دفاعاً عن القرآن.. من ملأ قريش إلى ساركوزي.. رحلة المطالبة بحذف الآيات
الأربعاء، 09 مايو 2018 01:00 صكتب - حمدى عبدالرحيم
- أشراف مكة والأكاديمى الجزائرى مسارى يطالبون «برقبة» سورة الإخلاص
- مايكل منير لا يريد القرآن فى المدارس
- المغربى عبدالحميد عقّار: تضمين الكتب المدرسية آيات قرآنية يمنع التلاميذ من تعلم العربية!
- شعار الصهاينة الدائم: ثمن السلام.. إلغاء القرآن
- شعار الصهاينة الدائم: ثمن السلام.. إلغاء القرآن
تاريخ القرآن هو تاريخ عداء غير المسلمين للإسلام، فمنذ بداية نزول الوحى، أدرك المعادون أن القرآن هو كلمة السر فى بقاء المسلمين على دينهم ومن ثّمَ انتشار دعوتهم.
الملأ من قريش كانوا العدو الأول الذى طالب بحذف آيات من القرآن، والملأ هؤلاء، ودع عنك الصورة التليفزيونية المزورة كانوا جماعة من الأشراف المثقفين أصحاب المصالح التجارية الكبرى مع الدول المجاورة وأصحاب العلاقات السياسية والدبلوماسية مع القوى العظمى وقتها الفرس والروم.
ليس صحيحًا أن رجلًا كأبى سفيان فى جاهليته كان حمارًا لا يفقه شيئًا، العكس هو الصحيح، ومن هنا جاءت معرفتهم بخطورة القرآن على مصالحهم وعلى عقيدتهم.
مؤرخ السيرة الشريفة، ابن إسحاق وضع الأمر فى منزلته الحقيقية، عندما كشف عن ثقافة قريش القائمة على عبادة الأصنام، الأمر عند قريش تجاوز العبادة بمعناها الروحى لكى يصبح شيئًا مقيمًا فى النفس وراسخًا فى القلب.
يقول ابن إسحاق: «واتخذ أهل كل دار فى دارهم صنما يعبدونه فإذا أراد الرجل منهم سفرا تمسح به حين يركب فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره وإذا قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله».
والحال كما ذكر ابن إسحاق، جاءت آيات القرآن لتقول لهؤلاء: آلهتكم هذه هى والعدم سواء، أنتم تكذبون على عقولكم وتعبدون أحجارًا لا تنفع ولا تضر ولا تسمع ولا ترى.
عرفت قريش أن محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم سيمضى لآخر الشوط، هم يعرفونه جيدًا ويعرفون صدقه وأمانته ويعرفون عزيمته الحديدية ورجاحة عقله ولذا بدأت قريش التفاوض مبكرًا جدًا، والتفاوض كان على القرآن ولا شيء غيره.
قالت قريش: إذا كان محمد يريد الملك جعلناه ملكًا علينا، وإذا كان يريد المال وهبنا له من أموالنا ما يجعله أغنانا، وإذا كان ما يزعمه من وحى يتنزل عليه هو سحر جئنا له بأمهر الأطباء، كل هذه الفرص مقابل أن يكف عن قرآنه.
رفض رسولنا وما كان له أن يقبل كل تلك العروض، فذهبت قريش إلى أبى طالب لأنه كبير بنى هاشم من ناحية والقائم بحماية محمد من ناحية أخرى.
قال ابن إسحاق: «مشى رجال من أشراف قريش إلى أبى طالب، فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسَفَّه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلى بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه».
كل ما اتهموا به الرسول كان حقًا فهو حقًا قد سب آلهتهم، بأن قال إنها حجارة، ولكن من أين جاء محمد بهذا الوصف؟
هذا الوصف قاله القرآن، أشراف قريش باللفظ المعاصر لا يريدون هذه الآيات الكاشفة لعورة آلهتهم، يريدون حذفها، يريدون تجميدها لكى لا تسرى فى الهواء حاملة الرسالة الجديدة التى ستخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، الله الواحد الأحد.
قريش ورجل من الجزائر سيأتى ذكره فى قادم السطور لم يكرهوا شيئًا كما كرهوا سورة الإخلاص حيث التأكيد الحاسم الجازم على وحدانية الله، وتلك هى قاعدة الإسلام الأولى والأهم والأخطر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ليس له أب وليس له ابن، هو الفرد الصمد الذى لا نظير له ولا معادل.
بعد رحيل وفد التفاوض عن مجلس أبى طالب، جلس أبو طالب مع الرسول وقال له: « يا ابن أخى إن قومك قد جاءونى، فقالوا: كذا وكذا، فابق عليّ وعلى نفسك، ولا تحملنى من الأمر ما لا أطيق».
فرد عليه الرسول قائلًا أعظم كلمة عرفها تاريخ المقاومة: «والله يا عم لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته».
فشلت كل المفاوضات وبقى القرآن بل وانتشر وتمكن من حبة القلوب فبدأت قريش حربها المسلحة على كل الجبهات لحذف القرآن أو على الأقل لإعاقة سريانه فى الهواء.
كل القرآن كان فى كفة وآيات التوحيد كانت فى كفة بمفردها، تلك الآيات كانت عذاب قريش: «وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ».
لا شيء يوقف سريان القرآن، إذًا لا مفر من قتل محمد حامل القرآن وناقله إلى كل الناس.
نجا محمد من القتل بهجرته إلى المدينة المنورة، وهناك سيجد اليهود.
إن كان ملأ قريش جماعة من المثقفين فإن أحبار اليهود كانوا جماعة من العلماء الذين من اللحظة الأولى أدركوا خطورة القرآن.
لقد هذّب القرآن جماعة من البدو وجعلهم أمة، لقد محا القرآن العداوة بين الاوس والخزرج، وبهذا بارت تجارة السلاح التى كان اليهود يحترفونها وبارت تجارة البغضاء التى كان اليهود يروجونها.
القرآن خطير فهو يذكر رسولهم موسى بن عمران ويذكر السامرى الذى قادهم نحو الشرك.
القرآن فضّاح فهو يذكر قتلهم للأنبياء ورجمهم للمرسلين، القرآن يعريهم ويوقفهم أمام مرآة تاريخهم الحقيقى فى سفك الدم وأكل الربا.
اليهود منذ البداية يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، ولذا كانوا يريدون قرآنًا على هواهم هم، كانوا يريدون القرآن الذى فيه: «يَا بَنِى إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ».
ا
ليهود يريدون غير هذا القرآن، أما القرآن الذى يقول: «لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ».
لم يذهب اليهود إلى التفاوض كما ذهبت قريش، اليهود يعرفون أن محمدًا لن يكف ويعرفون أن القرآن لن يسكت وسيواصل فضحهم وتعريتهم، فلا خيار سوى الحرب المسلحة.
لقد بدأت المعارك، من بنى قينقاع ثم بنى النضير، ثم بنى قريظة نهاية بغزوة خيبر.
كل هذه المعارك لا تُفهم إلا فى ضوء حرص اليهود على إسكات القرآن.
مشكلة اليهود الحقيقية كانت مع الآيات وليس مع الرجال، القرآن نشر المذكرات الشخصية السرية لليهود وهم لا يريدون نشر فضائحهم.
انتهت المعارك بانتصار ساحق للقرآن، لم تحذف منه آية ولم يجمد منه حرف، بل توغل فى القلوب حتى تمكن منها.
لقد مات رسولنا وتلك سنة الله ومات أهل بيته، ومات أصحابه فلماذا لم تمت عداوة المخالفين؟
الأمر من البداية ليس أمر رجل عظيم اسمه محمد، الأمر هو مع القرآن، الذين ينغص عليهم حياتهم.
أعداء اليوم لم يتعلموا الدرس، لقد فاوضوا فى البداية مثلما فعلت قريش فهزموا، ثم قاتلوا كما فعل اليهود فهزموا، فسكتوا عن القرآن سنوات لعله يمكث فى
المساجد والزوايا ولا يبرحها، فوجدوه ينتشر بين الجبال والتلال ويغزو كل البيوت هادئًا لطيفًا واثقًا رحيمًا.
هنا تحالفوا مع شياطين أفكارهم لاختراع مبررات جديدة براقة يسكتون بها القرآن.
اقرأ معى ما كتبه رجل يدعى سامى الذيب، يعمل مديرًا لمركز القانون العربى الإسلامى.
كتب الذيب فى 30 ديسمبر 2014: «هناك آيات قرآنية يجب حذفها من القرآن أو نسبتها للقرن السابع وإبطال مفعولها بصورة صريحة واعتبار تطبيقها مخالفا لحقوق الإنسان، وهذه الآيات تتعلق بنظام العقوبات، وهى ليست مجرد نصوص، ولكن يعتمد عليها مجلس وزراء العدل العرب فى القانون الجزائى العربى الموحد الذى وافقوا عليه بالإجماع عام 1996 والمنشور على موقع الجامعة العربية، وما زالت بعض الدول العربية والإسلامية تستند على هذه الآيات أو بعضها فى قوانينها، وتطبقها أيضا داعش فى المناطق التى يسيطر عليها، ومن يقول بأن تصرفات داعش مخالفة للإسلام يكذبون كذبا صريحا، فهذه التصرفات تعتمد على القرآن، وفى هذا المقال أذكر فقط ما جاء فى القرآن، ويجب إضافة عدد من الأحاديث النبوية التى لا تقل وحشية عن آيات القرآن، ولكن تركتها جانبا حتى لا يحتج البعض بأنها غير صحيحة رغم تطبيقها فعلا والاعتماد عليها فى الدول العربية والإسلامية وفى مناطق داعش أسوة بالنبى محمد، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الآيات القرآنية الوحشية لا تختلف عما جاء فى التوراة التى استمد منها الحاخام مؤلف القرآن المسطول أكثر من 80 % من مضمون كشكوله، وهذه الآيات والتصرفات لا تختلف عما كان مطبقا فى الدول الغربية إلى زمن قريب، ولكن تم اقصاؤها تقريبا جميعها، ونصت مواثيق حقوق الإنسان على ادانتها».
انتهى كلام الذيب وهو أوضح من أن أعلق عليه، ولكن إذا كان للقرآن مؤلف، وذلك المؤلف مسطول، فلماذا يهتم الذيب بكلام المساطيل؟
من الذيب ننتقل إلى هولندا حيث أقيم فى العام 2010 مؤتمر قاده مايكل منير رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة الأمريكية.
السيد مايكل لف ودار ثم لم يجد مفرًا من الذهاب إلى عقدة الامر ألا وهى القرآن فقال: «نحتاج لعدة حلول مهمة لحل المشكلة القبطية منها إصدار قانون دور العبادة الموحد، وتفعيل مشاركة الأقباط فى الحياة السياسية، ووضع قانون يجرم التمييز الدينى، وفصل الدين عن الدولة، وإلغاء نصوص القرآن من التعليم، وإدخال مادة حقوق الإنسان فى التعليم».
الذيب ومايكل هم قنابل دخان لا أكثر ولا أقل، تصنع ستارة العمى لكى تزحف القوات الحقيقية القادمة من جوف أوروبا.
قنابل الدخان تلك ستضم الدكتور جيلالى مسارى مدير مركز البحث فى الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية فى وهران بالجزائر سيادته، أنقل عن جريدة الشروق الجزائرية، طالب بإلغاء سورة الإخلاص من الطور المدرسى الابتدائي (السنة الثانية الابتدائية) تحت مبرر صعوبة استيعاب معانيها.
وقد أثار مقترح مسارى، ضيوف الملتقى، خاصة من أعضاء المجلس الإسلامى الأعلى، ولمعرفة رأى التربويين فى المقترح، سألنا الإطار السابق بوزارة التربية، عبد القادر فضيل، فلمسنا لديه بعض المساندة لمقترح الغاء بعض السور من الطور الابتدائى فى مواضيع الشرح وليس الحفظ، حيث صرح بالقول «التلميذ فى الطور الابتدائى لا يفهم معنى كثير من السور، واذا أدرجنا هذه السور فى مواضيع على أساس اثرائها واستخراج أفكار منها، فقد نخلط الأمر على التلاميذ».
أمّا عُضو الفتوى المركزية بوزارة الشئون الدينية، محمد الأمين ناصرى، فأكد فى اتصال مع «الشروق»، أن الدكتور جيلالى مسارى، ذهب أبعد من ذلك عندما اقترح وخلال نفس الملتقى، بإلغاء درس فرائض الوضوء بمبرر صعوبته على تلميذ الابتدائى.
عندما راجعت تاريخ نشر الشروق الجزائرية لتقريرها عن مسارى وجدته يتزامن مع حملة فرنسا بقيادة رئيسها السابق ساركوزى على القرآن.
هل تلك مصادفة؟بئس المصادفة.
من الجزائر نطير إلى المغرب لنجد قنبلة دخان رابعة.
فى التاسع من فبراير من العام الماضى وقف المواطن العربى المسلم المتعلم الخميس عبد الحميد عقار، عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمى، فى ندوة نظمتها مؤسسة إدريس بن ذكرى ليقول: «إن تضمين الكتب المدرسية الخاصة باللغة العربية نصوصا من القرآن الكريم والأحاديث النبوية من العوامل الرئيسية التى تجعل التلاميذ المغاربة غير قادرين على تعلّم لغة الضاد، لا أفهم لماذا يتضمّن كتاب اللغة العربية نصوصا قرآنية وأحاديث، هذا لا يوجد فى أى بلد آخر».
مضحكة قنابل الدخان تلك، يظنون أننا بلهاء وسنصدق أنهم رجال فكر وثقافة ودعاة حقوق إنسان.
أنتم قنابل دخان لساركوزى المرتشى لا أكثر ولا أقل، سيهزمون معه وستحشرون معه، فالمرء مع من أحب.
وأنا أبحث عن قنابل الدخان وجدت قنبلة حقيقية، ناسفة، كشف عنها الكاتب محمد الباز.
قال الباز إنه عثر على مقال للكاتب الأستاذ أنيس منصور جاء فيه: «تلقيت خطابا من الدكتور بطرس غالى، وفى الخطاب نص خطبة وزير التعليم الإسرائيلى التى يطالب فيها بحذف آيات من القرآن الكريم، لأنها تحض على كراهية اليهود، وأنه لا سلام بين مصر وإسرائيل ما دامت هذه الآيات موجودة».
عرف السادات بأمر خطبة وزير التعليم الإسرائيلى، طلب من أنيس منصور أن يذهب إلى إسرائيل لمقابلة بيجين، وينقل له على لسانه أنه إذا لم يكف عن الادعاء بأن الشعراوى يهاجم اليهود وليس الصهاينة، فإنه سوف ينشر خطبة وزير التعليم الإسرائيلى على جميع القنوات فى مصر والعالم العربى، ولما سمع بيجن ما قاله السادات، رفع يديه».
على ما سبق فالقصة قديمة جدًا، تبدأ بالتفاوض ثم الحرب ثم التلاعب بحقوق الإنسان والحيوان، ثم يأتى الابتزاز، السلام مقابل القرآن!
لقد أحسن السادات عندما لم يرضخ لهذا الابتزاز، وسيحسن غيره لو أظهر تمسكه بقرآنه بعزة وكرامه.
وليس من الكرامة فى شيء الاختباء خلف مصطلح الناسخ والمنسوخ.
النسخ فى القرآن قضية عظيمة لا يناقشها إلا عالم بالعربية وبالقرآن وبالحديث والتفسير، فهل ساركوزى واحد من هؤلاء؟
يعنى هل نترك الطبرى والقرطبى والشعراوى ونأخذ ديننا عن مارى وساركوزى وعن صعاليك الشانزلزيه؟
على الذين يريدون الدفاع عن قرآنهم الذهاب إلى الدفاع الكريم الواضح الصريح، نعم هناك آيات عن القتال فى القرآن وهى ليست منسوخة لا حكمًا ولا لفظًا، بل أنزلها الله لتبقى إلى أن يرث أرضه ومن عليها.
ساركوزى يتحدث عن آيات محكمات لم يقل عالم واحد بأنها نسخت، فهل نأتى نحن الآن ونقوم لا قدر الله بمسخها؟
هذا الدين متين ولن يهزه المرتشى ساركوزى.
هذا القرآن عظيم وقد دقت على رأسه طبول، ثم خرج منتصرًا وسيظل ينتصر وأنف ساركوزى فى التراب.