هل ينقذ «صلاح» المسلمين من العقاب البريطانى؟
«إمام الطامحين» و«إمام الأمة».. كيف أصبح «صلاح» شعراوى الجيل؟
الأحد، 08 أبريل 2018 11:00 صكتب - مصطفى الجمل
لم يكن إعلان جماهير فريق ليفربول استعدادهم لدخول الإسلام إذا ما استمر لاعب فريقهم ولاعب المنتخب الوطنى المصرى محمد صلاح، فى تسجيل الأهداف التى زادت على الثلاثين هدفا حتى الآن فى مرمى الخصوم، سوى مداعبة لطيفة، فبالطبع لن يدخل أحد من جماهير «الريدز» إلى الإسلام، فلا أحد يغير عقيدته الدينية لأجل الكرة، لكن الأمر المؤكد أن كل جماهير الريدز أصبحت أكثر تعاطفا مع اللاعب الذى يحبونه، وتفهما وحبا لجنسيته المصرية، وهويته الدينية، باعتباره شابا مصريا مسلما، اقترن مشهد إحرازه للأهداف بمشهد السجود، وتضاعفت نجوميته مع تواضعه فى تعامله مع الجمهور.
غيّر «صلاح» من الصورة الذهنية للشباب المسلم فى المجتمع الغربى، وكشف لهم عن معانٍ مختلفة، بعيدا من ذلك المعنى الراسخ لديهم عن ذوى الجلابيب واللحى، الذين لا يراهم العالم إلا متجهمين، ولا ينظرون هم إلى البلاد الأخرى إلا باعتبارها دار كفر، لا يمكن أن يشاركوها فى شىء.
تزامن نجاح «صلاح» مع انتشار حلقة جديدة من حلقات الإسلاموفوبيا فى بريطانيا، بعدما تسلّم عدة أشخاص رسائل مجهولة الهوية تدعو البريطانيين للاعتداء على المسلمين، مطلقين عليه «يوم عقاب المسلمين»، ما أثار خوف الجماعات الحقوقية المناهضة للعنصرية والعنف من احتمالية وقوع جرائم كراهية خطيرة داخل المجتمعات الإسلامية.
وبدأت أجهزة الأمن البريطانية، فى فتح تحقيقات بعد انتشار الرسائل، الإلكترونية والمكتوبة، التى تحمل عنوان «يوم عقاب المسلمين» فى شرق العاصمة البريطانية لندن، تُطالب مستلميها بتعذيب المسلمين، والاعتداء عليهم بمختلف الطرق. وقالت صحيفة «ذا صن» البريطانية، إن الرسالة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى، وكُتب فيها التالى: «لقد ألحقوا بكم الأضرار، وجعلوا أحباءكم يعانون، تسببوا لكم فى الألم، فماذا ستفعلون الآن».
وجاء فى الرسالة أيضا: «ما عليكم إلا أن تقلبوا الأمر عليهم، لأنكم لديكم القوة، لا تكونوا جبناء!».
وتعهد كاتب الرسالة بتقديم جوائز لكل شخص يرتكب فعلا عنصريا عنيفا ضد المسلمين، بدءًا من الإساءة اللفظية وصولا إلى الإساءات والاعتداءات الجسدية، وتجريد المسلمات من غطاء رءوسهن، وإلقاء المواد الحارقة عليهم.
ووفقا للرسالة، فإن من يجرد مُسلمة من حجابها يحصل على 25 درجة، ومن يُلقى على مُسلم مواد حارقة يحصل على 50 درجة، ومن يحرق مسجدا يحصل على 1000 درجة.
صحيفة «ميرور» البريطانية قالت إن الرسالة وُضع عليها صورة «خنجر» مصحوب بـحرفى MS، ما يرجح أنها مرتبطة بالجماعة المعروفة بـ«ذابح المسلمين» التى تستهدف المساجد فى لندن، والولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما وأنها قامت بأفعال مماثلة العام الماضى، وإن أصحاب هذه الرسالة يحاولون خلق مناخ من الخوف داخل المجتمعات الإسلامية، ورجحت أن يكون الخطاب جزءا من جريمة كراهية أكبر كثيرا ضد المجتمع الإسلامى فى بريطانيا.
وطالبت الجماعات المعادية للعنصرية والتطرف فى بريطانيا الجميع بالتعاون مع الشرطة، وحثوا من تصله الرسالة على تقديمها للأجهزة الأمنية، ربما تساعدهم فى الكشف عن هوية مُرسلها.
وقالت شرطة برافدفورد، فى شرق لندن، إنها تلقت بلاغات من عدة أشخاص بعد استلامهم رسائل نصيّة ألقيت خارج المؤسسات والمساجد والأماكن الشهيرة وأخرى إلكترونية أُرسلت بشكل عشوائى، تدعوهم إلى إلحاق الضرر بالمسلمين فى يوم مُحدد ووقع اختيارهم على يوم 3 من أبريل المقبل.
«صلاح» بشعبيته الجارفة، ودعم الجميع له، ومهامه الجديدة كسفير لمصر وللإسلام، واستحالة أن تجد اثنين يختلفان على حبه وفرحهما بموهبته، جعله يدخل فى مقارنة صعبة مع واحد من الأيقونات المصرية فى القرن الفائت، ألا وهو الإمام محمد متولى الشعراوى، والمقارنة هنا ليست مقارنة بين رجلين أحدهما يلعب الكرة والآخر فسّر القرآن وتبحر فى العلوم الشرعية، وليست مقارنة تقاس بالإنجازات والبطولات، مقارنة معيارها الأوحد هو حب الجماهير لكل منهما، فالشعراوى لا يذكر اسمه، إلا ونتلو جملة «لن يأتى مثله قبل 100 عام»، وكذلك أيضا «صلاح» الذى بات على بعد خطوات بسيطة من الانتقال لنادى ريال مدريد، محققا إنجازا سيصعب الأمور كثيرا على من يأتى بعده، ومتجاوزا بالأرقام كل من أتى قبله.
مقارنة «صلاح» و«الشعراوى» ليس هدفها بأى شكل من الأشكال تفضيل أحدهما على الآخر، وفى أغلب الظن أن صلاح نفسه ولا يفضل ذلك، ولكنها مقارنة مدفوعة بحب الناس لصلاح، وأملهم فى أن يستمر كقدوة لأبنائهم فى الصبر والمثابرة والجد والنجاح والالتزام الخلقى والدينى، وتمسكه بتعاليم دينه وأوامره.
بدايات «الشعراوى» و«صلاح» متشابهة إلى حد كبير، فكل منهما أتى من قرية من قلب أرياف مصر، عاش على «حُصرها»، وشرب من «زيرها»، سمع عن القاهرة كثيرا، فى بلادهم يسمونها «مصر»، جاع وعطش وعاش على قدر إمكانيات أهله، لم يتمردا، لم يتنكرا للجميل بعد نجاحهما، ظلا بارين بكل من مد يد العون لهما، تسامحا مع من وقف فى طريقهما، غضا النظر عن الصغائر التى قد تشينهما وتعطل مسيرتهما، كبرت أحلام الأمة معهما، فحاز «الشعراوى» على لقب إمام الأمة واحتفظ به لنفسه، وتمسك «صلاح» بلقب إمام الموهوبين والطامحين، والأمور تقول إنه لن يتخلى عنه أيضا.
لو أن بين الجيل الحالى والسابق والأسبق رجلاً يستحق لقب «شعراوى الجيل»، لن يكون هنا أولى أو أحق من ابن الغربية محمد صلاح.