قصة منتصف الليل.. روح بنت في جسد رجل
الأربعاء، 16 مايو 2018 08:00 مأحمد سامي
ما أقصي أن يفرض عليك الواقع أن تعيش بإحساسين مختلفين، وتضطر أن تحبسه داخل ذاتك، فلا أنت تستطيع تغييرشكلك ليتناسب مع هويتك، ولا تتقبل أن تعيش تمتلك جسدًا يخالف تصرفاتك وميولك ، وفي نهاية الصراع النفسي تصبح مطرودًا من المجتمع.
جلس حسين أو كما يسمي نفسه " ولاء " بين زملائه في جلسات العلاج النفسي التي يحرص علي حضورها كل أسبوع فهي بمثابة المنقذ أمامه للحصول علي ورقة تحول حياته للوصول إلي تحقيق الاتساق النفسي والجسدي وإنهاء معاناته، مع المحيطين به، فمنذ طفولته وهو يشعر أنه منبوذ من عائلته وأصدقائه في المدرسة.
قبل سبعة عشر عاما أنجبت "ليلي" طفلًا جميلًا يشبه في ملامحه الفتيات إلي حد كبير ولكنه ولد كامل مكتمل، أطلق عليه والده اسم "حسين" وحرص علي تربيته علي الأخلاق الحميدة فهو الابن الوحيد بين ثلاث فتيات وسند والده، ولذا كان يحرص علي الشدة في معاملته وعدم التهاون في أخطاءه .
بلغ الطفل خمسة سنوات وبدأت مشاعره تتجه نحو اللعب مع شقيقاته والفتيات من أقاربه دون الأولاد فهو يبتعد عنهم، ورغم نهره من قبل والده أكثر من مرة إلا أنه ظل علي موقفه فهو لا يشعر بالارتياح في التعامل مع أبناء أخواله وأعمامه من الذكور، وإزاء رفض والده لمشاركة البنات في اللعب، أغلق علي نفسه الأبواب وبدأ باللعب بمفرده ،ليسرق العرائس من شقيقاته ويحتفظ بها في غرفته وكذلك يستولي علي ملابسهم ويقوم بارتدائها دون أن يدري والديه.
التحق حسين بالمدرسة وكبر معه إحساسه بأنه يكره التعامل مع بني جنسه ويشعر بداخله أنه فتاة ، يجلس إلي جوار زميلاته ويشاركهم اللعب أثناء الفسحة، الأمر الذي أثار دهشة مدرسية وأصدقائه من الأولاد وبدأت والدته تتلقي الشكاوي من طريقته الأقرب إلي البنات.
حاولت الأم التحدث إلي نجلها والوصول إلي سبب لتصرفاته ليؤكد أنه يشعر بداخله بكونه فتاة ولا يميل للتعامل مع بني جنسه من الأولاد وعقله يرتبط بشكل أكبر بالبنات، نزلت الكلمات كالصاعقة علي قلب الأم لتقرر اصطحاب طفلها للطبيبة للكشف عليه ومعرفة هل أعضائه الذكورية مكتملة أم لا، لتؤكد أنه رجلًا ولا يعاني من أي مشاكل عضوية وقد يكون الأمر نفسيا.
أفضت الأم بسر ابنها لأبيه لينهال عليه ضربا ويمنعه من الاقتراب من الفتيات سواء بالمنزل أو المدرسة وأن الحرق سيكون جزاؤه في حالة مخالفة أوامره، أمام العقوبات المفروضة عليه والتحذيرات رضخ الابن لكلمات والده رغم الرفض الشديد من داخله لذكورته.
ما أن أتم عامه الثامن عشر وألتحق بالكلية بدأ الطفل في التحرر من تعليمات والده، وبدأ في البحث عن توصيف لحالته فهو عقل وروح بنت في جسد رجل، ليجد العديد من التعريفات والشخصيات المشتركة لنفس حالته وأن هناك حلول كثيرة لعلاجه منها تناول المواد المنشطة لهرومانات الأنوثة حتى تظهر عليه علامات البنات وكذلك إجراء عمليات التحول الجنسي .
قرر "حسين" خوض المواجهة مع والده وإقناعه بإحساسه وما يعانيه، ومجرد الانصياع لأوامره أمر لا يستطيع الاستمرار في تنفيذه ،وعليه فلابد من مرافقته للطبيب النفسي والتأكد من أزمته، ولكن والده قابل هذا بالرفض وطرده من المنزل بدعوي أنه سيجلب العار لشقيقاته بأفعاله الشاذة ،وعليه فقد أصبح في الشارع يجهل هويته ويرفض رجولته ولا يعرف كيف يتصرف؟.