السقوط الأخير .. 22 عاما من الإرهاب القطري لإسقاط مصر (الحلقة الثانية)
الأحد، 29 أبريل 2018 01:00 ص
بدأ التدخل القطري في الشأن المصري عقب الانقلاب الذي نفذه حمد بن خليفة، على والده أمير قطر الأسبق الشيخ خليفة آل ثاني عام 1995، حين رفض الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، الاعتراف بولايته واعتبره انقلابا، ومن ذلك الوقت تحاول قطر إسقاط الدولة المصرية، وتفتيت الجسد العربي لصالح المخططات الصهيونية.
استندت بان ثامر العاني، باحثة عراقية، حصلت على الماجستير من جامعة بغداد، في كتابها «السقوط الأخير.. العمائم الإيرانية والعقال القطري»، عن دعم الإرهاب القطري في مصر إلى وثائق "ويكيليكس" عام 2015، أن وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم، يدعم الإرهاب في مصر عبر قناة الجزيرة، كما يستخدمها في تحقيق الأهداف السياسية المشبوهة تجاه مختلف الدول العربية، سواء تلك التي شهدت ما يعرف بـ"الربيع العربي" أو التي نجت منه، بهدف استنزاف المنطقة وتحويلها إلى عدة دويلات متصارعة، بما يجعل العدو الإسرائيلي الدولة الأقوى في الشرق الأوسط.
وحسب الوثائق، فقد شهدت تلك الفترة عقد اجتماع بين وزير الخارجية القطري ومسؤولي قناة الجزيرة، إذ تبين تسخير عدة قنوات ومواقع اخبارية وصحف إلكترونية، لإشعال الخلافات بين أبناء الشعب وإثارة الفتنة الطائفية، وتضخيم حجم الإرهاب، ومن بين تلك المواقع "هافينجتون بوست" باللغة العربية الذى يديره الإخواني "وضّاح خنفر" الذى كان رئيسا لقناة الجزيرة.
لم تكتف قطر بإيواء أعضاء جماعة الإخوان الهاربين من مصر، بل عملت على إشعال الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط المصريين، وزعمت عبر قناة الجزيرة، وجود مضايقات للأقباط في مصر، كما استغلت تنظيم داعش شمال شرق البلاد، الذي تموله، في استهداف المسيحيين بسيناء، كذلك استغلت قطر حوادث التفجير بكنائس مصر، لبث حالة من الرعب، وخلق حالة من الإحباط في الشارع المصري.
وقالت التقارير، إن الصور الحصرية التي حصلت عليها قناة الجزيرة لعمليات "داعش" في سيناء، والتي تتكلف مبالغ كبيرة، بما يؤكد ضلوع قطر وجماعة الإخوان في تنفيذ هذه العمليات، لأجل تحريض الأقباط في مصر ضد سلطات الدولة.
رغم صغر تعداد الجيش القطري، الذي لا يتجاوز عدد أفراده 12 ألف ضابط ومجند، إلا أن الوثائق كشفت أن الإمارة الصغيرة اشترت أسلحة بما يقرب من 22 مليار دولار، بما يؤكد أن غالبية تلك الأسلحة تم تسليمها لجهات وكيانات آخرى، ليس من بينها جيش قطر.
وفي الوقت الذي تواصل الأجهزة الأمنية في مصر ودول المنطقة جهودها لضبط شحنات الأسلحة الضخمة المهربة عبر الحدود البرية والبحرية، جاءت الوثائق الأخيرة لتؤكد أن قطر هي مصدر تلك الأسلحة، والجهة التى دفعت المليارات لتخريب دول الجوار، والدفع بها إلى دوامة العنف والإرهاب.
وكشف الصحفي الأمريكي سيمور هيرش، في أبريل 2014، عن وثائق أميركية تفصح عن دور قطر في مساعدة التنظيمات الإرهابية في سورية، وهو نفسه ما يحدث مع مصر، إذ يتم تهريب الأسلحة من ليبيا والسودان ومنطقة البحر الأحمر، وضبطت السلطات المصرية كميات كبيرة من الأسلحة مصدرها قطر.
وأشار الصحفي إلى إن المستفيد الرئيسي من هذه الأسلحة كان الإرهابيون الذين ينتمي بعضهم مباشرة إلى تنظيم القاعدة، وهو أيضا ما يؤكد العلاقة الوطيدة بين الدوحة والجماعات المتطرفة في ليبيا التي سيطرت على مخازن الأسلحة عقب سقوط القذافي.
تقول "بان" إن التنظيمات الإرهابية في مصر بل والعالم، خرجت من عباءة الإخوان، وإن الخيوط جميعها قادت وما تزال إلى الإخوان وأتباعهم، في عملية الاغتيال للنائب العام المصري هشام بركات، ومحاولة اغتيال مفتي الجمهورية الأسبق الشيخ على جمعة، كما أن محمد البلتاجى أحد قادة الجماعة الإرهابية قالها بوضوح: "إن ما يحدث فى سيناء سيتوقف فى اللحظة التى يعود فيها المعزول مرسي إلى منصبه".
وبلغ حجم التمويل القطري "المبدئي" للإرهاب نحو 65 مليار دولار منذ عام 2010 حتى 2015، وهو مبلغ هائل، كان كفيلا بإضافة مدارس ومستشفيات وخدمات للمواطن القطري، كما كان يمكن أن يغير واقع دول وحياة شعوب عربية فقيرة، لو أحسن استغلاله بدلا من توجيهه لدعم التنظيمات الإرهابية.
لقد مرت المؤامرة القطرية على مصر بعدة مراحل أخطرها قبل الأخيرة الخاصة بتمهيد الطريق لجماعة الإخوان، وحلفائها، لإسقاط نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، واستغلال الأوضاع الاقتصادية والسياسية، للاستيلاء على رأس السلطة فى مصر، التى دخلت حيز التنفيذ عام 2005 وانتهت فى 28 يناير 2011، لتبدأ مرحلة جديدة من التآمر.
ومن أبرز الوثائق التي رصدت تلك المرحلة من المؤامرة القطرية، ما كشفت عنه أوراق القضية رقم 56458 لـسنة 2013 جنايات قسم أول مدينة نصر، المقيدة تحت رقم 2925 لـسنة 2013 كلى شرق القاهرة، المعروفة إعلاميًا بـ”التخابر الكبرى”، المتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسى، وقيادات جماعة الإخوان، وأعضاء حركة حماس.
وكشف المخطط القطري لم يكن بالأمر السهل والهين، حيث دفع محمد مبروك، ضابط قطاع الأمن الوطني المسئول عن ملف جماعة الإخوان فى جهاز أمن الدولة المنحل، ومحرر محضر التحريات الخاص بقضية التخابر الكبرى، حياته على يد ميليشيات الإخوان، ثمنا لفضح المؤامرة التي تمت برعاية وزيرة الخارجية الأمريكية السابق، كونداليزا رايس.
بحسب الوثائق: بإيعاز من الحكومة القطرية، وتمويل من استخباراتها، وصلت الأوامر للإخوان بحشد قواعد الجماعة الجماهيرية للخروج فى يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 لإسقاط جهاز الشرطة الذى مثل عصب الدولة المصرية فى ذلك العهد، وتولى عناصر كتائب القسام، وحزب الله، الحرس الثورى الإيرانى، مهمة نشر الفوضى فى أرجاء المحروسة دعمًا للمخطط التآمرى.
قبيل جمعة الغضب 28 يناير 2011 بـ24 ساعة، رصدت الأجهزة الأمنية المصرية، تحويل المخابرات القطرية مبلغ 100 مليون دولار لصالح جماعة الإخوان، لتمويل أعمال الفوضى والعنف المزمع تنفيذها فى البلاد لكسر جهاز الشرطة.
انتهت تلك المرحلة من المؤامرة بنجاح المخطط، واستغلال الغضب الشعبى كغطاء سياسي لتمهيد الطريق لاستيلاء الإخوان على السلطة، تحت مزاعم إسقاط الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ونظام الحزب الوطنى المنحل، حتى تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية في 12 فبراير 2011.
واصلت قطر دعم المرحلة الجديدة من مخططها ضد مصر، بتسخير قناة الجزيرة للهجوم على الجيش المصري، وخدمة أهداف جماعة الإخوان فى التآمر على المؤسسة القضائية، حتى تتويج محمد مرسى رئيسًا للجمهورية بأموال قطر ودعم مخابرات أجنبية.
يقول أرشيف النيابة العامة المصرية، إن قناة الجزيرة القطرية لم يقتصر دورها على الترويج للإخوان، والتحريض ضد مؤسسات الدولة، والدعوة إلى تفكيكها، بل استخدمت غطاءً لأجهزة مخابرات أجنبية كشفت عنها القضية رقم 315 لسنة 2014 حصر أمن الدولة العليا.
عُرفت تلك القضية إعلاميًا بـ"التخابر مع قطر"، وأحيل على ذمتها للمحاكمة الجنائية الرئيس الأسبق محمد مرسى، و10 آخرين، بينهم أعضاء بفريقه الرئاسي، بعد ثبوت ارتكابهم جريمة تسريب تقارير الأمن القومي المصري إلى المخابرات القطرية، وإفشاء أسرار الدفاع عن الدولة المصرية عبر قناة الجزيرة الفضائية.
وكشفت وثيقة حملت رقم 432 بتاريخ الأول من يوليو 2009، عن اللقاء الذى استغرق 50 دقيقة بين الشيخ حمد بن جاسم وقناة "الجزيرة"، الذى أسهب فيه بن جاسم عن السياسة الخارجية القطرية، حيث قالت الوثيقة إن "وزير الخارجية القطرى الشيخ جاسم وعدد من المسئولين الإسرائيليين والأمريكيين، أكدوا أنه بمجرد خروج المصريين إلى الشارع فإنه سيكلف قناة الجزيرة ببث كل ما يذكى إشعال الفتنة فى الشارع، ليس فقط بين المصريين والنظام ولكن بين المصريين بعضهم البعض".
وكشفت وثائق حديثة سربها ويكليكس، أن حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى أبلغ إسرائيل أن الدوحة تتبنى خطة لضرب استقرار مصر بعنف وأن قناة "الجزيرة" ستلعب الدور المحوري لتنفيذ هذه الخطة.
وذكرت الوثائق أن لقاء سريا جمع بين بن جاسم ومسئول "إسرائيلى" نافذ فى السلطة أبلغه فيه نيته تلك ووصف مصر بـ"الطبيب الذى لديه مريض واحد" ويجب أن يستمر مرضه، وأكد أن المريض الذى لدى مصر هو القضية الفلسطينية.