«رفيق الكفاح».. «خيال المآتة» من حماية المحاصيل المصرية إلى تنظيم المرور بأمريكا
الأحد، 15 أبريل 2018 12:00 صهناء قنديل
تشهد الحياة الزراعية في العالم من حولنا تطوراً هائلاً، من حيث نظم الري، وكذلك ميكنة معظم أنشطة، زراعة وحصد المحاصيل، حتى وصل الأمر إلى وضع مساحات شاسعة من الأراضي، داخل صوب زجاجية للسيطرة عليها بيئيا، وزراعة محاصيل في غير مواسمها السنوية.
ورغم وصول جانب لا بأس به من هذه التقنيات إلى مصر، فإن الفلاح المصري، ما زال يتمسك ببعض العادات التاريخية، والمستمدة من العهد الفرعوني، ولعل أهم هذه العادات "خيال المآتة"!.
وهذا الشيء لمن لا يعرفه، هو عبارة عن عصا طويلة يتم وضعها في منتصف الأرض الزراعية، وإلباسها جلبابا رجاليا، وربط وسطها برباط، يجعلها على هيئة الفلاح المصري القديم، مع تغطية مقدمتها بالعمة الفلاحي الشهيرة.
ويلجأ الفلاح لهذه الحيلة، من أجل إخافة الطيور الجارحة، التي تستهدف المحصول، ومنعها من الاقتراب من الحقل، كلما حركت الرياح هذا الـ"خيال مآتة، يمينا ويسارا.
وعلى مدار آلاف السنين، التي لجأ فيها الفلاح المصري لهذه الحيلة، تمكن البعض منهم أن يضيف لمسات، ذكية لخيال المآتة، لتعزيز الشعور بأنه إنسان حقيقي، فمنهم من رسم على وسادة صغيرة ملامح وجه إنسان، ووضعه في مقدمة العصا قبل أن يضع فوقها العمامة، وهناك أيضا من استطاع أن يربط عصا أخرى في خيال المآتة؛ ليبدو كإنسان يمسك العصا ليهدد المعتدين على المحصول.
ودمية خيال المآتة، رغم أنها لا تفعل شيئا يذكر، ولا تحمي المحصول من أي محاولة استهداف ولو بسيطة، فإن الفلاح المصري حرص على مدار سنوات عمره التي تتجاوز الآلاف الخمسة بقليل، أن يكون هذا التمثال الوهمي رفيقه حتى الآن.
وخلال السنوات الخمس الأخيرة، شهد مظهر خيال المآتة تطورا كبيرا، حيث حرص بعض الفلاحين على وضعه في رجل الجيش، الذي يرتدي زيه العسكري الشهير، للاستفادة منه في إثارة خوف اللصوص، وليس الطيور فقط.
المفاجأة أن الفلاحين يرون "خيال المآتة" وسيلة ضرورية للحفاظ على الحقول، لأن البديل هو أن يلجأوا لاستخدام وسائل تؤدي لقتل الطيور، وهو أمر يرفضونه تماما.
ويتفق الفلاحون، في محافظة الشرقية، على أن لاستخدام "خيال المآتة" مواسم، ترتبط بوقت ازدهار المحصول، وقرب حصاده، وليس منذ الأيام الأولى للزراعة.
أما المثير في قصة خيال المآتة، فهي انتقال فكرته إلى الوطن العربي، ووصولها إلى العالمية أيضا، حيث لجأت إليها الشرطة الأمريكية، لتنظيم المرور، بعد شكاوى مواطني ولاية أوكلاهوما، من تجاوز سائقي السيارات للسرعة القانونية، وهو ما دفع سلطات الولاية لتصنيع دمية بلاستيكية على شكل شرطي، ووضعتها في سيارة شرطة على الطريق، ونجحت الخدعة بالفعل في إجبار السائقين على احترام قواعد المرور، بشكل أثار دشهة المسؤولين، ودفعهم لتكرار التجربة في أكثر من ولاية.