«العلاقة بين الاستقرار السياسي والأمن الغذائي» في عدد «أوراق» الـ 27
الأحد، 29 أبريل 2018 01:59 م
وتهدف الدراسة إلى تحليل العلاقة، التي تربط ما بين الاضطرابات السياسية التي تعرضت لها مجموعة من الأقطار العربية، ومدى تمتع مواطني تلك الأقطار بدرجةٍ من درجات الأمن الغذائي، بالتطبيق على كلٍّ من مصر وليبيا وتونس والعراق وسوريا واليمن خلال الفترة (1996-2015).
ويحتوي الأمن الغذائي بمعناه الشامل على أبعادٍ أربعة؛ البعد الأول والأهم هو بعد إتاحة وتوفير الغذاء، والبعد الثاني هو بعد إمكانية الوصول إلى هذا الغذاء، والبعد الثالث هو بعد الاستفادة من هذا الغذاء، وأخيرًا بعد ثبات واستقرار الإمدادات الغذائية. والمفهوم بأبعاده الأربعة هو ما تقوم الدراسة باستجلائه واستيضاح محدداته واستشراف مستقبله في ظل الاضطرابات السياسية التي تعرضت لها المجتمعات محل الدراسة.
وتبين الدراسة أن هناك تأثيرًا متبادلًا فيما بين مؤشر الاستقرار السياسي من جانب، والمؤشرات المختلفة للأمن الغذائي من جانب آخر، وإن اختلفت قوة واتجاه ذلك التأثير من دولة إلى أخرى، ومن بعدٍ إلى آخر من أبعاد الأمن الغذائي خلال الفترة موضع الدراسة.
وشهدت جميع المجتمعات العربية موضع الدراسة تأثيرًا واضحًا، لبعض جوانب وأبعاد الأمن الغذائي بها على استقرارها السياسي، وإن كان هذا التأثير من الضعف بمكان بحيث لا يقوى منفردًا على إحداث اضطرابات سياسية واضحة في الدول العربية التي خضعت للدراسة. وبالتالي يمكن القول بأن الأمن الغذائي بهذا الشكل يفسر - ولكن بجزءٍ ضئيل منه – الاضطرابات وأحداث العنف التي ضربت هذه المجتمعات خلال إجمالي الفترة محل الدراسة.
وفيما يتعلق بالمتغيرات الاقتصادية الكلية المؤثرة على أبعاد الأمن الغذائي المختلفة في الدول العربية محل الدراسة، فقد أوضحت النتائج تأثير كافة المتغيرات الاقتصادية الكلية على أبعاد الأمن الغذائي المختلفة، وإن أظهر متغير البطالة تأثيرًا أقوى على معظم أبعاد الأمن الغذائي.
وتؤكد الدراسة أن التأثير الواضح للاستقرار السياسي على إتاحة الغذاء، وقدرة السكان على الوصول إليه داخل المجتمعات العربية، يستلزم أن تعمل كافة المؤسسات الرسمية منها وغير الرسمية داخل الدول العربية، على نشر الوعي لدى مواطنيها للحفاظ على استقرار مجتمعاتهم، والارتباط المباشر لذلك الاستقرار بقدرتهم على الحصول على ما يكفيهم من الغذاء، وأن أي اضطرابات لن تؤدي بأي حالٍ من الأحوال إلى تحقيق أمنهم الغذائي.
كما أن ارتباط الأمن الغذائي داخل الدول العربية محل الدراسة بمعدل البطالة بها بعلاقة عكسية، هو مؤشر إيجابي على أن استغلال الطاقات البشرية المتاحة لدى هذه الدول يعد أحد أهم وسائل تحقيق أمنها الغذائي، وهو ما يلقي عليها بمسئولية جسيمة فيما يتعلق بكيفية استغلال تلك الموارد البشرية المعطلة.
أما ارتباط تحقيق الأمن الغذائي في المجتمعات العربية موضع الاختبار بعائد الصادرات المتحقق، وهو في جانب كبير منه عائد ريعيّ، وفقًا لهيكل صادرات تلك المجتمعات، يتطلب أن تعي تلك المجتمعات أن مستقبل أمنها الغذائي قد يتعرض لتقلباتٍ حادة؛ لذا عليها أن تشرع في انتهاج سياسات اقتصادية تستهدف تنمية قطاعاتها الإنتاجية وبخاصة قطاعا الزراعة والصناعة.
وتشدد الدراسة على أن تحقيق الأمن الغذائي في كل مجتمعٍ عربي على حدة إنما هو أمن قومي للمجتمعات العربية كافة.
وعلى ذلك، فمن الأهمية بمكان التأكيد على ضرورة تعزيز التعاون العربي، وبخاصة في القطاعات الاقتصادية المختلفة المرتبطة بتحقيق الأمن الغذائي، كالإنتاج الزراعي ووسائل النقل والمواصلات والبنية التحتية، وكذلك تعزيز التعاون فيما يتعلق بمكافحة أعمال العنف والإرهاب.