حيثيات حكم رفض طلب استضافة الأب لأبنائه: حق للحاضنة لا يجوز اختراق سياجه (مستند)
السبت، 19 مايو 2018 04:49 م
قضت الدائرة 5 أسرة مدينة نصر، لأول مرة فى المحاكم برفض طلب استضافة «أب» لأبنائه، وذلك استناداَ على مذهب الإمام «أبو حنيفة». صدر الحكم لصالح المحامى محمد سلامة، برئاسة المستشار رامى السيد وعضوية المستشارين محمد فرج، وهيثم فريد، وبحضور أحمد حنفى، وكيل النيابة، وعضوية ياسمين محمد خبير اجتماعي، ووليد مسعود أمين السر.
المحكمة قالت فى حيثيات الحكم، إنه بعد سماع المرافعة ومطالعة الأوراق حيث تخلص الواقعات في هذه الدعوى حسبما بين من سائر أوراقها تتحصل فيما سبق وأن أحاط به الحكم الصادر بجلسة 19 يوليو 2016 والذى قضى في منطوقة بعدم اختصاص المحكمة محلياَ بنظر الدعوى واحالتها لمحكمة أسرة مدينة نصر لنظرها.
أن المدعى عقد الخصومة مع المدعى عليها للحكم بتمكين الطالب من استضافة صغيريه «زياد- ملك» يوم الجمعة الأولى والثالثة من كل شهر، وذلك من الساعة الثانية ظهراً ويبقوا بصحبته حتى الساعة الثانية ظهراَ من اليوم التالي مع حفظ كافة حقوق الطالب الأخرى، وذلك على سند من القول أن المدعى والد الصغيرين، وحيث أن المدعى قد حصل على حكم برؤية صغيريه ويرغب فى استضافتهما، الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه بطلباته سالفة البيان- حسب الحيثيات.
وتداولت-طبقاَ للحيثيات- الدعوى بالجلسات وبجلسة المرافعة الختامية مثل المدعى بوكيل والمحكمة عرضت الصلح عليه، فرفضه والنيابة فوضت الرأي للمحكمة، وحيث أنه عن موضوع الدعوى «طلب الإستضافة»، فإنه وإذا كانت قوانين الأحوال الشخصية لم تتناول رغبة أحد الأبوين فى اصطحاب الصغير لاستضافته بمسكنه أو نفت معه به لوقت محدد بعيدة بعده إلى الحاضنة، فإن أرجح الأقوال فى مذهب الإمام أبو حنيفة تكون هى الواجبة التطبيق، وذلك عملاَ لنص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون 1 لسنة 2000.
وقالت الحيثيات أن الرؤية –لغة- هى النظر بالعين والقلب، لكنها حقيقة فى العين مجازاَ فى القلب «معجم البستان، للشيخ عبد الله البستانى»، أما حضانة الصغير –لغة-فهى تربيته «معجم متن اللغة، للعلامة الشيخ أحمد رضا»، وحضانة الأم ولدها –عند فقهاء الحنفية-هى وضعه إلى جنبها وإعتزالها إياه من أبيه ليكون عنده، فتقوم بحفظه إمساكه «بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للإمام الكاسانى»، وقد قرر فقهاء الحنفية أن للأب أن ينظر إلى ولده على أن يرجع الولد قبل الليل ليبيت فى أهله «الفتاوى المهدية، للإمام محمد العباسى»، فإذا ما كانت الحضانة تقتضى للقيام بها شئون منها تربية الصغير ورعايته وحفظه فى بيته، والقيام بكافة مصالحه من طعامه وملبسه ونظافته ونحو ذلك، فإن ما يعارض تلك الشئون أخذ المحضون من يد أمه ليبيت عند أبيه.
وأكدت المحكمة فى حيثيات الحكم، إذ أن ذلك يعد شرعاَ مما يدخل فى أمور الحضانة التى تختص بها الحاضنة دون غيرها، وهو ما اتفق عليه فقهاء الحنفية برايهم الراجح فى ذلك، فلا يستقيم أن يمكن الأب من إستضافة الصغير لديه ليبت عنده لما فى ذلك من مشاركة للحاضنة فى مهامها الموكولة لها شرعاَ، والتى لا ينبغى أن يخالطها فيها أحد طالما كانت صالحة للحضانة، فإذا ما كانت الحضانة تقتضى للقيام بها شئون منها تربية الصغير ورعايته وحفظه فى بيته، والقيام بكافة مصالحه من طعامه وملبسه ونظافته.
واشارت الحيثيات إلى أنه لما كان ذلك وكان المدعى قد أقام دعواه بغية الحكم لها باستضافة الصغيرين وكانت قوانين الأحوال الشخصية قد خلت من نص ينظم أمر استضافة الصغير أو اصطحاب من له الحق فى رؤيته له للمبيت معه، وكان مؤدى نص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون 1 لسنة 2000 الأخذ بأرجح الأقوال فى مذهب الإمام أبى حنيفة عند خلو القانون من النص المنظم للمسألة موضوع البحث، وحيث أن أرجح الأقوال فى مذهب الإمام أبى حنيفة لا تعطى للأب-ومن ثم الأجداد-الحق فى اصطحاب للمبيت معه بمعزل عن حاضنته التى تتولى حفظه وتربيته، ومن ثم فلا يسمح للأب أو الأجداد سوى برؤية الصغير المحضون ثم تركه يبيت فى بيت حاضنته، ولا يقبل من أى منهم أن يتعدى على ذلك الحق، وأن يخترف سياجه ويتجاوز حدوده إلى طلب الإنفراد بالصغير بمعزل عن حاضنته بإستضافته أو المبيت معه.
وبناءاَ على ما تم ذكره، فقد بان للمحكمة أن دعوى المدعى قد جاءت بلا سند صريح من نصوص القانون الذى سكت عن تنظيم الطلب موضوع الدعوى، وبلا سند صحيح من الراجح فى المذهب الحنفى واجب التطبيق إعمالاَ لنص المادة الثالثة من مواد إصدار القانون 1 لسنة 2000، وهو ما تكون معه دعواه جديرة بالرفض بالنسبة لطلب الاستضافة.