«فيلا الشناوي» تحفة معمارية سابقا.. خرابة في ظل غياب الرقابة حاليا (صور)
السبت، 19 مايو 2018 05:00 ص
«فيلا الشناوي» ظلت لسنوات طويلة رمزا للرقي والأرستقراطية في مدينة المنصورة، فمن أول نظرة تقع عينك عليها من الخارج تشتم رائحة ماقبل منتصف القرن الماضي، وتذكرك مباشرة بفيلات أفلام الخمسينات، وما قبلها حيث المدخل الراقي ومن خلفه ممشي صغير يصل بالسيارة إلي باب الفيلا ويكمل بها إلى جراج أسفل الفيلا.
وما ان تفتح بابها لا تستطيع أن تخفي إعجابك بكل ما حولك من روعة في التصميم ولوحات زيتية علي الجدران وأرضيات خشبية، وما ان ترفع عينك للسقف تزداد إعجابا بكل ما يزخرفه من رسومات ونقوشات، وهو ما لا يقل عن سلم الفيلا المصمم بشكل غاية في الرقي وشكل الشبابيك «النوافذ»، وما بها من زجاج ملون ومزخرف وعليها رسومات وزخارف لا تقل عما يغطي جدران وديكورات هذا المكان الشديد الجمال، ولا تكاد تراها سوي في قصور وفيلات هذه الفترة وما بها من تميز وتحضر ورقي حقيقي.
مع للأسف كل هذا الجمال والرقي والتحضر لم يشفع لهذا المكان عند مافيا المباني الأثرية، ولم يمنع من يدعموا هذه المافيا من داخل الوحدات المحلية ويحموهم ويساعدوهم علي إتمام جرائهم دون أية مشكلات أو إزعاج، لم يشفع موقع الفيلا المتميز الذي يبعد خطوات عن مبني ديوان عام محافظة الدقهليه عند تلك المافيا أو يكون رادعا لهم أو نذير بعقاب حال قيامهم بإلحاق الضرر بتلك التحفة المعمارية الرائعة التي تحولت إلي خرابة بمعني الكلمة بعد أن تم تكسير وتخريب بل وحرق متعمد بها تمهيداً للمطالبة بهدمها كونها لم تعد ذات قيمة.
«فيلا الشناوي» التي كانت قبلة لمن يريد أن يمتع عينيه ببراعة التصميم ورقي الذوق المصري الأصيل، لم تعد سوي مبني خرب ومأوى لمدمني المخدرات ووكراً مستباحا للمتعاطين وممارسة الاعمال المنافية للآداب ، يلجأون إليها لممارسة فجورهم وفواحشهم بأمان، فليس هناك من يحمي هذه التحفة التي لاتزال ــ وبالرغم مما حدث بها من أعمال تخريب وحرق ــ محتفظة بطبيعتها، وبشئ قليل من الاهتمام ومحاولة إنقاذ وترميم تستطيع أن تستعيد رونقها، ومن الواجب ان يكون تنفيذ ذلك علي يد الحكومة متمثلة في الوحدة المحلية أو وزارة الثقافة، التي تستطيع أن تسترد كل مليم أنفقته علي تلك التحفة التراثية، من المالك عن طريق المطالبات، وفِي حال عدم سداده لتلك المطالبات يتم الرجوع عليه ومسألته قانونا.
وقد كانت قيمة هذه التحفة المعمارية، والخوف عليها من الضياع والتخريب، هو ما دفع «صوت الأمة» إلى النزول ورصد هذا المبني التراثي النادر، والوصول لأسباب هذه الحالة التي وصفها علاء القاضي أحد ملاك العقارات المجاورة للفيلا، الذي قال إن هذه الحاله لا ترضي أحدا كائن من كان أن يتم محو هذا الجمال، وتخريبه بهذه الوحشية وأن من يفعل هذا الجرم لا يمكن أن يكون إنسانا.. مضيفا: «دا المحتل أما بيدخل بلد بيحافظ علي ما بها من آثار ومظاهر جمالية، فكيف لمواطن طبيعي أن يفعل تلك الجريمة ضد معلم من معالم بلده».
وهو نفس ما أكده اللواء طيار سيد خضر أمين عام حزب المؤتمر بالدقهلية وأحد المقيمين بجوار هذه التحفة المعمارية، والذى أضاف أن ما حدث في هذه الفيلا صورة بشعة من صور الفساد في الإدارات الهندسية، وليس في هذه الفيلا فقط، بل إن منطقة المختلط الموجودة خلف الفيلا تتميز بتلك العقارات الأثرية والتي يتعمد ملاكها أو من يشتريها بثمن بخس منهم بغرض تخريبها لهدمها، وإعادة بنائها أبراجا سكنية وتحقيق أرباح طائلة بطرق غير مشروعة وأنه لو لم يكن هناك فساد في الإدارات الهندسية لما استطاع أحد الإقدام علي مثل هذه الأعمال الإجرامية.
كما شدد «خضر» علي ضرورة ظهور دور ملموس لمجلس النواب بهذا الشأن ، سواء علي المستوي التشريعي بإصدار ما يلزم من تشريعات وعلي المستوي الرقابي بضرورة متابعة أعمال تلك القوانين وسيادتها لردع ضعاف النفوس من المخربين ومن يغض الطرف عنهم.
«رفضت البيع حرصا علي تاريخ عائلتي ومدينتي، لكن يد التخريب كانت أطول وأقوي وأسرع من قدراتي في الحفاظ علي هذا التاريخ».. بهذه الكلمات عبر «محمود محفوظ» أحد ورثة هذه التحفة النادرة عن مدي تألمه على هذا التاريخ الذي يذبح بدم بارد دون أي محاولة لردع أو إيقاف هذه المذبحة التراثية أو مساعدة من يحاول إيقافها.
وقال حسام عبداللطيف رئيس حي شرق، إن «الفيلا مسجلة في دفاتر المباني الأثرية ولا يجوز التعامل عليها من خلال الحي بأي إجراءات لرخص هدم أو بناء وأنه منذ تولي الدكتور أحمد الشعراوي مقاليد المحافظة أعطي تعليمات مشددة بضرورة المتابعة اليومية لمثل هذه المباني الأثرية للحفاظ عليها، وعدم زيادة التعديات عليها عما وصلت إليه، ومن وقتها قامت رئاسة الحي بوضع حاجز خرساني حول المبني للحد من التعدي، ومنع دخول أي معدات ثقيلة إليها بغرض التخريب وهو ما سيطر علي الأمر وأوقفه».
وعن اقتراح بإجراءات يتخذها الحي لترميم الفيلا وإعداتها إلى ماكانت عليه تحت إشراف لجنه من كلية الهندسة ووزارة الثقافة، وعلي نفقة المالك: قال «حسام» إن مثل هذه المباني الأثرية شديدة الحساسية، وأن لجنة المباني الآثرية بالمحافظة هي من يجب الرجوع إليه في مثل تلك القرارات، ونحن كرئاسة للحي نلتزم بالتنفيذ فور صدور قرار من اللجنة حفاظا علي التراث الأثري والمظهر الحضاري لمدينة المنصورة.