"2015" عام "هبة القدس" وحرق عائلة دوابشة ورفع علم فلسطين فوق الأمم المتحدة
الخميس، 31 ديسمبر 2015 11:01 ص
شهد العام 2015 أحداثا عديدة فى الملف الفلسطيني تمزج بين الألم والأمل كان على رأسها حرق عائلة دوابشة في نابلس على يد مستوطنين متطرفين وانسداد الافق السياسي نتيجة التعنت الإسرائيلي وتواصل الاستيطان، واستمرار الانقسام والخلافات العاصفة بين حركتي فتح وحماس.
كما شهد رفع العلم الفلسطيني فوق مقر الأمم المتحدة بنيويورك، وانضمام فلسطين رسميا إلى محكمة الجنايات الدولية ، والمزيد من الاعترافات الدولية بدولة فلسطين ،وقرار المجلس المركزي الفلسطيني بتحديد العلاقات مع اسرائيل ووقف التنسيق الأمني، بالإضافة إلى تفجر الهبة الشعبية أو ما يطلق عليه اعلاميا بـ"انتفاضة السكاكين" في الأراضي الفلسطينية احتجاجا على استهداف المسجد الأقصى المبارك ومحاولات تقسيمه زمانيا ومكانيا.
وبدأ العام بقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجميد تحويل مبلغ 500 مليون شيكل (125 مليون دولار) إلى السلطة الفلسطينية ، ردا على تقدمها بطلب للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية في "لاهاي".
واستمر تجميد أموال الضرائب التي تحصلها إسرائيل نيابة عن السلطة على السلع والبضائع والخدمات الفلسطينية الصادرة والواردة عبر الحدود حتى 27 مارس حتى قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإفراج عن الأموال المحتجزة.
وردا على تنكر إسرائيل لالتزاماتها واستمرار تعثر مفاوضات السلام وتجسيدا للاعتراف بدولة فلسطين "عضو مراقب" في الأمم المتحدة، ، انضمت فلسطين رسميا في الاول من ابريل إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي،وهو ما يشكل خطوة نحو إنهاء حقبة غياب المساءلة والإفلات من العقاب التي اعتمد عليها الاحتلال للهروب من المحاكمات الدولية ضد جرائمه المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.
استمرار الانقسام:
واستمرت هذا العام الخلافات بين فتح وحماس وتبادلت الحركتان الاتهامات والتراشق الاعلامي وتحميل كل طرف للآخر مسئولية استمرار الانقسام.
وراوحت المصالحة بين أكبر فصيلين على الساحة الفلسطينية مكانها رغم محاولات عدة لحلحلة الجمود في العلاقة وانهاء الانقسام ومنها قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في 20 مارس توجه وفد موحد يضم ممثلين عن مختلف فصائل العمل الوطني إلى قطاع غزة للبدء بحوار شامل بمشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي من أجل تنفيذ جميع ما جرى التوصل إليه في الاتفاقيات السابقة، وما اتخذه المجلس المركزي (لمنظمة التحرير) من قرارات بشأن المصالحة الوطنية.
وفي مطلع أكتوبر ، أعلنت مصادر في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أنه سيتم تشكيل وفد من أعضائها للتوجه إلى غزة ولقاء حركة حماس بغرض بحث الإنهاء الجدي للانقسام الداخلي المستمر منذ منتصف عام 2007 وتشكيل حكومة وحدة وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية إلى جانب التحضيرات الجارية لعقد اجتماعات المجلس الوطني.
هدنة طويلة في غزة
وخلال العام ، شهدت الساحة الفلسطينية جدلا صاخبا حول وجود مفاوضات تجرى بوساطة أوروبية يقودها تونى بلير مبعوث اللجنة الرباعية الدولية السابق بين حركة "حماس" وبين إسرائيل للتوقيع عن "هدنة طويلة الأمد" في قطاع غزة، مقابل رفع الحصار المفروض على غزة بما يشمل فتح كافة المعابر وادخال كافة المواد والبضائع اللازمة للقطاع والسماح بإنشاء الميناء بحري في القطاع .
وألقى الحديث عن هذه الهدنة بظلاله على المصالحة المتعثرة بين فتح وحماس ، ففي الوقت الذي نفت فيه حماس وجود مفاوضات مباشرة بينها وبين إسرائيل أو قبولها بإقامة دولة ذات "حدود مؤقتة" في قطاع غزة وتأكيدها أنه "لا دولة في غزة ولا دولة دون غزة"، فإن حركة فتح وفصائل أخرى في منظمة التحرير اتهمتها بالسعي لفصل غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية ونسف المشروع الوطني الفلسطيني.
تعديلات وزارية:
وشهد عام 2015 تعديلين وزاريين محدودين أجراهما الرئيس محمود عباس "أبو مازن" على حكومة التوافق الوطني التي يترأسها رامي الحمد الله ، الأول في 30 يوليو بعد أن أدى خمسة وزراء اليمين الدستورية لاستلام حقائب في الحكومة الفلسطينية ،والثاني في 14 ديسمبر باختيار ثلاثة وزراء جدد للعدل والثقافة والشؤون الاجتماعية.
وفي 25 مارس، قام الحمد الله بزيارة إلى قطاع غزة استمرت يومين بحث خلالها مع ممثلي الفصائل ومن بينها فتح وحماس المشاكل التي يعاني منها القطاع وعلى رأسها أزمة الكهرباء وقضية الموظفين واعادة اعمار ما دمرته الحرب الاسرائيلية في صيف 2014.
كما قام وزراء في حكومة التوافق من الضفة الغربية بزيارة إلى غزة في 19 أبريل لمباشرة عملهم من وزاراتهم تنفيذا لقرارات مجلس الوزراء الفلسطيني بتقاسم الدوام للوزراء أسبوع في غزة وأسبوع في الضفة،غير أنهم غادروا القطاع بعد يوم واحد بعد تعثر مهمتهم بالدوام في وزاراتهم بسبب خلافات مع حماس حول قضية الموظفين.
ونظم موظفو حكومة غزة السابقة التي كانت تديرها حماس سلسلة اضرابات وفعاليات احتجاجية من وقت لآخر على مدار العام لمطالبة حكومة التوافق بصرف رواتبهم ودمجهم في الأطر القانونية للسلطة الفلسطينية.
أزمة الأونروا:
وشهدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في منتصف مايو أزمة حادة في موازنتها التشغيلية قدرت بنحو 101 مليون دولار وهو ما هدد خدماتها المقدمة لنحو 2ر1 مليون لاجىء في قطاع غزة من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 9ر1 مليون نسمة ومنها الوظائف والتعليم والصحة.
وهددت الأزمة بتأجيل العام الدراسي في مدارس الأونروا عن موعده ، إلى أن حدثت الانفراجة في 19 أغسطس عقب تبرع كل من السعودية والكويت والإمارات (شكلت مساهماتهم ما يزيد قليلا عن نصف العجز المالي للميزانية لعام 2015)، والولايات المتحدة الأمريكية، وسويسرا، والمملكة المتحدة، والنرويج، والسويد وسلوفاكيا بنحو 79 مليون دولار.
وأعلنت "الأونروا" في 14 سبتمبر عن تعيين الدانماركي "بو شاك" مديرا جديدا لعملياتها في قطاع غزة خلفا للكندي روبرت تيرنر الذي استقال من منصبه في منتصف يوليو لأسباب قال إنها شخصية.
أوروبا تدعم الفلسطينيين
وخلال العام المنصرم ، كثف الاتحاد الأوروبي مساعيه لاستئناف العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين التي توقفت منذ فشل جولة المفاوضات التي أجريت بوساطة أمريكية لمدة تسعة أشهر خلال الفترة من 30 يوليو 2013 وحتى 29 أبريل 2014.
وزار الأراضي الفلسطينية عدد من كبار المسئولين الأوروبيين على رأسهم مفوضة السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موجيريني ووزير الخارجية الألماني فرانك فالتير شتاينماير ووزير الخارجية النرويجي بروغ برنده..كما طرحت فرنسا مبادرة لاستئناف المفاوضات ولإعادة الحياة للعملية السياسية المتعثرة ، لكنها لم تر النور بعد.
وفي 11 نوفمبر، أقرت مفوضية الاتحاد الأوروبي وسم منتجات المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة بملصقات تدل على المنشأ وتميزها عن تلك الآتية من إسرائيل، في خطوة سارعت السلطة الفلسطينية إلى الترحيب بها معتبرة أنها إيجابية، وإن كانت غير كافية، فيما جاء الموقف الإسرائيلي تصعيديا، عبر إدانة القرار والتحذير من عواقبه المحتملة، واستدعاء مندوب الاتحاد الأوروبي وتوبيخه، إضافة إلى اتخاذ قرار بتعليق الحوار الدبلوماسي مع الاتحاد في مختلف المجالات.
كما شهد عام 2015 توالي الاعترافات الرمزية بدولة فلسطين ، ومنها مصادقة البرلمان البلجيكي في الخامس من فبراير على مشروع قرار يدعو إلى الاعتراف بدولة فلسطين، تبعه الفاتيكان والذي اعترف رسميا بفلسطين في 13 مايو.
وفي 22 ديسمبر، قرر البرلمان اليوناني بالأغلبية رسميا الاعتراف بدولة فلسطين، بحضور رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وحمل القرار صفة "توصية" للحكومة اليونانية بالاعتراف رسميا بدولة فلسطين.
وخلال العام كذلك، زار عدد من المسئولين الدوليين ووزراء خارجية أوروبيون قطاع غزة أبرزهم مبعوث اللجنة الرباعية الدولية السابق توني بلير ووزراء خارجية ألمانيا والتشيك وممثلة السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي للاطلاع على الأوضاع الاقتصادية والانسانية الصعبة في القطاع جراء الحصار الإسرائيلي.
وفي 29 أبريل، قام منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف (بلغاري الجنسية) بأول زيارة لغزة منذ توليه مهام منصبه خلفا للهولندي روبرت سيري الذي شغل هذا المنصب منذ عام 2007 وارتبط اسمه بعملية إعمار قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية في صيف 2014 من خلال ما يعرف بـ"خطة سيري".
حرق عائلة دوابشة
وكان الحدث الدامي والمؤلم الذي أثار غضبا فلسطينيا وعربيا ودوليا عارما في 2015 ، هو اقدام مستوطنين يهود متطرفين فجر يوم الجمعة 31 يوليو على حرق منزل يعود لعائلة دوابشة الفلسطينية في قرية دوما جنوب مدينة نابلس بالضفة الغربية، فيما كانت الأسرة داخله، ما أسفر عن استشهاد الرضيع الفلسطيني علي دوابشة (18 شهرا) ، وإصابة شقيقه أحمد (4 سنوات) ووالديه بحروق خطيرة، قبل أن يلحق به والده في أغسطس ووالدته في سبتمبر متأثرين بإصابتهما في الحريق.
المجلس الوطني
وفي 22 أغسطس ، قدم الرئيس "أبو مازن" وتسعة من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية استقالاتهم قائلا إن اللجنة "حكومة دولة فلسطين وتمثل كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ونحن بحاجة الى تفعيلها".
وبعدها بأيام ، أعلن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان منظمة التحرير) سليم الزعنون أنه سيتم الدعوة لعقد جلسة عادية للمجلس برام الله يومي 14 و15 سبتمبر من أجل انتخاب لجنة تنفيذية جديدة بعد استقالة عشرة من أعضائها من أصل 18 عضوا.
وفي 9 سبتمبر، أعلن الزعنون رسميا تأجيل عقد جلسة المجلس الوطني بناء على طلب عدد من الفصائل بهدف إتاحة الفرصة أمام مزيد من المشاورات.
علم فلسطين يرفرف فوق الأمم المتحدة:
وكان الفلسطينيون على موعد مع رفع علم بلادهم لأول مرة فوق مقر الأمم المتحدة بنيويورك في الثلاثين من سبتمبر، تنفيذا لقرار الجمعية العامة في 11 سبتمبر بغالبية (119) صوتا، ومعارضة (8) دول، وامتناع (45) دولة عن التصويت رفع علم فلسطين إلى جانب أعلام دول العالم الأخرى أمام المقار الرسمية للأمم المتحدة في نيويورك وجنيف وفيينا.
وعلى هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة، رفع الرئيس "أبو مازن" علم فلسطين أمام مقر الأمم المتحدة، بحضور الأمين العام بان كي مون ووزراء ومندوبي عدد من الدول الغربية والعربية والإسلامية.
كما أعلن "أبو مازن" في خطابه أمام الأمم المتحدة في 30 سبتمبر أن الجانب الفلسطيني لا يمكنه الاستمرار بالالتزام بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، ما دامت مصرة على عدم الالتزام بها، مطالبا إياها بتحمل مسؤولياتها كسلطة احتلال.
"انتفاضة القدس":
فجرت "جريمة دوما" وتواصل الاستيطان والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك من قبل المستوطنين المتطرفين بحماية شرطة الاحتلال ومحاولات تقسيمه زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود غضبا عارما بين الفلسطينيين ودفعتهم إلى الانتفاض في وجه الاحتلال في هبة شعبية أفشلت تقسيم الأقصى، وما زالت متواصلة منذ مطلع أكتوبر وحتى اليوم، وراح ضحيتها قرابة 142 شهيدا وأكثر من 15 ألف جريح في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.
وما يزال الاحتلال يحتجز جثامين عشرات الشهداء قتل جلهم بدم بارد في مشاهد إعدام ميداني علنية صورتها الهواتف المحمولة والكاميرات الثابتة التي فضحت إجرامه بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.
ومع أفول عام 2015، قررت حركة "فتح" في العشرين من ديسمبر استئناف مشاركتها في اجتماعات لجنة القوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة عقب مقاطعتها لأكثر من عام على خلفية التفجيرات التي طالت منازل قيادات الحركة في نوفمبر 2014 وعدم كشف حماس عن المتورطين في هذه التفجيرات.
7 آلاف حالة اعتقال:
شنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حملات اعتقالات طالت 6830 فلسطينيا في الضفة الغربية والقدس المحتلة وقطاع غزة خلال عام 2015، بزيادة 7ر12 في المائة عن العام الماضي 2014، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين.
وأوضحت الهيئة الفلسطينية (حكومية)أن سلطات الاحتلال اعتقلت 4075 فلسطينيا من الضفة بنسبة 60 في المائة من عدد المعتقلين، و2353 معتقلا في القدس بنسبة 5ر34 في المائة، و232 معتقلا من غزة (في البحر وعلى الحدود وعبر معبر بيت حانون "إيرز")، كما سجلت قرابة 170 حالة اعتقال في الداخل الفلسطيني (عرب48 من حملة الهوية الإسرائيلية) .