رمضان بالمصري
الإثنين، 21 مايو 2018 01:13 م
كل سنة وكل اهل مصر بخير رمضان في مصر له خصوصية شديدة التفرد هو حالة وجدانية خاصة جدا ببهجتة المتجولة في كل شبر من ارض المحروسة والمتنقلة في الوجدان واجواء تختلط فيها الاحتفالات بالعبادات في ان واحد. تزدان له الشوارع وتضاء له المساجد وتقام له الطقوس الخاصة ليصبغ بصبغة مصرية خالصة جعلته غير قابل للتكرار في اي مكان اخر. وإذا كان المحور الديني في الشعائر الرمضانية واحدا وينصب على أداء الفروض الخمسة وصلاة التراويح والإكثار من قراءة القرآن وحلقات الذكر والابتهالات الا ان الوعي الجمعي المصري باصالته وخصوصيته حول جانبا كبيرًا من أداء هذا الشعائر الفردية إلى أداء جماعي وبالتوراث من جيل لجيل اصبح مصحوب بمظاهر احتفالية خاصة جدا يمتزج فيها البعد الديني بالاجتماعي.
أما المحور الاجتماعي فهو شهر الخير والتلاحم والتكاتف بين افراد الشعب المصري الذي يتحول لعائلة واحدة علي اختلاف طبقاتهم الاجتماعية وموائد الرحمن احد ابرز الملامح التي تعكس حالة التكافل الاجتماعي ورمز من رموزهذا التماسك المجتمعي.
فالجميع يحتفي باليالي رمضان كل بطريقته بداية من موائد الخير الي تواصل الارحام وتبادل الزيارات والعزومات مرورا بالفوانيس التي تضئ كل مكان في ارض مصر المحروسة.
وموروثات اجتماعية لم تتوراي امام طغيان ماديات الحياة وضغوطها او تختفي بتطور ادواتها فقد حفظها المصريون ليتوارثنها جيلا بعد جيل وظلت في وجدانهم ينقلونها للشعوب المنطقة بداية من مواكب استطلاع الهلال الي موائد الرحمن والمسحراتي واحتفالات ختم القران مررورا بالفوانيس والكنافة والقطايف تلك المظاهر الفاطمية التي استوعبها الشعب المصري واضفي عليها من عبق المكان وخصوصية الشخصية واحتفالات رمضان ان كانت فاطمية الاصل الا انها مصرية الملامح فالاغنية الاشهر وحوي يا وحوي بالبحث وجد ان كلماتها فرعونية.
فاحتفظت الذاكرة المصرية بهذة المظاهرالاحتفالية لكن بطابع مصري اصيل وظل العقل الجمعي للمصريين محافظا علي تلك الموروثات والشعائر ليس لمجرد أنها موروث فحسب بل لانه تفاعل معها تفاعلاً وجدانيّاً وروحيا فاخلصنا لها الي حد التقديس فرمضان مصر له سحرا من نوعا خاص يجمع بين صوت سيد القراء محمد رفعت الذي يرفعك الي روحانية الايات ومعانيها بحسب وصف الاديب محمد السيد المويلحي وبين تواشيخ النقشبندي ونصر الدين طوبار واصوات المصلين في صلاة التروايح تختلط بصوت محمد عبد المطلب في رمضان جانا واحمد عبد القادر في وحوي يا وحوي وكأن روعة الصيام وبهجته لا تكتمل الا بهذة الطقوس المحفورة في الوجدان والتي تحمل عبق الحارة المصرية وبالرغم من ان الشعيرة دينية الا انها مغلفة بالروح المصرية المتفردة الخصوصية.
الطابع الاجتماعي الذي أضفته الثقافة الشعبية على الاحتفاء بشهر رمضان تبين مدى التعقيد والتركيب الذي وصلت إليه الممارسات المتصلة به وهو الأمر الذي أدى إلى تبلور منظومة من الأعراف والعادات تتكامل معا لتنسج خيوط متفردة لرمضان الطبعة المصرية بايامه ولياليه التي لا تتكرر تفاصيلها في اي بقعة اخري غير مصرية . رمضان كريم كل سنة وانتم طيبين