أحد كبار مربي الخيل بالشرقية: الهيئة الزراعية تسببت في طمس هوية الخيل الأصيل بمصر
الخميس، 19 أبريل 2018 11:00 ص
الخيل.. تغني به الكثير من الشعراء، واستعار المتغزلين من صفاته ليصفوا به محبوباتهن ، كانت ولا زالت حديث السمار، حينما ينهلون من ذاكرة الماضي ويتحدثون عن أنسابه وأصالته، هو في اليقظة خير كما بشرنا رسولنا الكريم (الخيل معقود في نواصيها الخير) وفي المنام بشارة وفأل حسن.
تعد الشرقية المحافظة الأولي في تربية الخيول العربية الأصيلة، وقد اتخذ من الحصان العربي شعارا لها إذ بلغ إنتاجها 80 % من إجمالي عدد الخيول بالجمهورية، وتعد عائلة الطحاوية من أكبر البطون التي قامت بتربية الخيول الأصيلة منذ مائتي عام ،كما تعد جزيرة سعود من أشهر اﻷماكن في العالم في تربية الخيول العربية ذات اﻷنساب
وفي مركز الحسينية بالشرقية تقع تلك الجزيرة التي أخذت شهرتها من مزارع الخيول الأصيلة وبها يقطن الطحاوية من مربوا هذا النوع من الخيول والتي لها من الشهرة والسمعة الحسنة ما يطال عنان السماء، تاريخ طويل يحمله مربوا الخيل عن أنسابه وأصوله منذ قدومه إبان الفتح الإسلامي.
يقول الشيخ عتمان الطحاوي أحد أكبر مربي الخيول بجزيرة سعود، أن ما أحزنه هو ضياع الهوية والتراث، بل وهناك من يعمل علي طمس تلك الهوية، قاصدًا بذلك كل من يحاول دثر هوية الخيل العربية الأصيلة، مضيفا أن عرب الطحاوية كانوا ومازالوا يحافظون علي الموروثات القديمة ويهتموا بأنساب الخيل، ولا يقبلوا بالتهجين كما يفعل بعض مربي مزارع الخيول الخاصة لغرض السباق.
ويستطرد الشيخ (الطحاوي ) قائلا: «من المفترض أن تكون ( محطة الزهراء ) هي القناة الرسمية للحفاظ علي نقاء الخيول العربية، ولكن ما يحدث هو العكس تماما، فالمزارع الخاصة هي المسيطر اﻷكبر علي عمل المحطة، لافتا أن الهيئة الزراعية التابعة لها محطة الزهراء هي السبب.
وتعد الهيئة الزراعية هي المنوطة بإعطاء شهادات اﻷنساب وختم الخيول، حيثقال الطحاوي في هذا السياق إنه لا يوجد أي اهتمام يذكر من قبل المسئولين بالرمز الأصيل وكثيرا ما حاولنا مرارا وتكرارا جذب الانتباه لخطورة إهمال التراث والمحافظة علي نقاء السلالات والاهتمام بها، ولكن الآذان صما عن كل ذلك، وصمت الشيخ لبرهة وتنفس الصعداء وعاد ليقول: «لدى بدو الطحاوية شهادات مرفقة تعدت المائة عام خاصة بأنساب الخيل».
الشيخ عتمان الطحاوي عضو في نادي الأصيل بألمانيا، خاض عدة سباقات عالمية ومحلية للفروسية، ويحاول جاهدا المحافظة علي تراث ومخطوطات الخيل العربية النقية، ويظهر ذلك في مكتبته التي تحوي كل صغيرة وكبيرة عن تاريخ الخيل المصري الأصيل بالإضافة إلى حرصه الدائم علي توثيق كل شيء حتى يتسنى للأجيال القادمة التعرف علي تراث الماضي بكل صدق دون أن يمسه فكر حقود أو داعي إلي طمس الهوية.
والشهادة المرفقة يقصد بها أنه كان من عادة العرب عند شراء الخيول هو طلب شهادة نسب للحصان يذكر فيها شيخ القبيلة نسب الحصان وأنه أصيل من مربطه ويوقع ويشهد آخرون، وتابع الطحاوي لم نهتم هنا في مصر بأمر الخيل الأصيل مثلما اهتم الغرب فقد صدر مؤخرا كتاب في ألمانيا ولكنه مكتوب باللغة الإنجليزية قام بتأليفه الزوجان بيرند وكريستين يتناولون فيه حياة العرب الطحاوية وتربية الخيول وأنسابها والشيوخ المهتمين بهذا الأمر منذ القدم ودورهم في الحفاظ على هوية الخيل الأصيل.
وقال الشيخ الطحاوي: «نحن نضيف للخريطة السياحية ونحاول أن نبعث الروح من جديد في التراث ،ونواجه الفساد والمفسدين ممن يحاولون طمس التراث»، وعن تربية الخيل في العصر الحديث أكد تحتاج إلى مداخل ثلاث لتسترجع هويتها أن يكون المربي عاشق وهاو لتربية الخيول لا من أجل التجارة والربح وأن تكون هناك ثقافة وتراث فمربي الخيل كمن يقتني التحف والمخطوطات فالخيل ليست سلعة مؤكدًا أن التوسع في تربيتها دون قيمة ثقافية يجعلها عبثا وترفا وتباهيا فالخير هواية وقيمة أولا ثم نشاط اقتصادي لا للربح المجرد ولكن للاستدامة والاستمرارية.
وعن قصص الخيل وعشاقها يقول الشيخ عتمان الطحاوي: «كنت في زيارة لمتحف الخيل الأمريكي وشهد مفاجأة لم أتوقعها، حيث وجدت شهادة تحمل ختم ﻷحد أجدادي من الطحاوية قد باع أحد الخيول ﻷحد الأمريكان ولكن حينما أراد توثيقه لم يجد».
ويستطرد الشيخ قائلا: «الكثير من محبي الخيل في العالم يأتون قاصدين الشرقية وتحديدا جزيرة سعود ليوثقون لحظات وجودهم في مرابط ومزارع الخيل، مبتهجين بالأوقات التي يقضونها في رحاب النقاء والأصالة عائدين إلي بلادهم يسردون ما رأوا وبعضهم يوثق مشاهد في كتاب والآخر يحكي حول المدينة في ليال الشتاء قصص التراث والهوية المصرية متمثلة في الخيل الأصيل».
وعن مهرجان الشرقية للخيول والذي يقام في سبتمبر من كل عام، أكد أنه لابد من إقامة المهرجان سواء كان يليق بحجم الخيل الأصيل أم لا، لافتا إلى ضعف تنظيم المهرجان من قبل المحافظة، في السنوات السابقة وتابع قائلا : «العام الماضي تحسن التنظيم بعض الشيء لوجود بعض الشخصيات الهامة التي كان لها دور كبير في تنظيم المهرجان».
وعن وقف تصدير الخيول لمدة قاربت 6 سنوات أكد أنه منذ 2011 تم وقف بيع الخيول المصرية للخارج بحجج واهية ولكنها عادت منذ ما يقارب من شهرين، وكأن الهدف أيضا ضرب التراث المصري الأصيل، ربما من قبل بعض دول الجوار التي لا يهمهم لها إلا هدم الهوية المصرية في كل المجالات.
وأكد أن هيئة قصور الثقافة تسيير بعض الرحلات لجزيرة سعود لمشاهدة الخيل في مرابطة، وعن ارتباط الأطفال الصغار بالخيل، يقول يولد الطفل ويلقي في قلبه حب الخيل فيعيش ويتعايش معها ويتعلم الفروسية، منذ الصغر كما يطلق علي الخيول الصغيرة أسماء الأطفال، ويرتبط الطفل بالخيل ارتباطا وثيقا، لافتا الانتباه إلى أن أن خيول العرب الطحاوية مسجلة في منظمة الwaho العالمية منذ عام 1947 وهي المنظمة المعنية بسباق الخيل.