الضياع والحيرة ولحظة الفشل
الإثنين، 30 أبريل 2018 02:42 م
ما الذي يجعل بعضنا يعيش حياة منظمة، مدرك لقدراته، مدرك من هو والى أين يتوجه هدفه، بينما يعيش البعض الآخر يعاني من مشاعر الوحدة والضياع؟
هل عشت من قبل لحظة ضياع وحيرة أو لحظة سقوط؟ من منا لم يعش هذه اللحظة؟ لحظة مربكة بكل المقاييس، لحظة تمر بك في أوقاتك العصيبة، تحاول الهروب من حياتك الحالية والتى عشتها لسنوات إلى حياة أخرى بأشخاص آخرين، حياة قد تجد فيها ضالتك محاولاً الخروج من حياتك بشكلها الصحيح ومعانيها الجميلة لتجرب يوماً واحداً في حياة الآخرين.
من منا لم يشعر بمشاعر السلبية؟ -وأفضل أنا تسميتها (مشاعر الضياع)- فيمكن القول إن مشاعر الضياع من الأمور التي لا مفر منها حيث إنها تمر بالغني والفقير، بالمعافى والمريض، بالذكر والأنثى؛ فالحياة ستكون في بعض الأحيان بلا معنى وبلا هدف، وهذا عائد لكوننا لم نولد ومعنا كتيب إرشادات "كيف نعيش الحياة؟".
لكن من المؤسف أن معرفتنا بأن الشعور بالضياع يصيب الجميع بدون استثناء، ومع زيادة قدرتنا على فهم طبيعة هذا الشعور سنتمكن من تجاوزه بأقل قدر من المعاناة.
الأشخاص الذين يمرون بفترات يشعرون خلالها بالضياع في الغالب يعيشون لحظات غير محبين لأنفسهم، وغالبا ما يحملون نظرة مشوهة عن أنفسهم تعيقهم عن رؤية قدراتهم ومهاراتهم الحقيقية، يرفضون تقبل فكرة أن شخصيتهم مميزة وتحمل العديد من الصفات التي يتمناها غيرهم، هؤلاء الأشخاص لا يركزون إلا على كونهم مجرد شخصيات ثانوية لا يهتم بها أحد، وأن كل ما يقومون به لا يستحق الاهتمام.
عندما يصل الشخص لهذه المرحلة من المشاعر، فإنه سيصاب بالإحباط الذي يقود للشعور بالضياع؛ لذا يجب عليه أن يعود نفسه أن يراها بشكلها الصحيح، وأن يدرك بأنه شخص مميز في هذا الكون الواسع، لأن صفات الإيجابية والسلبية ما هي إلا مزيج خاص لتكوين شخصيتك المميزة، لذا تعلم أن تحب صفاتك وتسعى لتحسين السيء منها ولكن لا تظلم نفسك وتغمض عينيك عن الجيد منها.
من يشعر بالضياع يحمل بداخله مخاوفا مبنية على تجارب سابقة مؤثرة؛ فهو خائف من المستقبل، خائف على عائلته، خائف من الوحدة، وخائف من المجهول.
حاول أن تعيش بناء على أفكارك ومعتقداتك وقدراتك التي لا يمكن لأحد أن يعرفها أكثر منك، أيضا عليك أن تتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين، يمكنك أن تأخذ التشجيع منهم ولكن لا تحاول تقليدهم، فضلا عن هذا لا تسمح لأي شخص أن يفرض انطباعاته عليك، فأنت شخص تستطيع أن تختار طريقك بدون مساعدة أحد.
ما يجب أن ندركه أن المستقبل شيء مجهول ولكن هذا لا يعني أن نقف مجمدين بانتظار ما يحمله لنا هذا المجهول، بل يجب أن نسعى ونحاول لأن يكون مستقبلنا بأفضل صورة ممكنة، واضعين نصب أعيننا أن الفشل لا يعني التوقف، فلا أحد يتمكن من النجاح بكل شيء في كل مرة، ولكن المهم عند السقوط هو الوقوف السريع وإكمال المشوار وعدم الاستسلام للسقوط والتفكير بأن المستقبل المجهول لا يحمل سوى المزيد من السقطات.
إن الفشل لا يعني التوقف، فلا أحد يتمكن من النجاح طول الوقت، ولكن المهم عند السقوط هو الاستفاقة السريعة، وإكمال المشوار وعدم الاستسلام للحظات الحيرة والضياع، و التوقف عن الاعتقاد بأن المستقبل المجهول لا يحمل سوى المزيد من السقطات.