شريف باشا.. حكاية صاحب أشهر شارع في وسط البلد
السبت، 21 أبريل 2018 01:00 صكتب- محمد أبو ليلة
في الطريق إلى وسط القاهرة ربما يلفت انتباهك ذلك الشارع الموازي لشارع طلعت حرب القريب من ميدان التحرير،"شارع شريف"، المليئ بالمحلات التجارية على جانبيه، ويقبع به مقر البنك الأهلي المصري بوسط العاصمة، ذلك الشارع الذي اعتاد المصرييون السير فيه ليلاً ونهاراً ربما لا يعرف الكيرين منهم لماذا سُمي هذا الشارع بهذا الإسم؟، ومن هو شريف الذي سًمي الشارع باسمه؟.
كان محمد شريف باشا سياسي مصري بارز من أصل تركي، تولى رئاسة الوزراء في مصر أربعة مرات، ويُعتبر هو مؤسس النظام الدستوري في مصر، حيث تحل اليوم الـ 20 من إبريل ذكرى وفاته، حي توفي عام عام 1887.
لكنه كان قد وُلد في 28 نوفمبر 1826 بإسطنبول، وكان والده أحمد شريف باشا تركي الأصل، أصبح شيخاً للإسلام بالآستانة في عهد السلطان محمود.
والده قاضي
وعمل والد شريف باشا قاضي قضاة في مصر إبان حكم محمد علي، وبعد انتهاء عمله في مصر عادت أسرته إلى إسطنبول، وعُين والده قاضياً للحجاز، فمر بمصر ومكث فيها بعض الوقت في طريقه إلى مقر عمله الجديد، فأعجب محمد علي بنجله، وأقنعه بتركه تحت رعايته.
وهناك رواية أخرى تقول أن محمد شريف جاء لمصر للدراسة في الأزهر ونزل برواق الأتراك، وعندما سافر محمد علي للآستانة تقابل مع شيخ الإسلام فيها "أحمد شريف" فأوصاه بابنه، فلما عاد محمد علي لمصر أرسل في طلب محمد شريف من الأزهر، وأشرف على تعليمه.
فالتحق بالمدرسة الابتدائية الخاصة بالأمراء وهي المدرسة الحربية التي أنشئت عام 1826 بأمر من محمد علي وكان من تلاميذها بعض أنجاله، وأحفاده، ولذلك توطدت علاقته بهم.
شريف رئيس الوزراء
أبان الثورة العرابية تولى شريف باشا منصب رئيس النظار ووزير الداخلية والخارجية في الوزارة التي قام بتشكيلها وعرفت بنظارة شريف الأولى واستمر شهر واحد بدأت من يوم 7 إبريل عام 1879 وحتى 5 يوليو 1879 وأقصى فيها الوزيرين الأوروبيين اللذين كانا يتوليان المالية والأشغال في عهد نوبار ومحمد توفيق.
وفي عهد توليه الوزارة عام 1879 أكملت سلطة مجلس النواب بتقرير مبدأ المسئولية الوزارية أمامه، حيث قدم دستور 1879، وهو أول دستور وضع في مصر على أحدث المبادئ، وشكل شيف باشا وزارته الثانية يوم 5 يوليو 1879 وحتى 18 أغسطس 1879، وتولى منصب وزير الداخلية والخارجية فيها، ولم يكن الخديوي توفيق يميل إلى مبادئ شريف الدستورية، فقدم شريف استقالته.
كما تولى رئاسة مجلس النظار للمرة الثالثة يوم 14 سبتمبر 1881 وحتى يوم 4 فبراير 1882واحتفظ فيها بمنصب ناظر الداخلية، وخلال وزارته أنشئ مجلس النواب وافتتحه الخديوي في 26 ديسمبر 1881.
شريف والثورة العرابية
لكنه لم يستمر الوفاق بينه وبين رجال الثورة العرابية في هذه الوزارة، فقد طلب من رجالها الابتعاد عن السياسة، ولكنهم أصروا على حق مجلس النواب في مراجعة ميزانية الحكومة، رغم دقة الموقف الدولي، وتهديد إنجلترا وفرنسا بالتدخل، وكان شريف يرى أن يرجئ البت في هذه المسألة حتى يتفادى التدخل المسلح من جانبهما، لذلك قدم استقالته.
كما تولى شريف باشا منصب رئيس مجلس النظارة للمرة الرابعة ووزير الخارجية في 21 أغسطس 1882 وحتى يوم 10 يناير من العام نفسه، وكان يأمل أن يحقق إقرار النظام الدستوري، وينتهي الاحتلال البريطاني كما يقول الانجليز بمجرد توطيد سلطة الخديوي، ولكن نيات إنجلترا الاستعمارية قد ظهرت واضحة في العمل على فصل السودان عن مصر إبان الثورة المهدية بالسودان، فعارض شريف السياسة البريطانية، ولما رأى أن الخديوي يميل إلى إجابة مطالبهم قدم استقالة وزارته في يناير من عام 1884.