عمال تجاوز الستين ويعملون لفترتين "عم منصور. .يوم فيه ويوم مفيش وآهي دنيا والكل في همه سارح""بالصور"
الأحد، 06 مايو 2018 03:00 ص
وبين هذا وذاك، نماذج من قصص الكفاح والسعي على لقمة العيش، تكشف عن قلوب مازالت نقية رغم عناء العيش، يعملون صباحا عمال نظافة وبالمساء شيء آخر حتى لا يسألون الناس إلحافا.
يقول الحاج منصور محمد 62 عاما، لم أكمل تعليمي لظروف خاصه بعائلتي، وخرجت منذ نعومة أظافري للبحث عن لقمة العيش، عملت بالحقول كعامل يومية وكنت أساعد في مواسم الحصاد، ولصغر سني وقتها كانوا يعطونني نصف يومية، ولكن كنت أفرح بها وأهرول ﻷلقي بها في حجر أمي، لتقوم بالربت على كتفي ووجها تملؤه إبتسامة الرضا.
ثم صمت لبرهة وكأنما يسترجع الذكريات وعاد ليقول «من هنا بدأت رحلتي مع الشقاء وعناء البحث عن الرزق الحلال، تنقلت بين الحقول في شتى القرى المجاورة لنا وبالكاد كنت أوفر بعض النقود لتعينني على الزواج والاستقرار، والتقيت بمن ترضى بظروفي القاسية فهي الأخرى لم تكن لها أحلام سوى الستر وضل الرجل».
وتابع قائلا: «استأجرت بعد زواجي بعض القراريط وقمت بزراعتها، وقامت زوجتي بتربية الطيور بكافة أنواعها، فقد كانت ماهرة في ذلك واستعانت على تربيتها بما تجود به اﻷرض، وكانت تقوم ببيع بعضها لتستعين بها على تدبير إحتياجاتنا، ومرت الحياة وأنا أجد لذتها في العمل، فحينما أجلس ليوم واحد بالمنزل أشعر وكأن أمراض الدنيا قد ألمت بي».
وأردف: بعد أن تقدمت بالسن وجدت أنه لامفر من العمل، فأبنائي على قد حالهم، وخاصة بعد أن تزوجوا وأصبح لديهم أبناء وعائلة وخرجت للعمل بأحد الشركات الخاصة للنظافة، وبالرغم من ضآلة المبلغ 20 جنيها لليوم، ولكن يوم فيه ويوم مفيش وآهي دنيا والكل في همه سارح».
وعن العناء الذي يلاقية من جراء عمله كعامل نظافة، قال «لا راحة في الدنيا»، مضيفا أنه يضطر أحيانا للعمل باقي اليوم أي بعد انتهاء فترة العمل من8 صباحا حتى 12 بعد الظهر في أعمال آخرى بنصف يومية، حتى يستطيع سداد فواتير الكهرباء والماء».
أما الحاج حسين عبدالله 60 سنة، فيقول: «لم أترك عملا إلا وطرقت أبوابه، عملت في البناء و الزراعة، وحمل المون وأشياء كثيرة، شاء الله أن تمرض زوجتي وتعاني طوال حياتها، ولكن روحها لم تمرض، فلم تشعرني يوميا أنا وأولادي بأننا ينقصنا شيء، ولكني كنت أعرف كم تعاني وكنت أساعدها دون تبرم مني، ودعواتها لي كانت تزيح عن قلبي الكثير، ومرت السنوات سريعا وسنة الحياة إعادة دورتها مع الأبناء، فتزوجن بناتي الثلاث وحمدت الله على الستر».
وأردف قائلا: «أحسست بأن جسدي لم يعد يقوى على حمل الأشياء الثقيلة، وأشار علي أحد أصدقائي بالعمل معه في شركة النظافة، ترددت في الأول، لأن الأجر زهيد لايسمن ولا يغني من جوع، لكن ما باليد حيلة، فقبلت إلا أنني قررت العمل في فترة المساء،وﻷنني أجيد خياطة الخيش أيضا، الذي عملت فيه لفترة، وكنت أذهب لبعض المصانع التي تستخدم الشكاير الخيش في عملها لتخيطها وكنت اقضي في ذلك ساعتين وربما امتد اﻷمرإلى أكثر من ذلك»، وردد قائلا: «الحمد لله أن وهبنا الصحة للعمل».
أما أحمد حسين علي، 53 عاما، فيقول «الحياة لم تعد كما هي، الناس تغيرت كثيرا والنفوس لم تعد صافية كما كانت قديما، لا تجد من يحمل هم الآخر حتى في الريف تغير الوضع، ومثلما طرأت عليه حياة المدنية أخذت منه الكثير»، مضيفا أنه في السابق كان الجميع يسارع لمساعدة المحتاج في القرية، والآن بعد أن تغيرت الظروف وارتفع سعر كل شيء حتي الدواء، أصبح الناس في كبد من العيش، يسعون ليلا ونهارا حتى يستطيعوا مجابهة متطلبات الحياة الصعبة.
وأردف قائلا: «أنا أحد هؤلاء، صباحا عامل نظافة، ومساء عامل في مقهى، ومع ذلك لا أستطيع توفير نفقات أسرتي، فالبنات كبرن ويطرق الخطاب بابهن وما باليد حيلة، تنقضي الليالي بعد الآخري وأنا أفكر في القادم وزوجتي تشد من أزري وتهدء من روعي، وقلبها يعتصرالما، فكلما خلت بنفسها انهمرت دموعها دون هوادة خوفا على مصير البنات».
ثم صمت لبرهة ورفع بصره للسماء وكأنما يشكو بثه وحزنه لله ويطلب منه الستر لبناته، وعاد ليقول «لو فيي شغلانة تالتة هشتغلها»، ورفع يده للسماء طالبا من الله الصحة والعافية، فهما على حد قوله كنزان، حتى لايضطر لمد يده لخلق الله.