شيخ الأزهر من بروناي: دول عربية وإسلامية قدمت قربانا على مذابح الفوضى
الإثنين، 07 مايو 2018 01:55 م
أكد الإمام الاكبر الدكتور أحمد الطيب شخ الازهر أن المسلمون هم ضحايا الإرهاب والمستهدَفُون بأسلحته وبطريقته البَشِعة في إزهاق الأرواح، لافتا إلى دولا عربية وإسلامية قدمت «قربانًا» على مذابح «الفوضى» التي تقود العالم الآن.
وأوضح شيخ الازهر أن فلسفةُ الإسلام في التَّعامُل مع الآخَرينَ لا تَعرِفُ مبدأ الصِّراع ولا التَّصنيف، مضيفا أن الإسلام يعرف مبدأً واحدًا فقط في معاملة النَّاس هو«التعارف» الذي يعني التَّفاهم والتَّعاون، وأكد الامام الاكبر أن الحرب في الإسلام استثناء لا يُلجَأُ إليه إلَّا بحُكم الضَّرورات القُصوَى، وشدد شيخ الازهرعلى أن أمَةَ العرب والمسلمين قادرةٌ على تحقيق العيش الكريم إذا أنهت ما بينها من فُرقةٍ وصراعٍ.
واوضح الشيخ أن الإرهاب ظاهرةٌ شديدة التَّعقيدِ والغموض إذا ما رُحت تحاوِلُ التَّعرُّف على أسبابها الحقيقيَّةِ، أو تحاول البحثَ عن حلٍّ لهذا التناقض الشَّديد بين أسباب هذه الظاهرة ونتائجها.
وقال الامام الاكبر " حسب نظريَّة «الإسلاموفوبيا»؛ يجب أن يُفسَّر الإرهاب بأنَّه ظاهرةٌ «إسلاميَّةٌ» نشَأت في أحضان نصوص القرآن الكريم والسُّنَّة المطهَّرة، ويجبُ حسب هذا المنطق، وأن يكون «غيرُ المسلمينَ» هم المستَهدَفين بهذا الإرهاب، ولكن انظروا إلى الواقع على الأرض، فسوف تَجِدُون أنَّ المسلمين هم ضحايا هذا الإرهاب، وأنهم المستهدَفُون بأسلحته وبطريقته البَشِعة في القتل وإزهاق الأرواح، وأنَّ ضحاياه من غير المسلمين عدَدٌ لا يكاد يُذْكَر إلى جوار آلاف المؤلَّفة ممَّن سُفِكَت دماؤُهم المعصومة على مرأًى ومَسمَعٍ من ضمير العالَم المتحضِّرِ، وتحت سَمعِ وبصَر مؤسَّساته الدَّوليَّة التي نصَّبَت من نفسِها ضامنًا لسلام الشُّعوب وأمنها، وحاميًا لحريَّات الإنسان وحقوقه في حياةٍ آمنةٍ وعَيشٍ كريمٍ في ظِلال السَّلام".
وأضاف " انظروا أيضًا إلى خريطة العالَم وتعرَّفـوا على الشُّــعوب التي دفعــت -وَحدَها- «فاتورة» هذا الوَباء، وسوف تجدون مرَّة ثانيةً أنَّ دولًا من دول العالم العربي والإسلامي هي التي قُدِّمت «قربانًا» على مذابح «الفوضى» التي تقود العالم الآن.
وتاع " قد نَفهمُ إمكانَ أن يَنشأَ إرهابٌ في أحضان المسلمين يتعقَّبُ غيرَ المسلمين ذبحًا وفتكًا وتشريدًا، أو إرهابًا ينشأ في أحضان المسيحيِّين ليتعقَّب المسلمين إبادةً واجتثاثًا من الجذورِ كما حَدَث في القُدس والشَّام في «حروب الفرنجة» أو ما يُعرف عند الغرب بالحروب الصليبية، ولكن لا نفهم إرهابًا مسيحيًّا ضحاياه من المسيحيِّين دون غيرهم، ولا إرهابًا إسلاميًّا يستهدف المسلمين دون غيرهم – فهذا هو التّناقض في الحدود الذي يُفسد القضايا ويُفرِّغها من أي معنًى منطقي.
واستطرد شيخ الازهر " لقد هبَّ العالَم الإسلامي بحُكَّامه وبعلمائه ومُثقَّفِيه وكُتَّابه وكلِّ شُعوبه لِيَستنكر حادثة الإرهاب المشهورة بحادثة 11 سبتمبر من عام 2001م، والذي استهدف مئات الضحايا من الأرواح البريئة التي زُهِقَت ظُلمًا وعدوانًا، ومنذ وقوع هذا الحادث الذي هزَّ ضمائر المسلمين قبل غيرِهم – وحتى اليوم لا تكف الألسنة والأقلام عن إدانة «الإرهاب» و«الإرهابيين» ولا عن التَّأكيد على أنهم لا يمثِّلون الإسلام، وأنهم بنصِّ القرآن الكريم محاربون لله ورسوله، ومُفسدون في الأرض، ولهم جزاء معلوم في كتاب الله وسُنَّة رسوله ﷺ.. ورُغم هذا الموقف الصريح المُعلَن لازالت «الاتهامات» الجائرة تشوِّه سُمعة هذا الدِّين الحنيف، وتخوِّف الناس من المسلمين ومن دِينهم، مما يدلُّنا –بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة- على أن هناك قُوَّةً خفيَّةً غيرَ إسلاميَّةٍ تُصِرُّ على إساءة فهم الإسلام وسُوءِ الظَّنِّ بالمسلمين، وتَشويهِ سُمعة دينِهم. واستخدامِ منهج انتقائيٍّ في قراءة نصوصِ القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبويَّة الشَّريفة بعد اجتزائهما وإخراجهما من سياقاتهما التي لا يتَّضح معناها الحقيقي إلَّا على ضوئها ودَلالاتِها المحدَّدَة، ورُغم أنهم يعلمون علم اليقين أن منهجهم هذا لو طبَّقُوه على الكتب المقدَّسة الأخرى التي يؤمنون بها؛ فلن يَسلَم لهم دِينٌ من الأديان السَّماويَّة من تُهمة الإرهاب وقَطعِ الرُّؤوس وإحلالِ السَّيفِ محلَّ السَّلام، وإبادةِ الأبرياء من النِّساء والأطفال، بل والحيوان والنَّبات والجماد.