حدوتة مصرية اسمها محمد صلاح
الأحد، 29 أبريل 2018 01:49 م
عادل السنهورى يكتب:
لا حديث منذ يوم الثلاثاء الماضى للصحافة الرياضية وغير الرياضية فى العالم إلا عن الظاهرة الكروية الجديدة المصرية الصنع بامتياز والمسماة بـ«محمد صلاح»، حتى صحافة العدو الإسرائيلى انشغلت فى صفحاتها الأولى بما فعله صلاح فى مباراة فريقه أمام روما فى نصف نهائى بطولة أندية أوروبا.. والتى أبرزت آراء ساسة الكيان فى النجم المصرى!

محمد صلاح تحول إلى حدوتة مصرية وحدوتة عالمية بعد أن حطم فى موسم كروى واحد أرقاما قياسية كثيرة لأباطرة وأساطير الكرة فى العالم الذين لعبوا فى الدورى الإنجليزى، وأصبح الآن مرشحا لجائزة الحذاء الذهبى وربما لجائزة أحسن لاعب كرة فى العالم، ولو تحقق ذلك لانضم محمد صلاح إلى موسوعة جينيس للأرقام القياسية، بل إن بعض الصحف الأوروبية رشحته لجائزة نوبل فى الرياضة ليس فقط لإبداعه وفنه الكروى وإنما لمجمل أفعاله وأخلاقه وسلوكياته التى جعلته شخصا محبوبا من منافسيه قبل محبيه، ومن الفرق التى يسجل فيها قبل زملائه فى ليفربول.
فى المباريات التى لعب فيها ضد فريقه السابق لم يحتفل بتسجيله الأهداف، تقديرا منه للفترة التى قضاها بين صفوف فريقه السابق مثل روما، ففى المباراة الأخيرة لم يحتفل بهدفيه الرائعين، سوى برفع يديه إلى السماء على استحياء، فى إشارة منه إلى مشاعر الاحترام، التى يكنها لفريقه القديم.
يستحق صلاح أن يصبح أيقونة فى تاريخ الكرة المصرية والعربية والعالمية بالأرقام التى سجلها حتى الآن، فقد حقق مهاجم ليفربول 10 أرقام بعد مباراة فريقه أمام روما فى ذهاب نصف نهائى دورى أبطال أوروبا لكرة القدم، والتى انتهت بفوز فريقه بنتيجة 5-2 سجل منها صلاح ثنائية، أصبح أول لاعب مصرى يشارك فى الدور نصف النهائى من دورى أبطال أوروبا، اللاعب التاسع من قارة إفريقيا يسجل فى نصف النهائى، والأول منذ المغربى مهدى بن عطية مع بايرن ميونيخ فى 12 مايو 2015.

أصبح صلاح أول إفريقى يسجل 10 أهداف فى نفس الموسم لدورى الأبطال متخطيا الكاميرونى صامويل إيتو، سجل فى كل المباريات التى شارك بها منذ البداية مع ليفربول فى دورى الأبطال هذا الموسم، متساويا مع ستيفن جيرارد، ولا يوجد لاعب سجل أكثر منه فى مباريات متتالية للفريق الإنجليزى.
صلاح أول لاعب فى تاريخ ليفربول يسجل 10 أهداف فى موسم واحد فى دورى أبطال أوروبا، ووصل إلى 43 هدفا فى كل المسابقات هذا الموسم، ليصبح على بُعد هدف واحد من معادلة رقم الهولندى فان نيستلروى برصيد 44 هدفا، كأكثر لاعب من «البريميرليج» يسجل أهدافا فى موسم واحد 2002-2003.
سجل حتى الآن 43 هدفا هذا الموسم أكثر من أى لاعب آخر فى الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى (إنجلترا- إسبانيا- إيطاليا – ألمانيا – فرنسا).
نجح فى معادلة رقم أسطورة فريقه وهدافه التاريخى، إيان راش بالتسجيل فى 33 مباراة مختلفة، وهو ما حققه راش موسم 1982-1983، أكثر لاعب عربى تسجيلا للأهداف فى تاريخ دورى الأبطال برصيد 13 هدفا، بقمصان ليفربول وروما وبازل السويسرى محطما رقم الجزائرى المعتزل رابح ماجر (12 هدفا) مع بورتو البرتغالى بين عامى 1986 و1991.
اسم صلاح أصبح مرادفا للبهجة والفرحة والسعادة لدى المصريين والعرب وحتى الإنجليز، فهو ليس لاعبا عاديا وإنما لاعب استثنائى فى كل شىء، وليست المسألة فقط فى أن «أمه داعية له» وإنما هى سر الظاهرة الذى يتلخص فى نموذج إنسانى اجتهد وكافح وتعلم وتطور حتى أصبح قصة كفاح وقدوة لملايين من الشباب العرب.

صلاح ليس لاعبا فقط وإنما إنسان أعطاه الله من رزقه، فأنفق مما يحب من أمواله على أهل قريته ومدينته ومحافظته فى إنشاء مستوصف وجمعية خيرية وملعب والتبرع لمستشفى طنطا ومدرسة وغيرها من الأفعال الخيرية الكثيرة وتبرعه إلى صندوق تحيا مصر، لم تبهره أضواء الغرب ولم ينجذب للمغريات مثلما فعل غيره من اللاعبين الذين انتهت حياتهم الاحترافية مع بدايتها لغياب الثقافة والوعى.
والحمد لله الذى رفضه نادى الزمالك فى عام 2011 فقد كان ذلك وش السعد على صلاح ليبدأ رحلة النجاح الباهر.
الدعاء وحده لا يحقق النجاح، إنما الانضباط والالتزام والثقة فى الذات والاعتماد على الله، تجعل القدر يستجيب للموهبة، وصلاح ضحى وعانى وواجهته صعوبات كثيرة ليصل لما هو فيه، وأثبت أن المستحيل مجرد كلمة عابرة وأن الأساس هو الاجتهاد والسعى وراء الحلم مهما كانت التحديات.
