قهوة عربي
الجمعة، 25 مايو 2018 03:37 م
قليلا ما ينجذب المشاهد العربي لبرامج حوارية خارج التوك شو، الذي أصبح يسيطر على عقل المشاهد، أكثر من الأحزاب والحركات السياسية، رغم ما به من صراخ وصراع ديوك ومذيعين يفتون في كل شيء بدون سابق خبرة أو معرفة.
ومن البرامج القليلة المتميزة برنامج «قهوة عربي» الذي تقدمه الإعلامية التونسية القديرة إنصاف اليحياوي على الوطنية الأولى، فهو يستضيف شخصيات سياسية واجتماعية وثقافية ورياضية وغيرها من المؤثرين في عالمنا العربي وبعضهم وصل إلى العالمية.
من أمتع الحلقات التي شاهدتها في البرنامج حوارات مع رموز ستبقى في الذاكرة العربية ومنها السياسي التونسي العاشق لمصر أستاذنا الطاهر بلخوجة، وزير خارجية بورقيبة، والمثقف الجزائري دكتور محيى الدين عميمور، والموسيقار اللبناني إلياس الرحباني.
وكل واحد من تلك الشخصيات يمثل كتابا أو سلسلة كتب توثق محطات مهمة في تاريخنا العربي، فمن منا لا يعرف مواقف بلخوجة وقت أن كان وزيرا للداخلية عندما سمح للتجار المصريين بالسفر والعمل بتونس وقت الخلاف بين الزعيمين الكبيرين عبد الناصر وبورقيبة، شخصيا عرفت بلخوجة عن قرب والتقيته بين المهدية مسقط رأسه والقاهرة الفاطمية شغله الشاغل، وعندما شاهدت «قهوة عربي»، وجدت الطاهر يتحدث بتلقائية وبساطة وصدق عن فترات عصيبة كان فيها صانعا للحدث وليس مجرد متفرج من النافذة.
أما عميمور فهو رجل الثقافة الجزائرية العابر لكل خلاف حزبي أو سياسي والمؤمن بالقومية العربية، وشاهد على عصر بومدين والحسن الثاني والقذافى، وفي «قهوة عربي» عرفنا عن قرب أسرار فيروز والرحباني ورأينا الوجه الآخر للدبلوماسي الشاب أحمد أبو الغيط عندما كان مساعدا لمستشار الأمن القومي حافظ إسماعيل، وهى محطات مثيرة للجدل فى فترة قلقة عن سنوات الصراع العربي الإسرائيلي، فأعجبتني شخصية أبو الغيط الدبلوماسي ولم أعجب مطلقا بأبوالغيط الوزير وأمين الجامعة العربية.
أقترح على إنصاف أن تضم شهادات الشخصيات العربية المتنوعة فى كتاب جامع يحمل اسم «قهوة عربي»، ليضاف إلى رصيد المكتبة العربية ويصبح مرجعا للباحثين والقراء جيلا بعد جيل.