لوموند.. الإباضييون في جربة يحملون خصائص جديرة بتسليط الضوء عليه

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015 11:06 ص
لوموند.. الإباضييون في جربة يحملون خصائص جديرة بتسليط الضوء عليه

تعهدت تونس بعد سقوط الرئيس زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011 أن تسير على درب الديمقراطية إلا أنها تواجه منذ ذلك الوقت معارضة شرسة من جانب السلفيين الجهاديين الذين لا يكفون عن اللجوء إلى السلاح من أجل فرض وجودهم على المشهد السياسي.

وقد ارتكب الجهاديون المتأسلمون فى تونس عدة هجمات ارهابية دامية استهدفت تصفية شخصيات بارزة في المجتمع المدني فضلا عن أنها وجهت ضربة قاصمة لقطاع السياحة الحيوي بالنسبة للاقتصاد التونسي، من بينها اغتيال السياسي العلماني والمحامي المدافع عن حقوق الإنسان شكري بلعيد في 6 فبراير 2013 وأيضا المعارض محمد برهامي مؤسس التيار الشعبي في 25 يوليو من العام نفسه. كما استهدف هجومان أخران وقعا عام 2015 كلا من متحف باردو في 18 مارس (24 قتيلا) وشاطىء سوسة في 26 يونيو (38 قتيلا).

وتحدثت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن تيار إسلامي أخر في تونس غير معروف، وهو الإباضية في جزيرة جربة جنوب شرقي تونس في خليج قابس، والذي لم يبد حتى الآن أي رغبة في الدخول إلى عالم السياسة إلا أنه يمثل مع ذلك خصائص جديرة بتسليط الضوء عليها. وهو ما فعلته عالمة الاجتماع والمخرجة أنييس دوفيو في أحدث أفلامها الوثائقية "إباضية جربة.. فرقة أخرى في الإسلام" الذي يعرض لقاءات مع أتباع هذا التيار المسالم ومتخصصين فيه.

وينسب الإباضية إلى أحد مؤسسي هذا التيار ويدعى ابن إباض حيث يعود تاريخهم إلى أزمة الخلافة التي ظهرت في مرحلة تالية بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم عام 632 ميلادية.. وهم ينتسبون إلى الخوارج الذين انقلبوا على رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب بل بلغ الأمر بهم أنهم قتلو عليا.. وأقام الخوارج في مدينة البصرة بالعراق كما أنهم نظموا خلال القرنين الأول والثاني بعد ظهور الإسلام، العديد من الثورات ضد الحكام السنة بدعوى فهمهم للخلافة على نحو مغاير تماما لما هو قائم آنذاك.

ويشترطون صلاح ونزاهة المسلم لتولي منصب الخلافة بصرف النظر عن نسبه وجنسه ولونه، ومنهم من أجاز ولاية المرأة والعبيد. غير أن الانقسامات أضعفت فرقة الخوارج سريعا مما تسبب بظهور فرق أخرى من بينها الإباضية التي لا تزال موجودة حتى اليوم.

ويعيش الإباضية – وهم أقلية – حاليا في الجزائر في وادي مزاب، وفي ليبيا في جبل نفوسة، وفي تونس في جزيرة جربة بينما يشكلون نسبة كبيرة من سكان سلطنة عمان فضلا عن انتشارهم في مناطق أخرى مثل زنجبار على الساحل الشرقي للقارة الإفريقية وبعضهم في فرنسا. لكن الإباضية الحاليين يرفضون انتسابهم إلى الخوارج أو اعتناقهم مذهبهم المقترن بالعنف والتطرف. على النقيض، إنهم حريصون على تعريف مذهبهم بأنه فرقة أصيلة من الفرق الإسلامية السنية ويرون أنهم "الديمقراطيون في الإسلام".

ويؤكد الإباضية اختلافهم عن الفرق الإسلامية الأخرى المتشددة في نقاط عدة، أهمها روح الإنصاف التي تسود ممارساتهم الدينية والاجتماعية، وغياب حياة الترف الذي يظهر بوضوح في بساطة وتقشف مساجدهم، وقبول التعددية العرقية والدينية داخل المجتمعات التي يعيشون فيها.

ويؤكد الباحث سيريي أييه – أحد أبرز الخبراء بشئون هذه الفرقة الإسلامية – في مداخلته ضمن هذا الفيلم الوثائقي أن السلطات العمانية تمتدح في أحاديثها الرسمية روح التسامح بين أتباع الإباضية مثلما هو الحال في جزيرة جربة لكن هذا الحديث ليس سوى شعارا يندرج في إطار الكياسة السياسية.

ويمكن الإشارة هنا إلى أن جالية يهودية يناهز عددها 700 شخص تقريبا – من أكبر الجاليات اليهودية في العالم العربي – لا يزالون يعيشون في جزيرة جربة على الرغم من الهجوم الذي نفذه إرهابيون ينتمون إلى تنظيم القاعدة عام 2002 ضد معبد الغريبة اليهودي في جربة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق