت اعترافات القادة العسكريين لإسرائيل عن حرب أكتوبر تتوالى رغم مرور 45 عاما على انتهاء الحرب بأن ما حدث كان صدمة وزلزالا وهزيمة ساحقة ومنكرة لجيش الأوهام والأساطير، وسقوط أسطورة الجندى الإسرائيلى «السوبرمان» الذين سودوا صفحات جرائدهم وعدد من الجرائد العالمية بقدرته على فعل المعجزات، كأداة فى الحرب النفسية ضد مصر والعرب بعد نكسة يونيو 67.. بين سطور الاعترافات والأسرار نتوقف عند عزيمة وقدرة وقوة الجندى المصرى على الإبداع فى القتال أثناء المواجهة الحقيقية على أرض المعركة حتى تصور بعض هؤلاء القادة أن من يحاربهم فوق رمال سيناء «أشباح وعفاريت» وليسوا بشرا من دم ولحم آمنوا بربهم وبوطنهم وصمموا على النصر أو الشهادة فى حرب الشرف والكرامة.
وبمناسبة العفاريت والاشباح نتذكر اللواء عبد الجابر أحمد قائد الكتيبة 35 فهد بالجيش الثانى والذى توفاه الله قبل شهر رمضان بأيام قليلة. كان قائد الكتيبة التى أطلقوا عليها " عفاريت عبد الجابر" والتى دمرت 140 دبابة صهيونية فى المعركة
فى شهادة إسرائيلية عن إحدى المعارك التى قادتها الكتيبة 35 فهد بقيادة البطل الراحل عبدالجابر أحمد على يحكى قائد مدرعات إسرائيلى اسمه بارى شامير عن لحظات الرعب والجحيم فى مواجهة «عفاريت عبدالجابر» -وهو الاسم الذى أطلق على الكتيبة 35 خلال فترة الحرب- فيقول: «كنا سعداء ومطمئنين عندما اكتشفنا أن الأهداف التى تواجهنا هم رجال المشاة وليست المدرعات. كان ذلك بالنسبة لنا مفاجأة مطمئنة. حتى إن أحد رفاقى فى الدبابة قال بصوت عالٍ إن هذا انتحار من جانبهم، إن المصريين ينتحرون بهذه الطريقة.
ما إن بدأت المعركة- يقول القائد الصهيونى- حتى تصورنا أنه ما دام شريط المدفع الرشاش فى الدبابة يفرغ الرصاص فإن الجنود المصريين يسقطون فوق الرمال، ولكننى لاحظت أن حركتهم الجماعية لا تهدأ أو تتوقف، كانوا كالعفاريت.
لم أنتبه لما يحدث، كنت منهمكا فى إلقاء قذائف المدفع الفارغة إلى الخارج، وشعرت فجأة بالنار تشتعل فى مؤخرة المدفع، واعتقدت فى البداية أن قذيفة انفجرت فى بيت النار، ولكننى شعرت آنذاك بحرق فى ذراعى، واستطعت أن ألقى بنفسى إلى الخارج من المؤخرة التى كانت لحسن الحظ مفتوحة، وتدحرجت بضع مرات على الرمال.
اشتعلت النار فى دبابتى، وشاهدت قذائف نارية مشتعلة تتنزه فى الصحراء، وهى تنطلق من قلب الرمال. اقتربت مع رفاقى الذين كانوا قد قفزوا معى من دبابتنا المشتعلة وأنزلنا منها جالون الماء وانتزعنا المدفع الرشاش من برجها وحملنا معنا القنابل اليدوية وقنابل الدخان، وكانت أيدينا كلها قد أصابتها الحروق، كنا مذهولين، وبكى رجل المدفع وكنا لا نزال عاجزين عن فهم ما يحدث، اختبأنا خلف تلال الرمال، وكنت أفكر طول الوقت فى هذا الصاروخ الغامض، لم أكن أعرف بعد ماذا يسمونه، ولا أنه عندما يخترق الدبابة يولد موجة من الحرارة تزيد على 1000 درجة مئوية، وأنه يدمر أجهزة الدبابة، وإحراق كل من يجلس فيها.
يعترف شامير فى النهاية «لم يكن حظ الدبابات الأخرى فى سريتى بأفضل من حظنا، لقد تم تدمير كل دبابات السرية». هذا ما فعله فى الصهاينة «عفاريت عبدالجابر» أو جنود اللواء البطل عبدالجابر أحمد على، وكان منهم محمد عبدالعاطى، صائد الدبابات الذى دمر وحده 23 دبابة بصواريخ الآر بى جى والساجر. وهذه هى اعترافاتهم التى تسجل المعجزة العسكرية للجندى المصرى فى أكتوبر 73.
فى هذه الايام الخالدة نتذكر بكل عزة وكبرياء وتقدير هؤلاء الأبطال..فتحية لقواتنا المسلحة درع وسيف الوطن وتحية لأرواح ابطالنا منهم من استشهد وقضى نحبه ومنهم من ينتظر.