مولد الإمام عبد الحليم محمود

السبت، 12 مايو 2018 04:00 م
مولد الإمام عبد الحليم محمود
الإمان عبد الحليم محمود
زينب وهبه

في مثل هذا اليوم الثاني 12 مايو، تأتي ذكرى مولد الإمام «عبد الحليم محمود»، العالم الأزهري الجليل، ووزير الأوقاف الأسبق، وشيخ الأزهر الشريف في الفترة 1973 و 1978.

ولد الإمام عبد الحليم محمود، في 2 من جمادي الأولى 1328 هجرياً، الموافق 12 من مايو 1910 ميلادياً، بعزبة أبو أحمد قرية السلام مركز بلبيس محافظة الشرقية، نشأ في أسرة كريمة، مشهورة بالصلاح والتقوى.

التحق عبد الحليم محمود، بالأزهر الشريف، سنة 1923، وحصل على العالمية سنة 1932 ميلادياً، ثم سافر إلى فرنسا لاستكمال تعليمه العالي، حيث حصل على الدكتوراة في الفلسفة الإسلامية عام 1940.

وبعد عودته من فرنسا، عمل مدرساً لعلم النفس بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، ثم عميداً لكلية أصول الدين عام 1964،  كذلك تقلد منصب عضو مجمع البحوث الإسلامية، ثم أميناً عاما له، وبعد ذلك وكيلا للأزهر عام 1970، إلى أن أصبح وزيرا للأوقاف وشئون الأزهر.

تولى الإمام عبد الحليم محمود، منصبه بمشيخة الأزهر، في ظروف صعبة، فبعد مرور أكثر من 10 سنوات على صدور قانون الأزهر عام 1961، بتوسع العلم المدني وتقليص دور شيخ الأزهر، استطاع استعادة هيبة الأزهر وشيخه.

بعد أن صدر قرار تعينه الإمام عبد الحليم محمود شيخ الأزهر عام 1973، أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات، قرارا جديدا عام 1974 يكاد يجرد شيخ الأزهر من اختصاصاته ويمنحها لوزير الأوقاف، فتقدم  الأول باستقالته لرئيس الجمهورية، معترضا على القرار الذي كان يرى أنه يعوقه عن أداء رسالته الروحية في مصر والعالم، وأصر الشيخ على استقالته وامتنع عن الذهاب إلى مكتبه، وطلب تسوية معاشه رغم تدخل الحكماء لإثنائه عن قراره .

 كانت لهذه الإستقالة، دوياً هائلاً داخل مصر، وفي أنحاء العالم الإسلامي، وقام أحد المحامين برفع دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية، مما اضطر أنور السادات معاودة النظر في قراره وأصدر قرارا، جاء فيه أن شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل مايتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرئاسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية والعربية في الأزهر، وأن يعامل شيخ الأزهر معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش، كما أن له الأسبقية في الترتيب قبل الوزراء مباشرة، وانتهت الأزمة وعاد الشيخ عبد الحليم محمود إلى منصبه.

كانت استقالة الشيخ عبد الحليم محمود، سببا في صدور قرار جمهوري بمساواة منصب شيخ الأزهر بمنصب رئيس الوزراء، إلا أن القرار صدر بعد وفاته.

كان للأزهر في عهد الإمام عبد الحليم محمود، رأي ومقال في كل قضية وأمر يتعلق بالمسلمين، كما أنه شهد توسعات كبيرة في إنشاء المعاهد الأزهرية، فزادت على نحو لم يعرفه الأزهر من قبل.

كان للشيخ عبد الحليم محمود، مقولة شهيرة في تطبيق الشريعة الإسلامية، إذ قال (لقد آن الأوان لإرواء الأشواق الظامئة في القلوب إلى وضع شريعة الله بيننا في موضعها الصحيح، ليبدلنا الله بعسرنا يسرا وبخوفنا أمنا).

ولم يكتف الإمام، بإلقاء الخطب والمحاضرات وإذاعة الحديث، بل اتخذ طريق الجهاد العلمي، حيث كون لجنة بمجمع البحوث الإسلامية لتقنين الشريعة الإسلامية في صيغة مواد قانونية، تسهل استخراج الأحكام الفقهية على غرار القوانين الوضعية، فأتمت اللجنة تقنين القانون المدني كله في كل مذهب من المذاهب الأربعة.

أصدر الإمام عبد الحليم محمود، 60 مؤلفاً، في التصوف والفلسفة، بعضها بالفرنسية، ومن أشهر كتبه: أوروبا والإسلام والتوحيد الخالص أو الإسلام والعقل، أسرار العبادات في الإسلام، والتفكير الفلسفي في الإسلام، والقرآن والنبي، والمدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي.

كانت حياة الشيخ والإمام الرباني عبد الحليم محمود، مليئة بالجهد المتواصل والإحساس بالمسؤلية فلم، يعتمد على لقبه أو منصبه فخدم الإسلام والمسلمين بكل ما أوتي من قوة، لدرجة إحساس الناس فيه بقوة الإيمان وصدق النفس، فكان يتم استقباله مقابلة ملوك ورؤساء، وبعد هذا النشاط الهائل طيلة حياته، شعر بآلام شديدة بعد عودته من الأراضي المقدسة، فأجرى عملية جراحية توفي على إثرها يوم 15 ذو القعدة 1397هجرياً، الموافق 17 من أكتوبر 1978، خلد من بعده ذكرى طيبة ونموذج وقدوة لشيخ الأزهر.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق