«صوت الأمة» تكشفه بالمستندات.. الدور الأمريكي الغامض في قضية احتكار الأدوية

الأربعاء، 09 مايو 2018 05:00 م
«صوت الأمة» تكشفه بالمستندات.. الدور الأمريكي الغامض في قضية احتكار الأدوية
أدوية
كتب- إبراهيم الديب

- دراسة أعدها المكتب المشبوه لتصفية شركات الدواء المصرية لصالح رأس المال الأجنبى فى برنامج الخصخصة

- ​قرار المحكمة الاقتصادية فى قضية الاحتكار ليس نهائيا

- «بيكر آند ماكينزى» تسبب فى خسارة مصر 109 مليارات دولار بحسب تقرير واشنطن بوست عام 2011 

- صدمة.. تراجع الشركات المصرية العاملة فى أسواق أدوية الفيروسات الكبدية التى دخلت للمراكز الأولى خلال العامين الماضيين

حكاية قضية احتكار الأدوية الكبرى٫ والتى صدر فيها حكم أول درجة بتغريم عدد من الشركات العاملة فى مجال تجارة الأدوية 5 مليارات جنيه، قيمة الغرامة فى الحكم أول درجة الصادر من المحكمة الاقتصادية، ضد أكبر شركات مصرية تعمل فى مجال توزيع وتجارة الأدوية فى مصر، بتهمة احتكار الأدوية، وعلى الرغم من أن الحكم الصادر هو حكم أول درجة، إلا أن ظهور مدعين بالحق المدنى فى القضية أثار الكثير من علامات الاستفهام، حيث أن الغرامة لم تصدر بشكل نهائى أو بحكم قضائى بات.

وكل هذا يبدو أن الأمور تسير بشكل طبيعى، لكن عندما يدخل مكتب بيكر آند ماكينزى للاستشارات القانونية كوكيل عن المدعى بالحق المدنى ضد شركات تجارة أدوية مصرية، هنا يكمن اللغز، مع العلم أن هذا المكتب يعمل كوسيط تجارى فى التعاملات البترولية والدوائية بين مصر وعدد من الدول الغربية. بحسب المستندات التى بحوزتنا ترجع قضية الاحتكار لعام 2014 والتى صدر حكم أول درجة من محكمة القاهرة الاقتصادية، بتغريم 13 من رؤساء شركات الأدوية بـ5 مليارات جنيه فى قضية احتكار الدواء، بسبب اتفاق جرى بين هذه الشركات على تحديد نسب الخصم الممنوح للصيادلة، حسب ما توضح أوراق القضية كانت المحكمة الاقتصادية قضت فى يونيو الماضى بإحالة القضية للجنة الخبراء، بعد تقديم اتهامات إلى رؤساء شركات توزيع الأدوية فى اتباع سياسات أدت إلى رفع الأسعار فى السوق المصرية، إلا أنها ألغت الحكم وأعادت القضية للمداولة.
 
95361-1
 

كان جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، عثر على اتفاق مكتوب فى عام 2014 بين 5 شركات هى ابن سينا فارما، مالتى فارما للأدوية والكيماويات، رامكو فارما، الشرق الأوسط للكيماويات، المتحدة للصيادلة، فارما أوفر سيز، على توحيد السياسات البيعية والتسويقية المتمثلة فى تقليص فترات الائتمان الممنوحة للصيدليات من الشركات أطراف الاتفاق على السداد الآجل لقيمة مشترياتهم، وطبقًا لهذا الاتفاق فإذا كانت قيمة المشتريات للصيدلى أقل من 1000 جنيه، فلا توجد أى مميزات خصم لصالحه.
 
كانت «صوت الأمة» حصلت على الإعلان الموجه من مكتب حلمى وحمزة وشركائهم، أعضاء مكتب بيكر آند ماكينزى، وتضمن أنه فى يوم 17 ديسمبر 2016 وبناء على طلب من الدكتور محمد كمال سعودى، ومحله المختار عنوان بيكر آند ماكينزى بكورنيش النيل، ادعى على كل من شركات الشرق الأوسط للكيماويات وابن سيناء فارما بالعبور ورامكو للأدوية ومالتى فارما، وأعلنتهم بأن المدعى بالحق المدنى يمتلك صيدليتين وقد أصيب بأضرار مباشرة تتمثل فى انخفاض هامش الربح الذى كان يحصل عليه الصيدلى عند السداد الفورى بسبب الاتفاق المبرم بين الشركات وأدى إلى أن البيع بالأجل قصرت مدته، وبالتالى أربك المدعى بالحق المدنى والأجندة المالية الخاصة به ولغيره من الصيادلة، بالإضافة إلى أن هذا الاتفاق جعل المدعى أو الصيدلى حسب ما ادعت المذكرة غير قادر على المفاضلة بين العروض المقدمة من الشركات.
 
الغريب أن تاريخ تقديم المذكرة أو قضية الادعاء بالحق المدنى من قبل مكتب بيكر آند ماكينزى، سبق صدور الحكم، ما قد يشير إلى أن هناك استباقا للأحداث.
وجدى عبدالحميد، المسئول المالى لشركة الشرق الأوسط للكيماويات، قال إن قرار المحكمة الاقتصادية فى قضية الاحتكار ليس نهائيًا، وسنقدم ما ينفى هذا الاتهام فى الجلسات القادمة بعد أن تم تحديد جلسة فى مايو الجارى، وأشار عبدالحميد إلى أن الحكم الصادر ضد الشركات هو حكم أول درجة وليس حكمًا نهائيًا، ولا يحق لأحد التقدم بالادعاء قبل صدور حكم نهائى بات، وقد تم استئناف الحكم وتحديد جلسة جديدة لنظر القضية وسنقدم ما لدينا من مستندات؛ تؤكد أن الاتهامات الموجهة إلينا غير صحيحة على الإطلاق، لأن سوق الأدوية فى مصر مفتوح للجميع.
 
 وأضاف المسئول المالى لشركة الشرق الأوسط للكيماويات، أنه بالنسبة للادعاء بالحق المدنى فى القضية، فهذا شق آخر، وحسب ما ذكرنا أن الادعاء هذا يتم من أشخاص ذوى صفة، أو وقع عليهم ضرر، وبعد صدور حكم نهائى فى القضية، وهو ما لم يحدث، لذا فالادعاء باطل من أساسه. وحول سبب توكيل الادعاء لمكتب بيكر آند ماكينزى الدولى، رفض عبدالحميد التعليق وقال: يُسأل فى هذا المدعون بالحق المدنى.
 
102308-2
 

أما الصيدلى هانى سامح، أحد المدعين بالحق المدنى، فقال إن قضية احتكار الأدوية تحتوى على مفاجأة أخرى سنكشف عنها فى القضية بعد الحكم النهائى، وأن الشركات المتهمة بالاحتكار اتفقت فيما بينها على نسب الخصم الممنوحة للصيادلة بالتفاهم فيما بينهم، ما يعد إخلالا بمبدأ المساواة بين الصيادلة فى السياسة البيعية، وهذا يعد احتكارًا، وأن الاتفاق المكتوب بين الأطراف المتهمة موجود فى القضية التى تم الحكم فيها لصالح الدولة بـ5 مليارات جنيه غرامة على المسئولين عن هذه الشركات.
 
وأشار إلى أن مكتب بيكر آند ماكينزى قد دخل فى القضية كمدافع بالحق المدنى، ووكيلا عن المدعين ولم يتقاض أتعابًا فى القضية، وأنه بعد الحكم النهائى سيطالب المتضررين بتعويض مالى ضخم لهم، بسبب ما لحقهم من خسائر بسبب الاتفاق الذى تم بين شركات الأدوية والمرفق بدعوى الاحتكار، مضيفًا أن المستشارين بالمكتب الدولى أبدوا استعدادهم للتعاون معنا فى القضية للدفاع عن حقوقنا كصيادلة دون أى مقابل مادى ندفعه لهم.
 
وبحسب آخر تقرير صادر من المؤسسة العالمية للمعلومات والاستشارات الدوائية، الخاص بمبيعات سوق الدواء «ims» / فإن حجم تجارة الدواء فى مصر بلغ حوالى 50 مليار جنيه سنويًا، وأظهر التقرير أن المبيعات ارتفعت هذا العام بنسبة 10% عن العام الأسبق، وسجلت 74 مليار جنيه.
 
وذكر تقرير المؤسسة العالمية للمعلومات والاستشارات الدوائية «ims» وهى الوحيدة فى العالم فى هذا المجال، أن التقرير أكد أن شهر نوفمبر 2017 شهد مبيعات وصلت 5 مليارات و300 مليون جنيه وهى تقدر بـ12% من العام كله، وذلك بعد تحرير أسعار الصرف رغم وجود مطالبات وقتها لشركات الأدوية بزيادة الأسعار.
 
وسجل التقرير أن أصناف الأدوية المتداولة فى مصر بلغت 8400 صنف، زادت جميعًا، بعد قرار الـ32 لرئيس مجلس الوزراء فى 6 مايو، وقراره رقم 23 فى 12 يناير، وذلك لأول مرة منذ صدور قرار التسعير الجبرى للأدوية فى مارس 1960.
 
وأظهر التقرير أن 10 شركات كبرى، استحوذت على 43%، على سوق الأدوية، وهى شركات «نوفارتس»، و«جلاكسو»، و«سانوفى»، و«فاركو«، و«إيبيكو»، و«آمون»، و«فايزر»، و«إيفا»، و«جلوبال نابى»، و«الحكمة الأردنية».
 
وأظهر التقرير استحواذ 20 شركة أدوية محلية وأجنبية على 62% من مبيعات سوق الدواء بحجم بيع تجاوز 26.8 مليار جنيه.
 
كما سجل التقرير تراجع الشركات المصرية العاملة فى أسواق أدوية الفيروسات الكبدية، التى دخلت للمراكز الأولى العام السابق والأسبق؛ بسبب تراجع مبيعات الأصناف؛ لوجود كساد يشمل الأسواق، فى حين أكد التقرير، أن هناك تفاهمات واتفاقات لعدد من الشركات لشراء أخرى جديدة.
 
تاريخ بيكر آند ماكينزى لا يخفى على أحد فقد تم تأسيس هذا المكتب عام 1949 فى واشنطن بفرض القيام بتقييم العملاء فى العقود الدولية وذلك عن طريق استخدام شبكة من المكاتب العديدة المنتشرة حول العالم التى تعمل بها مجموعة من المحامين المحليين المؤهلين، ونتيجة لنمو عمليات التجارة والأعمال فى العالم
 
واستجابة لرغبة العملاء تمت توسعة أعمال المكتب ليكون عدد فروعه 54 فى 37 دولة يعمل لديها فى الوقت الراهن حوالى 4 آلاف محام من جنسيات مختلفة.
والمكتب يهودى الأصل ومالكه الأساسى بيكر جورين وشريكه ديفيد ماكنزى، يهوديا الأصل، كما أن شريكتهما فى واشنطن كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الحالية والوزيرة السابقة فى فرنسا، ويترأس فرع مكتب بيكر أند ماكنزى فى مصر المحامى الدولى محمد طاهر حلمى والمعروف بطاهر حلمى، بالمشاركة مع الدكتور أحمد كمال أبو المجد – إضافة إلى سمير محمود حمزة المحامى بالنقض، ليشكلوا ثلاثيًا رئيسيًا للمكتب فى مصر لإدارة أعماله تحت اسم أبو المجد وحلمى وحمزة.
 
وكشفت دراسة أن هناك خطة معدة للاستحواذ على شركات الدواء المصرية لصالح المستثمر الأجنبى، أعدها مكتب بيكر آند ماكينزى حسبما أكد مصدر مسئول داخل المكتب رفض ذكر اسمه، وأن هذا هو السبب فى الادعاء بالحق المدنى فى القضية المسماة باحتكار الأدوية، وبحسب المصدر يطمح المكتب فى الحصول على تعويض مالى كبير لا تستطيع هذه الشركات دفعه، وتتم مقاضاة هذه الشركات المتهمة فى قضية الاحتكار دوليًا وتصفيتها لصالح المستثمر الأجنبى، وهذا لم يخف على أحد من المتابعين للقضية، ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى تسبب مكتب بيكر آند ماكينزى بخسارة الشركات والحكومات المصرية مليارات الدولارات.
 
وبحسب تقرير لـ«واشنطن بوست» أعرق وأقدم الصحف العالمية فى تسريب عن وثائق ويكيليكس فى 21/10/2011، أن هذا المكتب تسبب فى خسارة مصر لأكثر من 109 مليارات دولار على مدار ربع قرن، بالاشتراك مع المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، اللذين يمَولان من الوكالة الأمريكية للتنمية، وتمولها وكالة المخابرات الأمريكية منذ عام 1992 حتى 2011 بقيمة 10 ملايين دولار سنويًا.
 
ونفذ المكتب الأجندة الأمريكية الواردة عبر صندوق النقد الدولى ترأسه لاجارد حاليًا المطالبة دائمًا بالإسراع فى الخصخصة، وجاء هذا الفرع فى مصر عام 1989 وهو يحمل بين طياته أكثر من 2500 توكيل لشركات أمريكية عملاقة للدفاع عنها أمام المحاكم المصرية والدولية، سواء من الشركات العاملة فى مصر أو التى ترتبط بعلاقات شراكة مع مصريين، أو التى تهدف للعمل فى مصر، حيث سبق وشارك فى الدفاع عن معظم هذه الشركات، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، شركة شيراتون أوفر سيز، صاحبة مجموعة فنادق شيراتون العالمية، عندما تم فصل أكثر من 2115 عاملًا مصريًا بعد حريق الفندق فى مصر الجديدة فى التسعينيات، بالإضافة إلى حصوله على التوكيلات الأمريكية، بجانب شراكته مع شركات المعونة الأمريكية مثل شركات عملاقة تعمل فى إطار برنامج المعونة العسكرية كسماسرة ومحامين ووسطاء وشركاء.
 
مهام أخرى يتولاها المكتب الدولى فى مصر، بجانب القضايا التى يترافع فيها، حيث يعد المشروعات للقوانين ويراجعها ويتأكد من مرونة الهياكل القانونية، بغرض احتواء الأوجه التجارية لمتطلبات برامج الخصخصة، وقد اعترف طاهر حلمى مع الإعلامى جمال عنايت، عن مسئوليته مع عاطف عبيد ومختار خطاب عام 1992 فى وضع قانون الخصخصة. 
 
وشارك المكتب فى مصر بعد هذا القانون فى تقييم أصول العديد من الشركات المطروحة للبيع فى قطاعات متعددة مثل الاتصالات والكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحى، وشركة طنطا للكتان وشركة المراجل التجارية وشركات الأسمنت وشركات الحديد والصلب وشركة إسكو، ومعظم الشركات التى بلغت أكثر من 260 شركة قطاع عام ، من أصل 371 شركة.
 
كما كان للمكتب دور كبير فى لجوء أكثر من 33 شركة تعمل فى مصر إلى التحكيم فى سويسرا، ولم يكسب مكتب بيكر آند ماكينزى أى قضية تذكر،  ومنها القضية الشهيرة وجيه إيلى سياج التى خسرت مصر بسببها أكثر من 700 مليون دولار من دماء المصريين، وإلى آخر هذه القضايا تلك القضية الخاصة بشركة أجريوم المعدل اسمها إلى موبكو. كما قام مكتب ماكينزى فى مصر بتقييم شركة عمر أفندى وتم بيعها للقنبيط، سعودى الجنسية، وشركة النوبارية، كما قدم العديد من مشروعات القوانين التى تخدم خطة حكومات مبارك فى رفع يدها عن دعم المواطنين كمشروع قانون التأمين الصحى، الذى تعمدت الحكومة فى السابق التعتيم عليه، مدعية أن التأمين يواجه عجزًا مزمنًا فى ميزانيته، ومن أكثر البنود خطورة فى المشروعات الخاصة بشأن تحديد الخدمات التى يقدمها القانون للمواطنين وتنص على مبدأ جواز إصدار قرار بالخدمات التى يصدقها القانون للمواطنين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق