حيثيات حكم بطلان القرارات الجزائية للنيابة الإدارية: «القرارات اغتصاب للاختصاص»
الثلاثاء، 15 مايو 2018 04:00 م
حصلت «صوت الأمة» على حيثيات حكم محكمة القضاء الإداري برأس البر بطلان القرارات الجزائية الصادرة من لجان التأديب بالمكتب الفني للنيابة الإدارية.
المحكمة فى حيثيات الحكم، الصادر لصالح عمرو وادى المحامى، قالت فى الدعوى رقم 71 لسنة 7 ق و الصادر من المحكمة التأديبية لمحافظة دمياط برأس البر، والقاضي ببطلان قرار لجنة التأديب بالمكتب الفني لهيئة النيابة الإدارية رقم 193 لسنة 2017 م بإلغاء قرار جهة الإدارة رقم 902 لسنة 2017 م الصادر تنفيذاً لقرار لجنة التأديب.
تعد صارخ على مبدأ الفصل بين السلطات
و جاء بأسباب الحكم أن القرار 129 لسنة 2016 م نموذجاً مثالياً لعيب عدم الاختصاص الجسيم الذي ينحدر بالقرار إلى حد الانعدام و يفقده كل قيمة قانونية و لا يعد سوى عملاً مادياً لا تترتب عليه أية آثار قانونية، ويمثل إهدار لفكرة الدولة القانونية التي تقوم على احترام الدولة وسلطاتها للدستور و القانون، و يعتبر تعد صارخ على مبدأ الفصل بين السلطات - التشريعية و التنفيذية و القضائية - و عدم تدخل أي منهم في عمل الآخر، وهو ما يتعين معه و لازمه بطلان تشكيل لجان التأديب والتظلمات المشكلة طبقاً له و كذا انعدام ما تم أمامها من إجراءات وما تأخذ من قرارات أو تصرفات ومنها القرار المطعون فيه الذي يعد عملاً مادياً معدوم الأثر - بحسبان أن ما بني على باطل فهو باطل - و من ثم يغدو القرار الطعين باطلاً بطلاناً مطلقاً، و ما يترتب عليه من آثار أخصها القرار التنفيذي الصادر من جهة الإدارة تنفيذاً لقرار لجنة التأديب المذكور.
وقالت المحكمة فى حيثيات الحكم إن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي يرسى القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ويقرر الحريات والحقوق العامة، ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ويحدد لكل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وظائفها وصلاحياتها، ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها بما يحول دون تدخل اى منهما في أعمال السلطة الأخرى أو مزاحمتها فى ممارسة اختصاصاتها التي ناطها الدستور بها .
( حكم المحكمة الدستورية فى الدعوى رقم 13 لسنة 12قدستورية جلسة 2_2_ 1992) .
وأكدت حيثيات الحكم إن دولة القانون، هي التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها - أيا كانت وظائفها أو غاياتها بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هي جاوزتها، فلا تتحلل منها، ذلك أن سلطاتها هذه وآيا كان القائمون عليها -لا تعتبر امتيازا شخصيا لمن يتولونها، ولا هي من صنعهم بل أسستها إرادة الجماهير في تجمعاتها على امتداد الوطن، وضبطتها بقواعد أمرة لا يجوز النزول عنها، ومن ثم تكون هذه القواعد قيدا على كل أعمالها وتصرفاتها ، فلا تأتيها إلا في الحدود التي رسمها الدستور ، وبما يرعى مصالح مجتمعها .
وأشارت إلى أن مضمون القاعدة القانونية التي تعتبر إطارا للدولة القانونية، تسمو عليها وتقيدها إنما يتحدد من منظور المفاهيم الديمقراطية التي يقوم نظام الحكم عليها على ما تقضى به المواد من الدستور على ضوء المعايير التي ألتزمتها الدول الديمقراطية في ممارستها لسلطاتها واستقر العمل فيها بينها على انتهاجها باطراد في مجتمعاتها ، فلا يكون الخضوع لها إلا ضمانا لحقوق موطنيها وحرياتهم بما يكفل فيها انتهاجها باطراد في مجتمعاتها.
وأكدت المحكمة أن دستور جمهورية مصر العربية لعام 2014 أوكل سلطة التشريع-بحسب الأصل-إلى مجلس النواب المنتخب، وأجاز- على سبيل الاستثناء- لرئيس الجمهورية ممارسة سلطة التشريع في إطار الضوابط المنصوص عليها فى المادة 156، كما جاء بالفصل الثالث من الدستور تنظيماَ متكاملاَ للسلطة القضائية من حيث تحديد الهيئات التى تمثل فى مجموعها هذه السلطة واختصاص كل منها، ومن ضمنها هيئة النيابة الإدارية التى تختص بالتحقيق فى المخالفات الإدارية والمالية، وتتولى أمانة تحريك ومباشرة الدعوى التأديبية أمام المحاكم التأديبية بمجلس الدولة، والتى أضاف لها الدستور الحالى اختصاص جديد وهو سلطة توقيع الجزاءات التأديبية.
اغتصاب اختصاص محجوز للسلطة التشريعية
وأضافت الحيثيات أن الدستور الحالي قد خلا من ثمة نص ينظم لجان التأديب والتظلمات المشار إليها-صراحة أو ضمناَ- أو يمنح رئيس هيئة النيابة الإدارية الاختصاص بتنظيمها، كما أن القانون رقم 81 لسنة 2016 بشأن الخدمة المدنية، وإن كان أعطى لهيئة النيابة الإدارية سلطة توقيع الجزاء إلا أنه لم يتضمن آلية ممارسة النيابة الإدارية لهذا الاختصاص، فضلاَ عن خلو قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية من أي نص بشأن ممارسة هيئة النيابة الإدارية رقم 129 لسنة 2016 م تنطوي على اغتصاب اختصاص محجوز للسلطة التشريعية.
عيب عدم الاختصاص
وأوضحت الحيثيات أن الدستور وقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 م وقانون إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية رقم 117 لسنة 1958 م لم يتضمنوا تنظيم ممارسة النيابة الإدارية لسلطة توقيع الجزاء، كما أنه لم يصل إلى على المحكمة صدور أي قانون –من السلطة المختصة- في هذا الشأن، فمن ثم يكون رئيس هيئة النيابة الإدارية-فى هذا المقام-قد مارس سلطة التشريع، وهو ما يجعل من القرار رقم 129 لسنة 2016 نموذجاَ مثالياَ لعيب عدم الاختصاص الجسيم الذي ينحدر بالقرار إلى حد الانعدام ويفقد كل قيمة قانونية، ولا يعد سوى عملاَ مادياَ لا تترتب عليه أية أثار قانونية.