بعد 15 عاما من سقوط بغداد.. أين «الصحاف» من روايات السقوط الخمس؟

الثلاثاء، 10 أبريل 2018 02:00 ص
بعد 15 عاما من سقوط بغداد.. أين «الصحاف» من روايات السقوط الخمس؟

صبيحة 9 أبريل من عام 2003 استيقظت مبكرا، لأفتح جهاز التلفاز، لمتابعة ما يحدث في العراق، وقبل أن استفيق عرفت من نشرات الأخبار أن بغداد قد سقطت في قبضة الاحتلال الأمريكي.

العراقيون خاصة والعرب بشكل عام لم يكن يساروهم أدنى شك في أن بغداد ستنتفض عندما يقترب الغزاة من أطراف عاصمة الخلافة، خاصة وأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ووزير إعلامه محمد سعيد الصحاف كانا يطربان آذان العرب بأن بغداد ستكون مقبرة الغزاة، لكن الكارثة وقعت وسقطت بغداد دون مقاومة تذكر.

1_x98rr-700x_441979_large
 

وعند ذكر سعيد الصحاف يتذكر الجميع جملته الشهيرة "العلوج الأمريكان" والتي فسرها المصريون كما يرونها، كما يتذكر الجميع قرية "أم قصر" وهي القرية التي ظلت تقاوم الاحتلال الامريكي مدة أسبوعين، وهو ما لم يتكرر عند اقتراب الغزاه من بغداد، وهو ما ضاعف حجم المراره في  القلوب، إذ انكشف المستور عن عدم وجود ترسانة اسلحة وتحصينات كما كان يتغني النظام البعثي الحاكم في العراق.

فجأة اختفى كل شئ في العراق فلا حرس جمهوري ولا ترسانة اسحلة ولا حتى افراد من الجيش، فجأة سقطت بغداد دون مقاومة وسقط معها تمثال صدام حسين من تمثال الفردوس بوسط بغداد، وبدأت السرقة والنهب من جميع المؤسسات الحكومية.

مشهد عرضته الفضايات كان مذهلا، فقط بكى العرب من اقصى المشرق إلى أقصى المغرب حينما رأوا رجال المارينز الاميركي يتجولون بحرية في بغداد حيث سقطت دموع الجميع مع سقوط بغداد، وذلك بالتزامن مع تبشير الرئيس الأامريكي جورد بوش " الاب" بنشر الديموقراطية لتحل محل استبداد صدام حسين حسبما ورد في خطاب القاه بعد سقوط العاصمة العراقية.

images (1)
 

الرياوات حول سقوط بغداد في 9 أبريل تعددت، ففي وقت أدعى فيه بعض قادة الجيش العراقي أن سياسة صدام وخططه أدت إلى احتلال العراق، ألقى صدام نفسه – قبل القبض عليه - اللوم على من أسماهم بالخونة.

صدام حسين بعث برسالة من مخبأه قبيل أيام من اعتقاله وأذاعتها القنوات الاخبارية العربية إلى أن الخيانة كانت وراء سقوط بغداد، قائلا: "لم ينتصروا عليكم يا من ترفضون الاحتلال والذل ويا من فى قلوبكم وعقولكم العروبة والإسلام إلا بالخيانة."

وبعد مرور 15 عاما على سقوط بغداد في قبضة الاحتلال الأمريكي عام 2003 تبقى عدة تساؤلات لم يجب عنها مسئولون عراقيون أو أمريكون ولا حتى الزمن نفسه أجاب عليها: أين اختفى الجيش العراقي في 9 أبريل: ولماذا اختفى؟ وهل كانت هناك خيانه كما قال صدام حسين؟.. ولذلك تعددت الروايات بشأن السقوط المهين لبغداد.

الرواية الأولى

بعد عام من السقوط، وتحديدا في الذكرى الأولى من وقوع بغداد في قبضة الاحتلال الأمريكي نشرت صحف غربية نقلا عن قادة عسكريين عراقيين فارين أن الجيش العراقي لم يكن له قيادة مركزية حيث أمر القادة جنودهم بعدم القتال، فيما اختفت الطائرات المقاتلة أو أخفيت بأمر من صدام حسين.

NB-227020-636272661015438337
 
الرواية لم تنتهي عند ذلك الحد بل إن القادة اعترفوا أن صدام أمر بتعطيل الرادارات والبطاريات القتالية، كما أن صدام وطبقا للرواية فإن صدام دخل الحرب دون خطة.

عسكريون آخرون وبحسب صحف عربية يرون أكدوا أن صدام وضع خطة للمقاومة، لكن الرئيس العراقي نشر تلك الخطة وأذاعها بنفسه حيث قال إنه عند دخول الامريكان بغداد سيستقبلهم الجيش بحرب شوارع.

اللواء عبد الكريم عبدالرزاق أحد قادة الجيش العراقى قال لاحدى الصحف الغربية في هذا الصدد أنه جمع من تبقى من جنوده فى صباح السابع من ابريل وكانوا مرهقين ومتعبين جدا، فى وقت كان فيه الطيران الأمريكى يقصف والقوات الأمريكية تتقدم والجيش العراقى يتلقى أوامر بمواصلة القتال .

واستطرد يقول: " عندما أصبح واضحا أننا فقدنا السيطرة أصدرت أمرا لجنودى بالانسحاب لأن بقاءهم يعنى موتهم "، موضحا أن القوات العراقية انهارت من الداخل فى الأيام الأخيرة من الحرب حيث فر الجنود من وحداتهم ورفض الضباط دفع جنودهم الى موت أكيد على أيدى تكنولوجيا متفوقة للقوات الأمريكية.

الرواية الثانية

الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل قال إنه والأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى العراق اطلعا على رسالة كتبها الدبلوماسي العراقي السابق نزار حمدون والذي كان ضمن قلائل يلتقون صدام ويتحدثون معه بصراحة وتروى الرسالة حوارا بين صدام ونزار قبل الحرب مباشرة يقول فيه صدام: الغزو سوف يحدث لكن الحرب الحقيقية أو القتال الحقيقي سوف يكون بعد ذلك فأنا اعرف الشعب العراقي وأمريكا لا تعرفه .

تعليقات خرجت وقتها لتفسير ما جاء بالرسالة، فكان التفسير الاول أن الرسالة تعني عدم قدرة القوات العراقية على الصمود حتى النهاية لتحول دون وقوع الاحتلال وأن حربا حقيقية أو قتالا حقيقيا سوف يعقب ذلك فهذه هى طبيعة الشعب العراقى الذى خاض معارك كثيرة وبشراسة واضحة .

ورجحت تفسيرات صدور أمر من الرئيس العراقي صدام حسين للقوات العارقية بايقاف القتال، واخفاء الاسلحة لاستخدامها في الحرب الحقيقية.

وبعد سقوط بغداد في 9 أبريل لم تنتهي المعركة فقد كانت المقاومة مستمرة طيلة النوات الماضية وهو ما يرجح عملية اشتراك الجيش العراقي الذي اختفى فجأة فيها، حيث كان قوام الحرس الجمهورى وفدائيى صدام نحو نصف مليون ، بالإضافة إلى أن الجيش العراقى المنتشر والمتخفى والذى أخذ بالتأكيد أشكالا تنظيمية مختلفة ولا مركزية، احتفظ بوسائل تطوير وتصنيع أسلحته.

الرواية الثالثة

صحف عربية نشرت وقت سقوط بغداد، قصة عن وقوع العاصمة العراقية في قبضة المارينز ، ونقلت الصحيفة وقتها عن الدكتور قاسم سلام عضو القيادة القومية لحزب البعث المنحل أن معركة المطار كانت هي المعركة الفاصلة في الحرب.. بل هي "أم الحواسم" كما أسماها، غير أنه سبقها ظهور بوادر تململ في صفوف الجيش العراقي في البصرة، حيث عمد بعض كبار الضباط إلى تصرفات تهدف إلى التخلص من الفدائيين والمتطوعين العرب.

وعندما تم الإنزال الأمريكي في مطار صدام الدولي، امتنع الحرس الجمهوري عن التوجه للقتال في المطار، ما دفع الرئيس صدام حسين إلى قيادة إحدى كتائب الحرس شخصيا، مستقلا الدبابة الأولى التي هاجمت القوات الأمريكية في المطار مسنوداً بقوات المتطوعين العرب والفدائيين، حيث تمكن بهذه القوات من قتل العشرات من الجنود الأمريكيين قبل انسحابهم، رغم أن طيران الجيش امتنع عن توفير غطاء جوي له.

ووفقا للمسئول البعثى السابق ، فإنه بعد هذه المعركة الفاصلة التي حسمت لصالح العراق، وبدلا من أن ترتفع المعنويات بدأ فصل جديد من المؤامرة تمثل في ازدياد كثافة عمليات انزال اعداد محدودة من الدبابات الأمريكية داخل مواقع متعددة داخل بغداد، وانزال افراد معارضة عراقية بواسطة المروحيات الأمريكية، وقد جيىء بهم من خارج العراق ليقوموا بإلقاء الورود على المحتلين ونهب المؤسسات العامة بدءا من الثامن من إبريل بهدف خلخلة الجبهة الداخلية للعراق.

وقال المسئول البعثي وبحسب الصحيفة إن الجيش، وكذلك الحرس الجمهورى لم يخوضا المعركة الإستراتيجية في بغداد:" التلاعب بدأ في البصرة.. وقد رويت لي بعض الروايات، من قبل بعض الرفاق، تقول إنه في احدى المواجهات التي وقعت في البصرة، كان هنالك ثلاثة من الفدائيين العرب واثنان من العراقيين هوجموا وتمت السيطرة عليهم وأسرهم من قبل القوات الأمريكية. وعندها خاطب أحد الفدائيين ضابطا في الجيش العراقي متسائلا: كيف يأسرون رفاقنا ونحن نتفرج..؟! أجابه الضابط: ما عليك..!

العلم-الأمريكي
 

وتابع: "هنا قام الفدائي بإطلاق الرصاص من رشاشه على السيارة الأمريكية التي كانت تقل الفدائيين الخمسة كأسرى، ما ادى إلى انقلابها. وتم تحرير الأسرى وانضم المقاتلون العراقيون إلى الفدائي العربي وحرروا الفدائيين الأسرى، وقتلوا الجنود الأمريكان الذين كانوا قد أسروا الفدائيين".

وفي تفسيره قال المسئول البعثى السابق :" فجأة، اختفى الحرس الجمهوري الذي كان متحصنا في البساتين، وذلك جراء تعليمات من قادة الصف الأول في الحرس، إلى قادة الصف الثاني، أن ابلغوا افراد الحرس بأنه كي نتمكن من تنظيم المواجهة في معركة مفتوحة طويلة الأمد، فإن أفضل ما يمكن فعله الآن هو الإختفاء".

بالتزامن مع ذلك تم ترويج شائعة تقول أن صدام حسين قد قتل الى أن ظهر يوم 8 إبريل في الوزيرية والكاظمية، وظهر لهم ثانية في اليوم التالي في شارع 14 رمضان، لكن حالة التململ التي بدأت في الصف القيادي الأول في البصرة انتقلت إلى بغداد، ما تسبب بالسقوط السريع لبغداد".

الرواية الرابعة  

اتهمت رغد صدام حسين بعد فرارها من العراق إلى الاردن في عام 2003 مساعدين مقربين من والدها بخيانته ومساعدة القوات الأمريكية في الاستيلاء على بغداد ، قائلة :" سقوط بغداد كان صدمة كبيرة جدا كان واضحا للأسف أن الأشخاص الذين وضع فيهم ثقته بالمطلق كانت الخيانة الأساسية منهم. هذا تخاذل، الإنسان ممكن لا يحبك لكن لا أغدرك، الغدر ليس من شيم العرب".

الرواية الخامسة

القائد السابق في الحرس الجمهروي العراقي الفريق سيف الدين الراوي يروى شيئا مختلفا حيث قص أن القوات الأمريكية استخدمت قنابل نيوترونية ضد الجيش العراقي إبان معركة مطار بغداد عام 2003

1-180354_stitch

وأضاف في تصريحات صحفية بعد احتلال العراق بثلاث سنوات إن الأسلحة النيوترونية التي استعملها الجيش الأمريكي تقتل البشر وتحرق الأجساد تماما لكنها تبقي الأسلحة والأبنية سليمة"، مشيرا إلى أن الجيش الأمريكي استخدم أيضا في معركة المطار قنابل تزن تسعة أطنان وقنابل فوسفورية حارقة قادرة على إحراق منطقة عمليات بحجم سرية إضافة إلى عوامل تشل القدرة.

التساؤلات بشأن الحرب الغزو الامريكي للعراق لا زالت مفتوحة حتى الان، فلا أحد عرف اسبابها الحقيقية، ولا كيف سقطت بغداد بسهولة رغم تعدد الروايات، ولا كيف اختفى الجيش العراقي فجأة ودون مبرر فهل ستدفن الحقيقة في أرض الخلافة ؟ والسؤال الأهم أين محمد سعيد الصحاف؟.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق