بخطاهم نقتدي.. مصعب بن عمير: صحابي قطعت أطرافه دفاعا عن لواء المسلمين (3)
الإثنين، 21 مايو 2018 04:00 مإعداد: صابر عزت
مصعب بن عمير.. أكثر شباب قريشٍ رقة ووداعة وثراءً، فهو أحد الأثرياء الذين أطلق عليهم في العهد الحديث- ولد والملعقة الذهب في فمه- فقد نشأ مصعب بن عمير في ظل والديه، في بيت يزخر بالفاخر من الثياب، والنادر من العطور، فهو زينة فتيان قريش، ودرة مجالسه، والذي انقلبت حياته فجأة.. فإذا به يرضى بشظف العيش، ويلبس الجلد الخشن من الثياب.. كارها زاهدا في كل الطرف، لا يطمع سوى في لقاء الله ودخول جنته.
إنه الإسلام، ذلك الدين الذي ما إن لامس قلب مصعب بن عمير، حتى وجد لديه قبولاً سريعًا، فهو لم يحمل للإسلام ذرة كراهية، وما نشأ ناقمًا عليه، بل على العكس، سعى إليه في يسر، وبعد أن التقى محمدا (صلى الله عليه وسلم) أعلن نفسه واحدًا من بين المسلمين.
مصعب بن عمير- مصعب الخير- قال عنه رسول الله، فيما رواه عرم.. قال: «نظر النبي إلى مصعب بن عمير، وعليه إهاب- جلد من كبش- قد تمنطق به»، فقال: «انظروا إلى هذا الذي قد نور الله قلبه، لقد رأيته بين أبويه يغذيانه بأطايب الطعام والشراب، ولقد رأيت عليه حلة شراها أو شريت له بمائتي درهم، فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون».
على الرغم من الطرف الذي عاشه مصعب بن عمير، إلا أنه لم يتوانى عن تقديم دوره في الإسلام، فقد شارك «بن عمير» هجرتي المسلمين إلى المدينة والحبشة.. كما كان مصعب بن عمير، أحد المتحدثين عن النبي بين آل قريش خاصة (الأوس والخزرج)، فهو من الدعاة للإسلام، والذي بدأ الدعوة سرًّا محاولا أن يفشى الإسلام ويكثر. فقد أسلم على يده العديد من الأنصار.
وعلى الرغم من أن مصعب بن عمير، قدم الكثير إلى الإسلام، إلا أنه كان سباقا في حروب الإسلام، مدافعا ومجاهدا عن دينه، وكانت أخر الحروب التي شارك بها مصعب بن عمير، وتلقى بها الشهادة (غزوة أحد)، فقد حمل مصعب لواء المسلمين في أحد، وفي استشهاده قال ابن سعد عن أهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري عن أبيه قال: «حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد، فلما جال المسلمون ثبت به مصعب فأقبل ابن قميئة- وهو فارس- فضرب يده اليمنى فقطعها، ومصعب يقول: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}، وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه فضرب يده اليسرى فقطعها، فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}، ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه وإندق الرمح ووقع مصعب وسقط اللواء، وسقط شهيدًا.