الخلـع عند المسيحيين بين الحظر والإباحة (حوار)
الإثنين، 21 مايو 2018 06:00 م
بعد انفراد «صوت الأمة» بنشر أول دعوى طلاق للخلع لزوجين مسيحيين متحدي الملة «أقباط أرثوذكس»، بمحافظة الإسكندرية، حيث ذكرت الدعوى المقامة من المحامى أحمد فره، أنه بناء على طلب السيدة، «رشا. ط»، تم رفع الدعوى، حيث أعلن المحضر «مينا. ب»، بأن الطالبة زوجة للمعلن إليه بصحيح العقد الشرعى الرسمى للطوائف متحدى الملة والمذهب فى 21 أكتوبر 2015، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وبتاريخ 20 نوفمبر 2016 أنجب منها الطفلة دميانة، إلا أنه أساء معاملتها ولم ينفق عليها واعتاد منه سوء السلوك، ما أدى بها إلى قيامها برفع دعوى الخلع.
«صوت الأمة» أجرت حواراَ مع المحامى خالد محمد رجب، المتخصص فى قضايا الأسرة، حول إشكالية الخلع عند المسيحين، وإمكانية تطبيقه، سواء لدى متحدى الملة أو غيرهم
هل تعرف الشريعة المسيحية نظام الخلع وبالأدق هل تعترف به ؟
الخلع نظام إسلامي خالص، بموجبه يحق للزوجة التي بغضت الحياة مع زوجها، واستحالت العشرة بينهما، وخشيت بسبب هذا البغض ألا تقيم حدود الله تعالي في زوجها أن تفتدي نفسها بأن ترد لزوجها المهر أو مقدم المهر الذي دفعه لها وتتنازل له عن جميع حقوقها الشرعيـة المـالية ، فالخلع – طبقاً لرأي جمهور الفقهاء – طلاق ، طلاق بائن .
ومكمن الخطورة ما يقال من أن الشريعة المسيحية لا تعترف بالطلاق، فبالزواج الكنسي يصبح الزوجان جسداً واحداً وليس أثنين أمام الله.
والتساؤل.. هل يمكن تطبيق نظام الخلع على المسيحيين ؟
الإجابة على هذا التساؤل بنعم تعني أننا – من وجهة نظر البعض – نخالف بشكل صارخ جوهر ولب الشريعة المسيحية والتي تعتبر الزواج إرادة إلهيه بمقتضاها يصبح الزوجان جسداً واحد وليس أثنين، وملعون من يهدم صنع الله .
والإجابة على هذا التساؤل بـ«لا» تثير مشكلات دستورية وقانونية تتعلق بوحدة النظام القانوني المصري ، فالمسيحيين مصريون يخضعون لأحكام القوانين المصرية ومنها أحكام الشريعة الإسلامية متى توافرت شروط ذلك الخضوع .
وماذا عن الرأى الأول ؟
الرأي الأول.. لا خلع لدي المسيحيين
لا خلع لدي المسيحيين، وبمعني أخر أن الشريعة المسيحية لا تعرف الخلع كنظام لإنهاء الحياة الزوجية، مرد ذلك وأساسه طبيعة العلاقة الزوجية المسيحية واعتبارها سراً ألهيا لا يجوز المساس به، يؤكد ذلك أن الأحكام الصادرة بالطلاق علي ندرتها بين المسيحيين ليست طلاقاً بالمعني المعروف في الشريعة الإسلامية تنتهي بموجبه العلاقة الزوجية، وإنما مجرد طلاق مدني يؤدى – بعد موافقة الكنيسة عليه - إلى الانفصال الجسماني بين الزوجين دون إنهاء حقيقي للعلاقة الزوجية، فيظل الاثنين زوجان منفصلان جسديا أو جسمانيا، لا يجوز لأي منهم الزواج، وإلا عد زانيا.
وقد أكدت هذا المعني بعض أحكام محاكم الأحوال الشخصية، والتي قضت برفض دعوى الخلع المرفوعة من زوجة مسيحية ضد زوجها المسيحي على أساس أن الشريعة المسيحية لا تعرف كأصل عام نظام الطلاق إلا لعلة الزنا، فالزواج سر كنسي ، والعلاقة الزوجية سر إلهي لا يجوز مناقشة أو هدمة، والخلع أحد أنواع الطلاق، ولذا لا خلع في الشريعة المسيحية.
وفي تبرير هذا الرأي يقرر أنصار، اشتهرت المسيحية بأنها شريعة الزوجة الواحدة ، فالمسيحية لا تعرف تعدد الزوجات، والزواج المسيحي سر من أسرار هذه الديانة فالزواج نظام ديني لا ينعقد إلا ببعض الطقوس داخل الكنيسة وهذه الطقوس هي صلاة الإكليل وبغد الصلاة تحل النساء للرجال والرجال للنساء، ولما كان الزواج في المسيحية هو سر مقدس فان الإنجيل الذي هو ومن المفترض أصل كل تشريع مسيحي منع الطلاق إلا لعلة الزنا، وبرغم تعدد أسباب الطلاق أو التطليق حاليا في شريعة الأقباط الأرثوذكس فان كل هذه الأسباب هي مخالفة صريحة لنصوص الإنجيل الذي حرم الطلاق إلا لعلة الزنا، وفي هذا ذكر قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية " الشريعة التي وضعها السيد المسيح بخصوص الطلاق هي شريعة واضحة لا لبس فيها وهو قول في الجبل – وأما أنا فاقول لكم أن من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزني ومن تزوج بمطلقة فانه يزني – وهذا الأمر ما أيدته وفسرته القوانين الكنسية وأقوال الآباء.
وبالنسبة للرأي الثاني ؟
صلاحية نظام الخلع للتطبيق على المسيحيين بشرط اختلاف الزوجين في الملة أو الطائفة.
إذا كان الخلع نظام إسلامي، فإنه لا يوجد ما يمنع قانوناً تطبيقه علي المسيحيين بشروط ، أساس ذلك صريح نص المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000م بشأن التقاضي في بعض مسائل الأحوال الشخصية والتي يجري نصها "تصدر الأحكام طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الأمام أبي حنيفة، ومع ذلك تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955م – طبقاً لشريعتهم – فيما لا يخالف النظام العام".
والمفهوم من نص المادة أن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية علي المسيحيين أمر قائم ، كل ما في الأمر أن المشرع اشترط أن يكون الزوجين غير متحدي الطائفة أو الملة، ولذا فان الزوجة مختلفة الطائفة أو الملة عن زوجها يحق لها رفع دعواها بطلب التطليق خلعاً.
إن الشريعة المسيحية وان كانت لا تعترف بالطلاق وبالأدق حق الزوج في تطليق زوجته بالا راده المنفردة ،فإنها تجيز التفريق الجسماني ، كما أنها تجيز بموافقة المجلس الاكليريلي ، الزواج للمرة الثانية مما مقتضاه أنها تجيز الطلاق وان كان بشروط، إلا أنه جائز، فلا زواج إلا بعد طلاق صحيح.
أنه لا يوجد ما يمنع تطبيق نظام الخلع علي المسيحيين، علي اعتبار ان الحكم الصادر في دعوى الخلع هو نوع من الطلاق المدني الذي لا يؤثر علي قيام الزواج ديانة، وهو الأمر الذي أكده قداسة البابا شنودة مراراً.
ويعترض البعض علي تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية علي الزوجين غير متحدى الملة والطائفة، ويورد للآسف عددا من المبررات الغير منطقية نوردها ثم نتولي الرد عليها طبقاً لاحكام الشريعة الإسلامية ونصوص القانون والدستور.
الإعتراض الأول.. لا يجوز للفرد – ويعني سيادته الزوج المسيحي أو الزوجة المسيحية – ان يغير بإرادته المنفردة الاختصاص التشريعي
والفرض أن أحد الزوجين المسيحيين قد غير ملته أو طائفته بما يترتب علي ذلك من حتمية تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها الشريعة العامة والقانون الواجب التطبيق حينئذ ، ويري سيادته بما نصه " فالجميع علي علم أن من ينضم إلى طائفة أخرى توصلاً إلى الاختلاف في الملة او الطائفة تمهيداً إلى رفع دعوى تطبق فيها الشريعة الإسلامية علي زوجين مسيحيين ما هو إلا غش من هذا الطرف الذي انضم إلى الطائفة الأخرى ، والعجيب ( كما يقرر سيادته ) ان هذا الغش صارت تحميه المحاكم وصار وضعا قانونيا مستقرا ومألوفاً .
الرد الثابت الذي لا خلاف حوله أن الدستور وهو أسمي القوانين قد قرر حرية العقيدة وجرم المساس بها وكذا تلك الحقائق التي لا ينكرها إلا جاهل أو مريض قلب.
الحقيقة الأولي :- إن الشريعة الإسلامية أردنا أم لم نرد هي الشريعة العامة للدولة ، وهي بقوة الدستور المصدر الأساسي للتشريع ولا خلاف .
الحقيقة الثانية :- إن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية علي المسيحيين رهن بإرادتهم هم ، فالزوج المسيحي أو الزوجة المسيحية بتغير أي منهم لملته او طائفته يعلن عن رغبته في تطبيق أحكام الشرع الحنيف، وكما تعلم يا أستاذنا أن حرية العقيدة هي أحد أهم معالم الشريعة الإسلامية واحد أهم مقومات الدستور ، فان كان ثمة خداع من جانب أحد الزوجيين المسيحيين فان الملة او الطائفة التي يسعي الزوج او الزوجة بالانضمام إليها تملك رد هذا الخداع برفضها هذا الانضمام المشوب بالخداع والتضليل، وفي ذلك استقر قضاء محكمتنا العليا وتواترت أحكامه (إن تغيير الملة أو الطائفة) أمر يتصل بحرية العقيدة إلا انه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة ومن ثم فهو لا ينتج أثره إلا بعد الدخول في الملة او الطائفة الجديدة التي يرغب الشخص في الانتماء إليها بقبول طلب انضمامه إليها واتمام الطقوس والمظاهر الخارجية الرسمية المتطلبة).
[الطعن رقم 31 لسنة 45 ق أحوال شخصية جلسة 15/12/1976]
والواضح من قضاء محكمتنا العليا والتي لا خلاف حولها أن المحاكم لا تعترف بتغير المسيحي لملته او طائفته الا إذا صدر من الجهة الدينية التي انضم إليها شهادة رسمية تقطع في دخول الشخص في الملة او الطائفة الجديدة وانه يمارس طقوسها وشعائرها، أما عن عدم اعتداد المحاكم بتغيير الملة او الطائفة حال تداول الدعوى فهو لوضوح نية وقصد الإضرار بالشخص الأخر فالمسألة حينئذ ليست مسالة عقيدة
الحقيقة الثالثة:- إن القول بان هذا الغش تحميه المحاكم لهو قول غير مسئول وغير سديد فأنت تعلم قبل سواك أننا نستظل بقضاء يقظ عادل نضاهي به قضاء العالم بأسرة ؟؟؟
الحقيقة الرابعة:- إن الشريعة الإسلامية يا أستاذنا شريعة سماوية أنزلها الله العلي القدير وهو ادري وأعلم منا بصالح العباد .. أم أن شكاً لديك ؟
الاعتراض الثاني .. لا يجوز تطبيق الشريعة الإسلامية فيما يتعارض مع جوهر المسيحية، حيث «انه لا يجوز تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعارض مع جوهر المسيحية».
ونري من جانبنا كفاية ما سبق أن ذكرناه في السطور القليلة السابقة كرد ، فقط نقرر حقيقة قانونية هامة مقتضاها أن الشريعة العامة في أى نظام قانوني عالمي هي التي تحدد ما يطبق من القوانين وما لا يطبق ، ولان الشريعة الإسلامية شريعة عادلة ومنصفة فإنها خولت إلى غير المسلمين من أهل الكتاب أمرهم شريطه ألا يثور خلاف وإلا أعملت القواعد العامة في تطبيق الشريعة ألام وهي الشريعة الإسلامية الغراء ، وأننا نتحدى أن تتمـاثل مع الشريعة الغراء شريعة ما في رحمتها وعدالتها أرضية كانت أم سماوية.
أخيراً ما هي شروط الحكم للزوجة المسيحية بالتطليق خلعاً ؟
الشرط الأول:- أن يكون الزوجين غير متحدي الملة أو الطائفة ، ويراعي أن يكون هذا التغيير قبل رفع الدعوى وان تصدر شهادة من الملة أو الطائفة التي انضم أليها أحد الزوجيين بالانضمام وبممارسة الشعائر والطقوس
الشرط الثاني:- أن تبغض الزوجة الحياة مع زوجها دون سبب من جانب الزوج ولم يكن من سبيل لاستمرار الحياة الزوجية ، وأن تخشى الزوجة ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
الشرط الثالث :- أن تفتدي الزوجة نفسها بأن ترد لزوجها المهر أو مقدم المهر الذي أعطاه لها وتتنازل له عن جميع حقوقها المالية الشرعية من مؤخر صداق ونفقه متعه ونفقه عدة.
الشرط الرابع :- ألا تفلح المحكمة في إنهاء الدعوى صلحاً سواء بنفسها أو بالحكمين اللذين تنديهما لهذه المهمة.
الشرط الخامس :- أن تقرر الزوجة صراحة – أمام محكمة – أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
الأساس القانوني لدعوى الخلع عند المسيحيين
أولا :
(للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع فان لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبة وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها ، حكمت المحكمة بتطليقها عليه).
ولا يحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين وندبها لحكمين لموالاة مساعي الصلح بينهما خلال مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر ، وعلى الوجه المبين بالفقرة الثانية من المادة 18 والفقرتين الأولي والثانية من المادة 19 من هذا القانون وبعد أن تقرر الزوجة صراحة إنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاطه حضانة الصغير ، أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم.
ويقع بالخلع في جميع الأحوال طلاق بائن.
ويكون الحكم – في جميع الأحوال – غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن ))
[المادة 20 من القانون رقم 1 لسنه 2000م]
ثانياً:
(ومع ذلك تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدي الملة والطائفة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955م – طبقا لشريعتهم – فيما لا يخالف النظام العام).
[المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000م]
لماذا قضي بتطليق الفنانة هالة صدقي – وهي مسيحية - خلعاً ؟
الأسباب القانونية للحكم الصادر بالتطليق خلعا كما أوردتها المحكمة
الشرط الأول :- أن الزوجين غير متحدي الملة أو الطائفة
الشرط الثاني :- بغض الزوجة الحياة مع زوجها دون سبب من جانب الزوج ولم يكن من سبيل لاستمرار الحياة الزوجية ، وأن تخشى الزوجة ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
الشرط الثالث :- أن تفتدي الزوجة نفسها بأن ترد لزوجها المهر أو مقدم المهر الذي أعطاه لها وتتنازل له عن جميع حقوقها المالية الشرعية من مؤخر صداق ونفقه متعه ونفقه عدة.
الشرط الرابع :- ألا تفلح المحكمة في إنهاء الدعوى صلحاً سواء بنفسها أو بالحكمين اللذين تنديهما لهذه المهمة.
الشرط الخامس :- إقرار الزوجة صراحة – أمام محكمة – أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
شروط رفع دعوي التطليق خلعا عند المسيحيين
1- أن يكون الزوجين غير متحدي الملة أو الطائفة قبل رفع الدعوى .
2- بغض الزوجة المسيحية الحياة مع زوجها دون سبب من جانب الزوج ولم يكن من سبيل لاستمرار الحياة الزوجية ، وأن تخشى الزوجة ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
3- أن تفتدي الزوجة المسيحية نفسها بأن ترد لزوجها المهر أو مقدم المهر الذي أعطاه لها وتتنازل له عن جميع حقوقها المالية الشرعية من مؤخر صداق ونفقه متعه ونفقه عدة.
4- ألا تفلح المحكمة في إنهاء الدعوى صلحاً سواء بنفسها أو بالحكمين اللذين تنديهما لهذه المهمة.
5- إقرار الزوجة المسيحية صراحة – أمام محكمة – أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.