راتب الوزير ورغيف الفقير

الأحد، 22 أبريل 2018 02:16 م
راتب الوزير ورغيف الفقير
جمال رشدي : يكتب

رفض الرأي العام المصري مشروع قانون تقنيين رواتب رئيس الوزراء والوزراء وبعض المسئولين الأخرين، وذلك الذي تقدمت به الحكومة إلى البرلمان للموافقة عليه، ومن ثم إعتماده  من رئيس الجمهورية.

وهذا الرفض ليس بسبب الزيادة في حد ذاتها، لكن بسبب الخصومة المعنوية والنفسية الموجودة بين الحكومة والشعب، وتلك ثقافة سائدة منذ عشرات السنوات، وهناك أسباب جوهرية لذلك أهمها البيروقراطية التي جعلت الفجوة كبيرة جداً بين متطلبات المواطن من خدمات وبين المسئول كموظف لدي سلطات الدولة لتأدية دوره نحو تلك الخدمات.

ومن هنا أصبح المسئول في أي مكان وبمختلف المستويات  يمثل عائق نفسي ومعنوي عند المواطن المصري، فالدور الأساسي للمسئول هو خدمة الوطن والمواطن، لكن في مصر وبسبب الهيكل التنظيمي والأداري لمؤسسات الدولة وأيضا بسبب ثقافة السلطة والسطوة الموجودة في كرسي ومكتب المسئول، بجانب غياب أستراتيجية عمل واضحة المعالم تحدد أبعاد ومهام دورة، هنا السبب الرئيسي في الرفض الشعبي العارم.

بجانب ذلك ما تعانية معظم طبقات المجتمع من حالة التقشف المعيشي التي أفرزتها الأصلاحات الأقتصادية في السنوات الأخيرة مع زيادة الأسعار وعدم وجود رقابة صارمة منها علي ذلك.

كل ذلك هو جزء من منظومة عمل تابعة لموروث بيروقراطي يمثل تحدي صارخ أمام أي تنمية مستدامة، والمطلوب هو تغيير جذري وكلي في الهيكل التنظيمي والإداري لمؤسسات الدولة، يتضمن ذلك التغيير كيفية أختيار المسئول، عن طريق جهة متخصصة تراعي البعد البيئي والثقافي والأجتماعي والعملي والعلمي بينه وبين مهام عمله.

كل ذلك داخل استراتيجية عمل متكاملة وواضحة المعالم الزمنية والعملية والمالية، عندها سوف يكون المسؤول عنصر من عناصر تلك الأستراتيجية ينصهر داخلها ولا تتأثر برحيلة أو تغييرة، ولن يحدث ذلك إلا من خلال حكومة الكترونية تستطيع مجابهة وهزيمة موروث ثقافة البيروقراطية الذي إن أستمر سوف يبتلع أي أنجازات أو أعمال.

أما بخصوص الإستحقاق من عدمه لزيادة رواتب المسئولين فهذا جزء من منظومة عمل حكومي مرفوضه شعبياً فالرفض هنا شامل منظومة العمل كلياً وليس كزيادة راتب فقط ، وعليه كنت أود أن تتقدم الحكومة إلى مجلس النواب بأستراتيجية عمل متكاملة لتغيير جذري في التركيبة الهيكلية لمؤسسات الدولة.

بما يساهم في القضاء علي الموروث البيروقراطي وما تقضيه الحالة المصرية، من حاجة ضرورية وملحة ليتواكب ذلك مع رغبة النظام في تنمية شاملة ومستدامة، علي جميع الأصعدة عندها كان سوف يرحب الشعب بذلك بل ويسانده بقوة.

 لكن من يفكر ومن لديه الرؤية لصناعة ذلك؟ فمعظم المسؤولين في كل مؤسسات الدولة هم اولاد الموروث الثقافي البيروقراطي للدولة القديمة العميقة، وذلك الموروث سوف يقاوم التغيير حتي يظل متواجد علي قيد الحياة ، والحل هو تحرك بقوة من السيد الرئيس بتشكيل لجان من علماء  متخصصين تابعين له مباشرة ، يعملون علي صياغة أستراتيجية كاملة والبداية من حكومة الكترونية.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق