"صوت الأمة" فى رحلة داخل مملكة الموت عاصمة الهيروين.. على أعتاب مدينة السحر والجمال
الثلاثاء، 24 أبريل 2018 10:00 مكتب - على الديب
فتيات ثريات يبعن أجسادهن مقابل جرعة والجثث والعربات المحترقة بلا ثمن.. وكل شىء يختفى خلال لحظات فى خنادق وقت اقتحام الأمن
مكان موحش لا تحمل تفاصيله إلا ألوان متعددة وطرق مختلفة جميعها تنتهى بالموت، فالكل لا يبحث إلا إن جرعة تقربه خطوة إضافية من نهايته، بعدما أدمن المسحوق الأبيض وأخذ يتردد على المنطقة التى أصبحت حاليًا عاصمة الهيروين فى مصر، والتى يُطلق عليها المدمنون اسم «السحر والجمال»، نسبة إلى مدينة الإسماعيلية القريبة من حدودها.
مجموعة من العربان والهاربين من الأحكام هم من يبسطون أيديهم على المنطقة ويفرضون سطوتهم على الداخل والخارج، حيث يحصلون على الهيروين من خلال تهريبه من شمال سيناء عبر الدروب والمدقات الجبلية بأبوصوير والإسماعيلية إلى أن يصل إلى «السحر والجمال» ليتم بيعه بطريقة «التذاكر».
يشغل المكان مساحة كبيرة تحيطها بعض الأشجار العالية، والتبات والأبنية المتباعدة وعدد قليل من الفيلات التى تبدو مهجورة وخلال رحلتنا للمكان باتفاق مسبق مع أحد سكان مدينة العاشر من رمضان المترددين على المنطقة، وصلنا إلى ما يشبه «بوابة» تبعد عن أول تبة فى المدينة بنحو كيلو متر، وقام حراس المكان المسلحون بتفتيش جميع متعلقاتنا بعد سحب الهواتف المحمولة والاطمئنان لعدم وجود أى معدات تصوير أو أسلحة، مبررين ذلك بأن هذه الإجراءات تتم مع زبائن المكان غير المعروفين، وبعد عملية التفتيش اصطحبنا بعض الحراس باستخدام دراجات نارية إلى داخل المنطقة التى يتم فيها تداول المخدرات.
بمجرد دخولنا للمنطقة شاهدنا مستويات مختلفة من البشر، وأسلحة آلية فى أيدى بعض الملثمين، «سرنجات» مُلقاة على الأرض، فتيات من مستويات مادية متباينة مُحجبات وغير مُحجبات، لا مجال للحديث كثيرًا فقط تُخرج النقود وتطلب الصنف والكمية فقط، وتحصل على المطلوب فى أقل من دقيقة وتغادر المكان أو تنتظر وتتعاطى جرعتك بطرق مختلفة شاهدناها بأعيننا، منها وضع الـ«هيروين» على ورق ألومنيوم فوق لهيب «ولاعة» واستنشاق الأبخرة المتصاعدة، وهى أكثر الطرق تكلفة حسبما علمنا من مرافقنا.
وعلى بُعد عدة أمتار رأينا مجموعة من الشباب يجلسون فى دائرة على الأرض، يتناوبون لف البودرة فى أوراق صغيرة، لبيعها، وعلمنا أن مهمتهم التجهيز والوزن والتعبئة، وبالقرب منهم يقف 4 ملثمين بأسلحتهم فى وضع الاستعداد، وجوههم نحو الاتجاهات الأربعة لحراسة عملية إعداد «الهيروين» للبيع، بالإضافة إلى آخرين يحملون نظارات مراقبة تكشف عدة كيلو مترات إضافية حول المكان.
وتبين أن ما يدفع المدمنين للتردد على هذا المكان الخطير، هو أسعار المادة المخدرة التى تصل إلى نصف سعرها المعتاد، حيث يبلغ سعرجرام الهيروين 120جنيهًا، وفى حال التردد أكثر من مرة يمكن الحصول عليه بتخفيض، حيث يتراوح سعر «البيسة» وهى مزيج من مادة «الكوك» وبرشام «أبو صليبة» وبعض المواد الكيميائية غير المعروفة، من 100 إلى 120 جنيهًا، وحقنة «الماكس» بـ 150 جنيهًا بدلًا من 300 أو 400 جنيه فى الأماكن الأخرى، فيما يتراوح سعر «صُباع الحشيش» من 100 إلى 140جنيهًا، وهناك أنواع بـ 80 جنيهًا، حسب درجة الجودة.
وترجع صعوبة اقتحام عناصر الشرطة للمكان إلى وجود أكثر من 10 أبراج مراقبة مخفية بين الأشجار، عليها «ناضورجية» مُسلحين بمدافع متعددة الطلقات و«آر بى جى»، مهمتهم التحذيرمن قوات الأمن واتخاذ الإجراءات اللازمة للحماية، وتوجد خنادق لإخفاء البضاعة حال نشوب أى اشتباكات بين التجار ورجال الشرطة.
المصدر الذى أوصلنا إلى المكان أوضح أن المنطقة تتردد عليها شخصيات كبيرة، تبدو ذات أهمية نظرا لنوع السيارات التى يستقلونها، بعضها مزود بنوافذ سوداء تخفى من داخلها ومصحوبين بحراسة، إذ قد يتعرض بعض المدمنين إلى الاعتداء، خصوصًا الفتيات، حيث قال إنه أوصل منذ نحو شهر إحدى الفتيات إلى المنطقة، وبعد نصف ساعة عادت منهكة وأخبرته أنها تعرضت للاغتصاب داخل المكان مقابل «جرعة».
وقال آخرون - رفضوا ذكر أسماءهم- إن عددًا من الفتيات المدمنات يذهبن إلى المكان للتعاطى، ويقدمن أنفسهن لمن يدفع لهن ثمن الجرعة، لذا فتح بعض التجار ما يشبه «كازينو» أو «ملهى ليلى» للتعاطى وممارسة الرذيلة، ولكن لا يدخله سوى الأفراد المعروفين لحراس المكان، ومن المعتاد مشاهدة سيارات كثيرة متجمعة بالقرب من المنطقة لتعاطى «الماكس» و«الهيروين»، بالإضافة إلى تردد أشخاص غير مصريين.
وتصل الاعتداءات فى بعض الأحيان إلى القتل بالرصاص، حيث يتم نقل الضحية إلى أى مستشفى قريبة من الإسماعيلية أو القاهرة، دون أن يحدث شىء حيث لا تعلم الضحية إذا بقيت على قيد الحياة هوية المعتدى، حيث تم العثور على شخص نزف حتى الموت جراء إصابته برصاص فى البطن، وآخر مقتول برصاصة فى الرأس، إضافة إلى العثور على بعض السيارات المحروقة على جانبى الطريق.