أخر كلمات زوجة خالد محيي قبل رحيله: يعشق سماع القرآن في الصباح وأم كلثوم مساء
الأحد، 06 مايو 2018 02:53 م
رحل عن عالمنا، صباح اليوم الأحد خالد محيى الدين، عن عمر يناهز 96 عاما، حيث يعد آخر الظباط الأحرار الذين قادوا ثورة 23 يوليو عام 1952، وولد خالد محيى الدين 17 أغسطس عام 1922، بمدينة كفر شكر فى محافظة القليوبية، وتخرج فى الكلية العام 1940، وعقب تخرجه بـ 4 سنوات انضم إلى "الضباط الأحرار" الذين قادوا ثورة الشعب ضد الملك فارق،حيث أصبح عضوا فى مجلس قيادة الثورة، وحصل على بكالوريوس التجارة عام 1951 مثل كثير من الضباط الذين سعوا للحصول على مثل هذه الشهادات.
ويعد خالد محيى الدين من كبار اليساريين فى العصر الحديث، وهو مؤسس حزب التجمع الوطنى التقدمى حتى اعتزاله العمل العام.
وصف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الراحل خالد محيى الدين بالصاغ الأحمر فى إشارة إلى توجهات محيى الدين اليسارية، وحينما دعا الصاغُ خالد محيي الدين رفاقَه في مارس 1954 إلى العودة لثكناتهم العسكرية، نشب خلاف بينه وبين جمال عبد الناصر، ومعظم أعضاء مجلس قيادة الثورة، واستقال على إثره من المجلس وانتقل بعد ذلك إلى سويسرا بسبب هذا الخلاف.
وتنشر «صوت الأمة» أخر حوار لزوجة الرحل بجريدة الأهرام، والتي حكت خلاله أبرز لحظات الراحل، وما كان يتمناه لليسار المصري، وإلى نص الحوار:
- يستمع للقرآن بصوت نعينع فى الصباح وأغانى أم كلثوم فى المساء
- أهم الصور التاريخية التى جمعها صديق عمره رفعت السعيد اختفت بعد وفاته
- سنوات المنفى كانت صعبة وعبد الناصر تعامل بالحب.. والسادات أهم سياسى فى تنظيم الضباط الأحرار
غابت أخبار خالد محيى الدين زعيم اليسار المصرى ومؤسس حزب التجمع عن الإعلام.. اسمه لم يعد يتردد على الرغم من أنه ما زال على قيد الحياة. يعيش على سرير المرض فى شقته بحى الزمالك أمام نادى الجزيرة تحت رعاية أسرية وطبية فائقة .
خالد محيى الدين أحد أعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو 1952 وصاحب التاريخ الطويل فى العمل السياسى والإعلامي، كان وما يزال اسما لامعا ترك بصمات فى تاريخ مصر الحديث. من مواليد شهر أغسطس عام 1920 وتخرج فى الكلية الحربية عام 1940، وأصدر مركز الأهرام للترجمة والنشر مذكراته فى عام 1992 بعنوان «الآن أتكلم»، تحدث فيها عن ثورة يوليو وحركة الضباط الأحرار فى مصر كما عايشها كرجل مؤثر فى أحداثها الفارقة.
فى حوارها مع «الأهرام» تكشف السيدة سميرة سليم زوجة خالد محيى الدين تفاصيل عن حياته وكيف يعيش الآن وهو فى سن الثامنة والتسعين؟ وذكرياتهما مع الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات، والمنفى فى سويسرا.
اعتذرت عن نشر صورتها وقالت يكفى صورة خالد حتى يراه الناس، كما قالت أتمنى أن تبقى صورته كما كانت فى ذهن الجميع. رجل قوى يحترم غيره. وكشفت أن أهم الصور التاريخية التى جمعها صديق عمره الدكتور رفعت السعيد أختفت بعد وفاته.
وتقول هو الآن يقضى ساعات يومه دون كلام أو حديث لكنه يستمع إلى آيات القرآن الكريم بصوت القاريء المفضل له الدكتور أحمد نعينع، ويظل صوت القرآن فى المكان لساعات طويلة ويصلى الصلوات خلف الممرض (ممدوح) الذى يؤمه فى الصلاة وهو راقد على سريرالمرض، ويستمع إلى صوت أم كلثوم، وتشاركه الممرضة التى ترعاه حب هذا الصوت.
وكشفت أن نظامه الغذائى المتبع كان الاعتماد على الخضروات وطبق السلطة ويرفض تماما أن يتناول المعلبات الجاهزة تحت أى ظرف. وعلى الرغم من عدم قدرته على الكلام والتعبير، إلا أن الجميع يعرف أنه لا يقبل أى طعام من المعلبات، لكنه منذ عام تقريبا لم يعد قادرا على الأكل بطريقة عادية ويتم وضع الخضروات فى الخلاط كما يتم طحن الحبوب من الأدوية. فهناك صعوبات فى عملية البلع.
وتقول إن ساعات نومه غير منضبطة فهو فى أحيان يخلد إلى النوم مبكرا وفى ليال أخرى يظل مستيقظا. يداعبه مرافقه شريف ياسين بذكريات من الماضي. يبتسم كما لو كان يقول إنه راض تماما عما يتذكر ويتردد على زيارته فى البيت الابن المهندس الزراعى أمين والابنة السيدة سميحة والتى كانت تشغل منصب وزير مفوض فى جامعة الدول العربية وتسكن فى نفس الحى بالزمالك، كما يتردد على زيارته بالطبع الأحفاد وإخوته البنات للاطمئنان عليه .
وهنا نص الحوار.
لماذا غابت أخبار السيد خالد محيى الدين خلال السنوات الماضية ؟
هو يمر منذ عام 2011 بظروف صحية بسبب السن وأعراض الشيخوخة وطبيعى ما يحدث فنحن لا نهتم بأى شيء سوى رعايته.
من يرعاه طبيا ؟
فى البيت يقيم معنا مرافقون، نعتبرهم من العائلة يحبونه ويتعاملون معه بروح الأب وكل الرعاية الطبية تقدم له ويتولى ممرضان رعايته، وهناك طبيب يجرى الكشف عليه كل أسبوعين.
طبيعة الحالة الصحية الآن ؟
الحالة مستقرة وهو تحت المتابعة المستمرة، وما يمر به من أعراض هى من أمراض الشيخوخة الصعبة والطبيب يتابعه بصفة مستمرة.
كيف تقضيان ساعات اليوم معا؟
من شدة حرصى عليه، بدون مبالغة، لم أخرج من البيت منذ 3 سنوات كاملة.
ما السبب الذى يمنع خروجك؟
لأنى أتابع بكل اهتمام كل التفاصيل الخاصة به على مدى اليوم وتصرفات القائمين على رعايته طبيا وحياتيا فهو عندى أهم من أى خروج .
كيف تتواصل المشاعر؟
أكثر من نصف ساعات اليوم أجلس إلى جواره فى سرير المرض، وهو نائم لا يشعر بوجودي، وأمسك بيديه إيمانا منى بأنه يحس بكل هذه المشاعر فى قلبه وهذا أقل شىء معنوى أقدمه له.
هل يتعرف على عائلته بشكل طبيعى؟
طوال هذه السنوات الصعبة لم يفقد فى أى لحظة إحساسه بنا والشيء الذى نعتبره منة كبيرة من الله سبحانه وتعالى أنه يعرف ابنه المهندس أمين وابنته بوسي وأحفاده، والشيء الغريب الذى نتعجب له أنه لا يخطئ أبدا عندما تسأله ابنتنا وتقول له أنا من؟ فيرد بشكل مذهل «بوسي»، فتقول له بوسى من؟ فينظر قليلا ويقول «بنتي» ويتكرر هذا مع أمين وأحفاده الأولاد، لأنهم هم الأكبر سنا عن البنات.
كيف يقضى يومه ؟
طوال اليوم يظل نائما يصحو بعض الشيء وينام طويلا وفى الصباح عندما يحضر الممرض الذى يتولى رعايته فى هذه الفترة يفتح له صوت القرآن الكريم بصوت القاريء الشيخ الدكتور أحمد نعينع. وهو الصوت المفضل له. وهنا أشير إلى نقطة مهمة وهى أن الممرض مسيحي، لكنه هو الذى يتذكر أن القرآن لم يبدأ فى الصباح وتعودا على ذلك. وفى المساء عندما يكون مستيقظا يحب صوت أم كلثوم وينام عليه، مع أنه ينام ساعات طويلة، لكن صوت أم كلثوم والموسيقى أصبح عادة.
هل قرأت مذكراته «والآن أتكلم» الصادرة عام 1992عن مركز الأهرام للترجمة والنشر؟
اعترف وقت صدورها لم أقرأها لكن الآن وللغرابة وبعد أن أصبحت غير قادرة على القراءة بسبب متاعب النظر بدأت فى قراءتها عن طريق المرافقة التى تعاونني، فهى تقرأ لى والمفاجأة أنى مستمتعة بدرجة تفوق الوصف من الكتاب.
مالذى جذبك فى الكتاب؟
أكثر شىء شدنى الصدق والتجربة الثرية واستعادة مشاهد التاريخ التى كنت حاضرة وتأثرت كثيرا بكلمات الإهداء التى كتبها لي «إلى زوجتى التى تقاسمت معى بكل رضاء وصبر مصاعب الحياة تلك التى فرضها الآخرون علينا وتلك التى نفرضها على أنفسنا وفاء لحق الشعب والوطن».
وبعيدا عن الإهداء؟
عندما يتحدث عن طفولته فى كفر شكر يقول حتى صوت الآذان فى طفولتى كان هادئا.. وديعا وكأنه دعوة حانية للقاء حميم.
عندما بلغ الثمانيين قرر التخلى عن رئاسة الحزب، لأنه كان يؤمن بأن كل سن له حكم .
من يهتم من أولاده أو الأحفاد بحزب التجمع ؟
لا أحد.. العلاقة مع التجمع انتهت مع تركه المسئولية والأولاد والأحفاد ليست لهم علاقة بالحزب. لا يوجد أحد من عائلة خالد محيى الدين فى حزب التجمع كل شيء انتهى بخروج الجد.
هل عرف بوفاة الدكتور رفعت السعيد؟
لم يعرف كما لا يعرف بوفاة شقيقه أو ابن شقيقه.
هل يمكن القول إنه شخصية فى العلن كما هى فى السر ؟
هو كتاب مفتوح وكل من تقرب منه يعرف ذلك وكان كريما وما يملكه ليس ملكه وإنما لغيره ومهموما بالبسطاء .
هل جمع ثروة كبيرة فى رحلته ؟
نحن أبناء عائلات ورثنا عنها وهو كان له ميراث كبير.
ماذا عن دوره كزوج وأب ؟
فى البيت، شخص وديع يحكم البيت من غير ما تشعر بالنسبة إلى أولاده كان مثاليا وبالنسبة لى أقول سعدت بكل لحظة قضيتها معه.
متى كان الزواج؟
تزوجنا قبل ثورة 1952 بثلاث سنوات، وهو ابن خالتي.
وماذا عن فترة المنفى التى أبعده فيها الرئيس عبد الناصر ؟
فترة المنفى جاءت بعد أن كتب خالد استقالته لـ جمال عبد الناصر، يومها التقى عبد الناصر وعرض عليه الاستقالة ورد عليه «قبلت» «وأكمل «شوف يا خالد إحنا أصدقاء لكن المصلحة العامة حاجة تانية وأنت عارف أنك زى العسل، وسوف يتجمع حولك كل الذباب وتبقى مشكلة ونتصادم وأنا أفضل إنك تسافر.. فقال أسافر إلى باريس فقال له لا باريس فيها حركة سياسية يسارية نشطة وسوف تدفعك للانغماس فيها وأنا أفضل أن تكون فى مكان هادئ»
المكان الهادئ سويسرا ؟
بالفعل وتسلم جواز سفر دبلوماسى وأمام المهنة كتبوا رئيس بعثة مجلس تنمية الإنتاج القومي وسافر إلى باريس اولا وحده ثم لحقنا به. وسافرت مع ابنى أمين وبوسى وعشنا هناك فى سويسرا.
هل صحيح أن الرئيس عبد الناصر استدعاه بطائرة من المنفى لحضور خطاب تأميم القناة ؟
لم يحدث، لكن خلال الإقامة فى سويسرا تعرضت لمتاعب صحية صعبة جدا فى الكلى ولم يفلح الأطباء هناك فى علاجى وكادت حالتى تسوء بدرجة لا يمكن وصفها وطلبت أن أعود لتلقى العلاج فى مصر وبعد مراسلات عن طريق السفارة والأجهزة فى مصر جاءت الموافقة عن طريق زوج شقيقته وهو شقيق زكريا محيى الدين، وكان الرد هو السماح لنا بالعودة إلى مصر لمدة شهر واحد. وقتها أتذكر أني ترددت وخشيت أن يتم القبض عليه وبعد تفكير قررنا العودة مهما كلفنا الأمر وتم علاجى فى مصر وهذه شهادة لمصر.
من يصدق فشل الأطباء فى سويسرا فى علاجك؟
هذا ما حدث معى وأنا المريضة وهى قصة حقيقية وهذه شهادة لمصر. فما حدث فى سويسرا هو عدم السيطرة على حالتي، ولم تفلح طرق العلاج، وكان علاجى على يد طبيب مصرى هو الدكتور مصطفى . أذكره بكل خير لكن اسمه الثانى نسيته للأسف.
معنى هذا أن الرئيس عبد الناصر لم يكن يرغب فى عودته ؟
الرئيس عبد الناصر كان يخطط لعودة خالد ولكنه كان يبحث عن مبرر يقوله للشعب يجيب به عن السؤال لماذا نفيته؟ وسبب عودته ؟ وهذا استنتاج مني.
خلال العودة هل تم إبلاغكم بأى تعليمات؟
كانت التعليمات عدم الإعلان عن عودة خالد محيى الدين وتكون الزيارة سرية وحتى العائلة لا يتم إخبارها.
وهل حدث هذا ؟
المفاجأة أن يوم العودة فى الساعة السادسة والنصف طرق موزع صحف الصباح باب منزل أمي، وقال لها مبروك خالد رجع، والساعة 9 صباحا تلقينا تليفونا من زكريا محيى الدين والساعة 9.30 صباحا تلقينا تليفونا من الرئيس جمال عبد الناصر واستقبل خالد.
ما الذى قاله جمال عبد الناصر فى المكالمة ؟
قال حمد الله على السلامة وكانت مكالمة ودية جدا تعكس مدى الحب والاحترام.
علاقته بالرئيس السادات من وجهة نظرك ؟
علاقة متوترة والسادات لم يكن يحب خالد.
فى رأى الكثيرين الرئيس السادات كان يتمتع بالذكاء الكبير؟
أعترف بأنه كان حادا فى الذكاء وبطريقة تخاف منها. وعلى الرغم من العلاقة المتوترة بينه وبين خالد كنت أراه شخصية خفيفة الظل وعلى علاقة طيبة جدا مع حرمه السيدة جيهان السادات. ويكفى أنه يشهد لأنور السادات ودوره فقال فى كتابه «إن السادات كان على علاقة بيوسف رشاد، رجل الملك المخلص، ومع هذا لم يفش سرنا له كضباط الثورة ولو فعل لكان مصيرنا كلنا الإعدام. فقد كان السادات يعرف كل أعضاء لجنة القيادة ولو أبلغ لكان وجه مصر تغير تماما، لكنه لم يفعل .وليس دفاعا عنه فى واقعة مشاجرته فى السينما، فهذا مرتبط بخبرته السابقة فقد حوكم أكثر من مرة وفصل من الجيش وأراد أن يحصن موقعه لو فشلت الحركة، لكنه لم يتخلف، ثم تلا بيان الحركة فى الإذاعة.
ما الذى يميز السيدة جيهان السادات ؟
جيهان السادات كانت شخصية ذكية جدا وتحتفظ بعلاقات وطيدة مع كل الناس التى عرفتهم أثناء وبعد خروجها من الحكم وتحتفظ بالصداقات، عكس السيدة سوزان مبارك، وتركت فى نفسى أثرا كبيرا.
ما الذى فعلته معك؟
كانت تعلم بالخلاف بين السادات وخالد ومع هذا تتصرف بطريقة طبيعية وكانت تفرق بين المواقف وعندما ترانى تترك الجميع وتأتى لمصافحتى بكل الود.
بمناسبة جيهان السادات ماذا عن السيدة تحية عبد الناصر ؟
كان بيننا تواصل على المستوى الشخصى وكنت أزورها بصفة شخصية لكن لم يحدث أن اجتمعنا كعائلة فى وجود الرئيس عبد الناصر وخالد محيى الدين. كنت أتعامل معها بشكل شخصى وبعد وفاة الرئيس عبد الناصر كثفت من السؤال عنها، لأننى وجدت أن الكل يتعامل بطريقة فيها تجاهل وكررت زياراتى لها وزرتها فى المعمورة وكنت متعاطفة معها.
هل هناك تفسير لموقف سامى شرف من خالد محيى الدين ؟
لا أعرف السبب وخالد لم يذكره بأى شيء فى كتابه «والآن أتكلم» وحتى أكون دقيقة لم انته بعد من قراءة الكتاب كاملا لكن أوشكت على النهاية ولم أجد ذكرا له.
أمين : زعيم اليسار كان يصوم ويؤدى الصلوات وحج مرتين
قال المهندس أمين خالد محيى الدين لـ» الأهرام وهو مهندس زراعى والابن الأكبر، أن والده كان شخصية مستقيمة يؤدى الصلوات ويصوم رمضان وأدى مناسك الحج مرتين وهو أب يهتم على الرغم من مسئولياته، والأم هى التى تتولى المسئولية فى التربية، وعلمنا أشياء كثيرة، من بينها أهمية القراءة والثقافة ولم يتدخل فى اختياراتنا بما فيها التوجهات السياسية .
وكشف عن أنه بشوش ضاحك طوال الوقت وبعد عودته من المنفى تحسنت العلاقة بينه وبين الرئيس جمال عبد الناصر وأسس جريدة المساء وبعدها تولى جريدة أخبار اليوم .
وقال، إن الميراث الذى ورثه من والده هو ثروتنا، مشيرا إلى أنه لم يكتب وصية لكن المباديء العامة التى يؤمن بها معروفة لنا. وهى العدالة والحرية وكان حزب التجمع يمثل أهمية قصوى له .
يكفى أنه يشهد لأنور السادات ودوره ، كما يشهد بضمير فى مسألة القبض على جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وهما باللباس المدنى بواسطة قوات يوسف صديق ليلة الثورة. البعض يحاول أن يستنتج أنهما كانت يخططان للتخلص من المسئولية فى حال فشل الثورة ..
والرد على ذلك كما قال والدى فى كتابه إن عبد الناصر وعامر لم تكن معهما قوات، كما كان من المستحيل أن يتحركا بالملابس العسكرية بعد صدور تعليمات بعدم تحرك الضباط من رتبة بكباشى فما فوق فى هذه الظروف.
والشهادة الثالثة، جاءت فى حق محمد نجيب، وقال عنه، لم يبخل بشىء وتحمل المسئولية العسكرية والسياسية. وعند المقارنة بين جمال ومحمد نجيب، قال إن نجيب اهتم بـ «هيلمان» السلطة وجمال اهتم بالإمساك بمفاتيح السلطة الحقيقية. ودلل على ذلك أنه كان مشرفا على وزارتين وعضوا فى مجلس قيادة الثورة وعضوا فى مجلس الإنتاج. ومع ذلك محمد نجيب كرئيس جمهورية وكرئيس وزراء لم يهتم ويتصل به للسؤال عما يجرى فى الوزارتين اللتين يشرف عليهما ولا عما يجرى فى سلاح الفرسان الذى كان ضابطا مهما فيه، بينما كان عبد الناصر دائم السؤال والتدقيق فى كل شىء.
واعتز بموقفه بعد نجاح الثورة، حيث طلب جمال سالم إعدام الملك فاروق لكن والدى رفض وقال: لقد نجحنا فى انجاز حركتنا بلا دماء فكيف نصبغها بالدم بعد نجاحها»، وكان عبد الناصر ضد إعدامه وهدأ جمال سالم وعاد إلى الاسكندرية للاتفاق على خروج الملك سلميا.
ويكشف عن المذكرات التى كتبها والده أن فيها جزءا مهما عن علاقة عبد الناصر بالصحافة ووالدى قال «كان عبد الناصر مهتما بالصحافة وأصدر جريدة الجمهورية واختار لها رئيس تحرير لامع هو الكاتب حسين فهمى ورئيس مجلس الإدارة أنور السادات، وكان عبد الناصر يتوجه مساء كل يوم ليراجع بنفسه المانشيتات والعناوين الرئيسية، وهذا دلالة على مدى اهتمامه بالصحافة كوسيلة لمخاطبة الرأى العام.
والدى قال: ظل عبد الناصر طوال حياته يقرأ الطبعة الأولى من كل الصحف اليومية ويراجعها بنفسه ثم يصدر تعليمات فورية بأية ملاحظات يراها ليتم تعديلها. وقال والدى عندما توليت مسئولية أخبار اليوم كان هناك موتوسيكل مخصص لإرسال أول خمس نسخ لتصل إلى بيت عبد الناصر. وقال من خلال تجربتى فى العمل كرئيس لجريدة المساء من1956 حتى 1959 أو اخبار اليوم من1964 حتى 1965 كان عبد الناصر يتصل بى عدة مرات كل يوم أو على الأقل مرة واحدة ليعرف الأخبار والتوجهات أو يصدر تعليمات .
وفى النهاية قال «نحن الآن نتابعه وندعو له».