ليتنا نُدرك الأنوثة الجديدة

الأحد، 13 مايو 2018 10:50 ص
ليتنا نُدرك الأنوثة الجديدة
مجدى أبو زيد يكتب:

لا شك ان كلمة «أنوثة» من أحب وأجمل الكلمات التي تصيب قلب المرأة بفيض من الغبطة والسعادة حين تسمعها. ولا يمكن أن نتوقع تسامح المرأة مع أي انسان يحاول التقليل من أنوثتها. لكن المشكلة تكمن في أن الكثيرين من الرجال والنساء أيضاً يحصرون الأنوثة في الشكل الخارجي فقط، وكأنهم بذلك يخلطون بين الأنوثة والجمال. فليست كل امرأة جميلة مترعة بالأنوثة، وإلا ما كنا سمعنا عن الجمال البارد. ولو نظرنا إلى عالم الرجال، قياساً على ما سبق، سنجد أن معظمنا لا يفرق بين الرجولة والذكورة، فالأولى طبع يـُزّين أخلاق الرجال، والثانية تتعلق بالتكوين الفسيولوجي.

 لكن مع خروج المرأة إلى العمل واقتحامها مجالات التعليم والثقافة والإبداع والسياسة والإدارة، برزت أنوثة من نوع جديد لم يألفها الرجال وهي «أنوثة العقل» حيث تفوح رائحة الذهن المعطر بالوعي والذكاء والادراك.. لذلك كان لزاماً علينا أن نفرح بالعقل الأنثوي، بعد أن حشرت أنوثة المرأة لقرون عدة في خانة الوجه والجسد والصوت، وعلى الرجل أن ينتبه لهذه الأنوثة الجديدة فهي نعمة إلهية تستحق التقدير والاحتفاء بها،  وهو الخطأ الذي وقع فيه رجل بحجم جان بول سارتر فيلسوف فرنسا الراحل، ففي أحد الحوارات الصحفية قال إنه يُفضّل الحديث مع النساء أكثر من الرجال، خاصة اذا كن لا يتحدثن في السياسة أو الثقافة، وإنه نادم على وقوفه إلى جانب فكرة تحرير المرأة، بحجة أنها إذا تحررت فسوف تتكلم في مجالات شتى، فتفقد أنوثتها وتتشبه بالرجال المقيتين. ولا ندري لماذا ربط «سارتر» متعة الحديث مع النساء بعدم كلامهن في السياسة والثقافة وغيرها؟.. إنه سؤال يحتمل أكثر من إجابة، منها أن سارتر ربما أصابه الضجر من المثقفين والسياسيين الرجال وانتاب فكره الملل والرتابة، ليكتشف أن الإحساس بالحياة يكون بعيداً عن ثرثرة الفكر والأفكار، وأن يكون بالجلوس مع النساء غير المثقفات أو غير الفاهمات كأحد وجوه التمتع بالحياة. والاحتمال الثاني، في زعمنا، هو أن الأديبة سيمون دي بفوار، صديقته الشهيرة، قد أرهقته بالحديث عن مشاكل الوعي وحقوق النساء. لذلك نقول إذا كان من حق هذا المفكر وغيره أن يتراجعوا عن قناعاتهم لأسباب تخصهم، فإنه من حقنا أن نطالب بإفساح الطريق للمرأة المثقفة والواعية. من حقنا أن نستمتع بالأنوثة العقلية للمرأة من حيث الذكاء واللباقة والذهن المتوقّد بعد أن أُتخمنا بالجمال الفارغ ذي العقل الأجوف .. اسألوا قنواتنا الفضائية العربية!

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق