5 أهداف للمشاركة الفرنسية في الأزمة السورية.. دعم شعبية ماكرون وتوجيه ضربات للإرهاب أبرزها
الأربعاء، 02 مايو 2018 06:56 م
ظهر لفرنسا خلال الفترة الأخيرة، دور بارز في المشهد السوري، سواء بعد إعلانها إرسال قوات لمساعدة قوات سوريا الديمقراطية في مواجهة الجيش التركي، أو مشاركتها في الضربة الثلاثية الي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا ضد سوريا.
وتطرقت دراسة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، إلى الدور الفرنسي في دمشق، موضحة أن فرنسا تسعى إلى تعزيز دورها كطرف فاعل على الساحة السورية، وهو ما انعكس في اتجاهها إلى زيادة عدد قواتها في شمال سوريا ومشاركتها البارزة في الهجمات العسكرية التي تعرضت لها البنية التحتية للأسلحة الكيماوية التابعة للنظام السوري.
وأوضحت الدراسة، أن باريس تحاول من خلال ذلك تحقيق أهداف عديدة، يأتي في مقدمتها دعم شعبية الرئيس إيمانويل ماكرون على الساحة الداخلية، والتمهيد لملء الفراغ المحتمل الذي قد ينتج عن الانسحاب الأمريكي من سوريا، فضلا عن المشاركة في الجهود المبذولة للوصول إلى تسوية للصراع السوري.
ولفتت الدراسة إلى أن التدخل الفرنسي المباشر بدأ بالمشاركة في القتال ضد تنظيم "داعش" في كل من العراق وسوريا في إطار التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، عبر مقاتلات ومدفعية وبعض القوات الخاصة التي تقدم استشارات للمقاتلين التابعين للميليشيات الكردية، إلا أن باريس كانت حريصة على توسيع نطاق هذا الدور، على نحو انعكس في مشاركتها في الضربات الأخيرة التي شنتها مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على البنية التحتية للأسلحة الكيماوية التابعة للنظام السوري، بعد اتهامه باستخدام تلك الأسلحة في الهجوم على دوما.
وقالت الدراسة، إن المشاركة الفرنسية في الضربات، تضمنت حسب بعض التقديرات، 9 طائرات مطاردة و3 فرقاطات متعددة المهام (من أصل 5 وضعت في خدمة سلاح البحرية)، وفرقاطة مضادة للغواصات، وفرقاطة مضادة للطيران، وسفينة للتزويد بالنفط. وبالإضافة إلى ذلك، أطلقت باريس، للمرة الأولى، 3 صواريخ بحرية عابرة يبلغ مداها ألف كيلو متر وتتسم بدقة عالية لضرب مواقع إنتاج وتخزين الأسلحة الكيماوية، ووصل عدد الصواريخ التي أطلقتها باريس إلى 12 صاروخ من أصل حوالي 100 صاروخ تعرضت لها تلك المواقع، حيث توازى ذلك مع إعلان وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، في 27 إبريل 2018، عن قيام فرنسا بإرسال جنود إلى سوريا، وذلك بهدف دعم وتعزيز القوات الأمريكية المتمركزة داخلها، في إشارة إلى حرص الطرفين على مواصلة التنسيق السياسي والعسكري للتعامل مع تطورات الأزمة في سوريا.
وأوضحت الدراسة، أنه يمكن تفسير اتجاه فرنسا إلى رفع مستوى انخراطها العسكري داخل سوريا في ضوء عوامل عديدة يتمثل أبرزها في تعزيز النفوذ الفرنسي، حيث تسعى فرنسا إلى دعم دورها كقوة دولية معنية بمسارات وتداعيات الأزمات الإقليمية المختلفة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يبدو جليًا في حرصها على المشاركة في الحرب ضد "داعش" والضربات التي وجهت إلى مواقع الأسلحة الكيماوية التابعة للنظام السوري، فضلاً عن محاولة التوسط من أجل تسوية أزمة الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، بعد وصول الخلافات العالقة بين الطرفين إلى مرحلة حرجة قد تؤدي إلى توقف العمل بالاتفاق في النهاية.
وأكدت أن من بين الأهداف أيضا، دعم شعبية الرئيس ماكرون خاصة بعد أن حرص الأخير، مبكرًا، على إجراء تغييرات في السياسة الفرنسية إزاء الأزمات الإقليمية في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها الأزمة السورية، حيث بدا جليًا أن باريس لم تعد تصر على ضرورة رحيل الأسد كشرط أساسي قبل إجراء المفاوضات الخاصة بمستقبل سوريا، مع التهديد في الوقت نفسه بتوجيه ضربات ضد النظام السوري، في حالة تجاوزه لبعض "الخطوط الحمراء"، على غرار استخدام الأسلحة الكيماوية في الهجمات العسكرية التي يشنها ضد المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة.
وتابعت الدراسة: رغم حرص الدول الأوروبية، ومنها فرنسا، على تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ظل تصاعد حدة التهديدات غير التقليدية التي باتت تواجهها، إلا أن ذلك لا ينفي في الوقت ذاته وجود خلافات ليست هينة بين الطرفين، بدت جلية في المواقف تجاه التطورات التي تشهدها بعض الأزمات الإقليمية في المنطقة، وفي الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الانسحاب من سوريا واتخاذ إجراءات جديدة قد تؤثر على استمرار العمل بالاتفاق النووي مع إيران، تحرص فرنسا على تعزيز دورها السياسي والعسكري في سوريا، ودعم فرص مواصلة تطبيق الاتفاق، مع العمل في الوقت ذاته على إجراء مفاوضات جديدة للتعامل مع القضايا الخلافية التي قد تدفع واشنطن إلى الانسحاب من الاتفاق.
وأوضحت الدراسة، أن اتجاهات عديدة باتت ترى أن حرص باريس على كشف تلك التباينات يهدف إلى تعزيز صورتها كقوة دولية تسعى إلى تبني سياسة قد تختلف عن السياسة التي تتبعها القوة الدولية الرئيسية، ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة فيما يتصل بالأزمات المتصاعدة في الشرق الأوسط.
وقالت الدراسة، إن فرنسا تسعى للانفتاح على فاعلين جدد على غرار الميليشيات الكردية التي مارست دورًا بارزًا في الحرب ضد "داعش"، وحصلت على دعم غربي خاصة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية. وترى باريس أن تأسيس قنوات تواصل رئيسية مع بعض الفاعلين من غير الدول يمثل آلية مهمة قد تدعم جهودها في التحول إلى طرف رئيسي في الملفات الإقليمية المختلفة، ربما يفسر ذلك، إلى حد كبير، أسباب الخلافات المستمرة بين فرنسا وتركيا حول العملية العسكرية التي شنتها الأخيرة في منطقة عفرين لإخراج الميليشيات الكردية منها. فقد أبدت أنقرة استياءً ملحوظًا تجاه حرص باريس على إعلان دعمها لميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية"، بعد أن استقبلت الأخيرة وفدًا من الميليشيا في نهاية مارس الماضي. كما لم تبد دعمًا كبيرًا للمبادرة التي طرحتها باريس للتوسط بين الطرفين.
وأكدت الدراسة، أن فرنسا تسعى لتوجيه ضربات استباقية للإرهاب، حيث ترى باريس أن انخراطها على أكثر من مستوى في الأزمات الإقليمية التي تشهدها المنطقة يمكن أن يعزز جهودها في توجيه ضربات استباقية للتنظيمات الإرهابية، لا سيما بعد أن تمكنت الأخيرة من تنفيذ عمليات إرهابية نوعية داخلها خلال الفترة الماضية.