قوافل ومنح وبعثات.. ماذا يفعل الأزهر في أفريقيا؟
الأحد، 15 أبريل 2018 04:00 م
لا يخفى على أحد، الدور الكبير للأزهر الشريف، في تقديم الجهود لمسلمي العالم، خاصة في القارة الأفريقية، منذ نشأته، وما يقدمه من عون للقارة السمراء، لما لها من علاقات وجذور تاريخية بمصر.
بدأ الأزهر الشريف، في التواصل مع الشعوب والدول الأفريقية، عبر إيفاد مبعوثيه إلى تلك الدول، وإرسال القوافل الدعوية للتواصل مع شعوب القارة، وإحلال السلام ومساعدة وإغاثة مسلمي أفريقيا.
الأروقة الأفريقية
ما يؤكد على عمق العلاقات بين الأزهر والقارة، تعدد الأروقة الأفرقية بالجامع الأزهر، والتي ذكرها علي مبارك في كتابه «الخطط التوفيقية»، والتي تعتبر من أهمها أروقة «السنارية، والدارفورية، والبربر، والمغاربة، والجبرتية، والدكارنة، والفلاتة، والبرنية».
كان العامل التاريخي الأول الذي اعتمد عليه الأزهر، إرسال المبعوثين إلى البلدان الأفريقية لنشر الإسلام واللغة العربية، مما طبع كثيرا من بلاد القارة بالصبغة الإسلامية، وانتشر الإسلام فى شمال وغرب وشرق وجنوب القارة السمراء، والسودان والصومال.
كما كان لهؤلاء المبعوثين الأزهريين، مساهمات واسعة في إصلاح أفريقيا وتسلحها بالعلم والدين، كما ساهم العلماء الأزهريين كثيرا في حركات الإصلاح التي جرت في القارة السمراء، خلال القرن التاسع عشر، حيث كان زعماؤها من المتصلين بالأزهر والمتأثرين بتعاليمه مثل حركة المهدية في السودان، وحركة السنوسية في ليبيا، وحركة عثمان بن فودي في غرب أفريقيا.
القوافل
كانت القوافل هي العامل الثاني بعد المبعوثين، التي كان يعتمد عليها الأزهر في التواصل مع أفرقيا، فمنذ أن بدأ الأزهر في تسيير القوافل إلى القارة السمراء، والتي بدأها بقوافل دعوية في السنوات الماضية، ثم جاءت قافلة السلام الأولى وقافلة السلام الثانية، ثم القافلة الطبية الموفدة إلى دولة تشاد، ثم القافلة الطبية الآخرى الموفدة إلى الصومال وجنوب السودان، ماهي إلا جزء من دوره ورسالته.
قامت تلك القوافل بعمل بعض الندوات لنشر ثقافة التسامح والسلام والعيش المشترك بين أبناء أفريقيا الوسطي، والوقوف على احتياجات المسلمين هناك من الناحيتين التعليمية والدعوية، والعمل على زيادة المنح الدراسية بالأزهر والمساهمة في ترميم المساجد والمعاهد التي دمرتها الحرب الأهلية في القارة.
أرسل الأزهر قافلة إغاثية أيضا إلى العاصمة النيجيرية أبوجا، تنفيذا لتوجيهات شيخ الأزهر في الثالث من يوليو الماضي، ثم قافلة أخرى في فبراير الماضي من هذا العام اتجهت إلى بوركينا فاسوا، لإجراء الكشف الطبي والقوميصونات الطبية للشعب البوركيني.
ضمت القافلة 24 طبيبا في 14 تخصص طبي من أساتذة طب الأزهر، بالإضافة إلى طاقم من الممرضين والإداريين، وقامت القافلة بإجراء الكشف الطبي المجاني على المرضى، بالإضافة إلى إجراء العمليات الجراحية اليسيرة والمعقدة، وتوزيع الدواء المجاني المناسب لكل حالة.
وكان آخر تلك القوافل، القافلة التي قرر شيخ الزهر، تسييرها هذا الشهر، إلى تشاد، والتي تستهد المناطق الأكثر فقرا هناك، حيث عملت القافلة الأولى التي تم تسييرها العام الماضي في انحياء العاصمة الفقيرة أنجمينا، بينما توجهت القافلة الثانية لولاية أبشي، فيما يتركز عمل القافلة الثالثة بولاية وادي فير، التي تضم ثلاثة أقاليم هي: بيلتين، ودار تاما، وكوبي.
المساعدات الإنسانية
لم تتوقف جهود الأزهر في إرسال قوافل للسلام أو الدعوة أو القوافل الطبية، بل قام بإرسال قوافل تقوم على تقديم المساعدات الإنسانية للمنكوبين في ربوع إفريقيا سواء كان ذلك بسبب جفاف أو ضعف في الإمكانات أو نزاع مسلح، حيث توالت القوافل التي يرسلها الأزهر الشريف على البلدان الإفريقية المنكوبة، حاملة أدوية وأطباء ومواد غذائية ومواد عينية.
المنح التعليمية
ثم يأتي العامل الثالث من العوامل التي يعتمد عليها الأزهر في التواصل افريقيا مع الشعوب بدول القارة، هو المنح التعليمية التي يقدمها لطلاب القارة السمراء، حيث تبلغ النسبة الأكبر من الطلبة الوافدين للدراسة في كليات جامعة الأزهر، من دول أفريقيا.
ويؤكد الدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، بأن الأزهر الشريف يقدم يد العون والإغاثة وكافة أشكال الدعم التعليمي والدعوي، من تدريب للأئمة والخطباء، وإنشاء معاهد أزهرية ومراكز ومدارس إسلامية، وتسيير قوافل دعوية وفكرية وطبية وإغاثية لمختلف الشعوب الإفريقية.
وأشار عفيفي، إلى أن دعم الأزهر الشريف لمسلمي أفريقيا لن يتوقف، لما لهم من مكانة وعلاقة وطيدة ذات جذور تاريخية، مؤكداً أن القوافل لتتوقف، فسوف يسير الأزهر آخرى عديدة لتلبية الاحتياجات قدر الاستطاعة، كما سيوسع من دائرة المنح التعليمية للطلاب الأفارقة.
وأكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن الإمام الأكبر شيخ الأزهر، قرر تسيير قافلة جديدة بعد تجهيزها بكافة المؤن إلى تشاد، والتي تعد القافلة الثالثة الموجهة إليها خلال العام، والثانية في أقل من شهرين، بعد قافلة بوركينا فاسوا، حيث يستمر عمل القافلة حتى ٢٢ من أبريل الجاري.
وتابع أمين البحوث الإسلامية، أن القافلة تضم طاقما طبيا مكونا من ٢٤ طبيبًا من أساتذة طب الأزهر في 14 تخصصا، تشمل العظام والباطنة والرمد والصدر والأنف والأذن والحنجرة والأطفال والجراحة والجلدية والأسنان والمسالك البولية وأمراض النساء والمخ والأعصاب والتخدير، بالإضافة لطاقمٍ من الصيادلة والممرضين.
عمق تاريخي
وفي ذات السياق يؤكد السفير أحمد حجاج رئيس الجمعية الأفريقية والأمين العام السابق لمنظمة الوحدة الأفريقية، على أن الأزهر الشريف هو المؤسسة الدينية التي لها عمق تاريخي وصدى كبير وتواجد دائم في القارة الافريقية، ويساهم بشكل كبير بهذه العلاقة القوية والتواجد الفعال في توطيد العلاقات المصرية الإفريقية، منوها على أن تجسيد العلاقة متمثل في إيفاد العلماء لدول إفريقيا وابتعاث الطلاب الأفارقة للدراسة في جامعته.
وأكد حجاج، بأن الدول الإفريقية الآن في حاجة ماسة لأن يزيد الأزهر من دوره فيها، لأن هناك تعطش لنشر مبادئ الإسلام الوسطي الذي يحارب الأفكار المتطرفة، ولعل هذا الاحتياج جاء نتيجة نجاح جهوده التي يقدمها للشعب الإفريقي في مختلف دول القارة.