سوريا ما بعد العدوان الثلاثى!
الإثنين، 23 أبريل 2018 02:14 م
تخشى «وزارة الدفاع الإسرائيلية» أن «يدفع الهجوم الثلاثى روسيا للإسراع ببيع منظومة دفاعية متطورة لنظام بشار الأسد فى سوريا
خشية إسرائيل بعد فشل الضربة الأمريكية الأخيرة، تكمن فى أنْ يقوم الرئيس الروسيّ بعمليةٍ انتقامية
هى فى عرفنا ـ دون سواها من بلاد العرب ـ كعبة العروبة.. انها سوريا التى فى رواية عروبية آخرى (قلب العروبة النابض) كما اسماها قبل نصف قرن مضى.. جمال عبدالناصر وهى فى رواية ثالثة (عز الشرق الذى أوله دمشق) كما قال قبل مائة عام مضت امير الشعراء احمد شوقى فى رائعته (سلام من صبا بردى ارق.. ودمع لا يكفكف يا دمشق).
لأنها كعبة العروبة وقلبها وعزها.. ليس فحسب فى الشعر والعاطفة بل فى الاستراتيجية وصراعات القوى ومصائرها.. لذلك ادموها طيلة ثمانى سنوات عجاف، ولم يكن عدوانهم الاخير (الدامى والفاشل فى آن واحد) (فجر 14/4/2018) هو الاول لقد سبقه مئات الاعتداءات المباشرة او بالوكالة عبر الجماعات المسلحة الممولة خليجيا (حتى الان 137 مليار دولار!) أو الكيان الصهيونى، كان لهذه الاعتداءات اهدافها التكتيكية المرحلية التى تغيرت بين عدوان وآخر.. لكن ظل الهدف الاستراتيجى الثابت والدائم هو ان تحول سوريا الى ركام، وان تعزل عن دورها التاريخى (وهل الدول ذات الحضارة.. الا دور ورسالة ) ودورها كان هو حماية فريضة العروبة عبر دعم صلاتها وصيامها وحجها الصحيح والدائم الذى هو فى رأينا؛ المقاومة.. وهل يستطيع من يؤمن بهكذا صلاة وصيام وحج ان يقيم فرضه من غير (كعبة ) تحنو عليه وتأويه وترشد بوصلته الى القبلة الصحيحة فى زمن انحراف البوصلات والقبلات ـ بكسر اللام ـ ؟ لهذا السبب الاستراتيجى الممتد تم الاعتداء على سوريا والتآمر الدولى لثمانى سنوات مضت، ولنفس السبب سيتم الاعتداء عليها لاحقا.. لكن فى المرات القادمة كما فى مرة العدوان الثلاثى الاخير، سيكون الرد مختلفا فتوازن القوى وصلابة التجربة الدامية التى صهرت الارادة وصلبتها واكسبتها مع المحنة عزيمة اشد فى الصبر والمنازلة وادماء العدو، عوامل جديدة تذكرنا بالقول المأثور للمجاهد الليبى الكبير /عمر المختار، وهو يقاتل المحتل الايطالى فى شجاعة رغم الخلل فى موازين القوى وقتها: الضربات التى لا تقتلنى تقوى ظهرى! وهو عينه ما تعيشه سوريا ( كعبة العروبة ) هذه الايام. على اية حال دعونا نرصد بعض ملامح مرحلة ما بعد العدوان الثلاثى.اولا: الان وبعد ان انجلت الصورة ووضحت مواقف القوى بعد العدوان بات معلوما حتى لدى من قام بالعدوان ومن حالفه وموله من عرب الخليج، ان الضربة قد فشلت، ولم تحقق ايا من اهدافها المعلنة من قبل الرئيس الامريكى، وكان اشد المنتقدين لفشلها، (الجماعات المسلحة –بعض الدول النفطية –تركيا- والكيان الصهيوني)،، والاخير هو الاهم فى رصد ردود افعاله وتوقعاته المستقبلية اما الجماعات المسلحة واهل النفط.وتركيا.. فلا قيمة حقيقية لهم فهم مجرد خدم وادوات- بالمناسبة هم الان خاصة بعد العدوان الاخير يعلمون ذلك جيدا- ومن يحركهم هو من يتحالف استراتيجيا مع اسرائيل (امريكا والغرب) ولا يشغله سوى امنها،، لذلك فالموقف الاسرائيلى هو الاهم هنا، وفى هذا السياق نرصد اهم ردود فعله وتوقعاته، فى البداية يؤكد مُحلّل الشئون العربيّة فى صحيفة (هآرتس) نقلا عن قيادات امنية نافذة إنّ خشية اسرائيل بعد فشل الضربة الامريكية الاخيرة، تكمن فى أنْ يقوم الرئيس الروسيّ بعمليّةٍ انتقاميّةٍ، ويُحدّ من حريّة الطيران الإسرائيليّ فى الأجواء السوريّة، لافتًا إلى أنّ ترامب اختار عدم تهديد الرئيس الأسد، والآن انتقلت الكرة إلى ملعب بوتين لكى يُقرر فيما إذا كانت وجهته للتصعيد ام لا، أمّا مُحلّل الشئون الأمريكيّة فى (هآرتس)، حيمى شاليف، فقال جازمًا إنّ ترامب يخاف من المُحققين فى واشنطن فى قضاياه، أكثر بكثير من خشيته من الرئيس السوريّ، ولفتت الصحيفة إلى أنّ الضربة الغربيّة لسوريّا أصبحت انتصارًا للأسد ليس فى سوريا فحسب بل فى العلم العربى ايضا (طبعا نسى الصحفى الاسرائيلى ان يقول باستثناء( اشقائه) فى بعض دول الخليج وتركيا!) فى موازاة هذا التحليل ثمة تحليل آخر لمُحلّل الشئون الأمنيّة فى صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أليكس فيشمان، الناطق غيرُ الرسميّ بلسان المُستوى العسكريّ فى تل أبيب، والذى قال «عُدنا إلى المُربّع الأوّل، وبقيت إسرائيل لوحدها فى الساحة لمُواجهة العدّو الإيرانيّ بشكلٍ خاصٍّ ومحور الشرّ بشكل عامٍّ، هذه المُواجهة الآخذة بالتصعيد الخطير».