حق اليتيم على المجتمع
الجمعة، 06 أبريل 2018 02:10 م
لما كان الدين الإسلامي دين الرحمة، ومن أهم خصائصة الحث على المودة والشفقة والعناية والرعاية والعطف على الآخرين، كان من أهم ما جاء به الحث على رعاية الأيتام وقضاء حوائجهم، فاليتيم هو من فقد أبوه ولم يبلغ سن الحلم أو سن البلوغ، وذلك هو الأمر الذي يجعله في أشد الحاجة لمن يرعاه ويسانده ويقف إلى جواره، لعله يستطيع أن يعوضه ما فقده، ولذلك قال تعالى:(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(، وقد نهى الإسلام عن مجافاتهم أو اذلالهم أو الإساءة إليهم أبدا بالكلمة أوالفعل، حيث قال تعالى:(أَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَر)، وجاءت السنة النبوية المطهرة لتؤكد على ذلك، حيث أمرت بمراعاة نفسية اليتيم ورفع معنوياته والاحسان إليه، ومن أهم ما يدل على ذلك أنه جعل الثواب في الدنيا بلين القلب وتيسير الحال أو في الآخرة بالثواب الجزيل في أقل شيء يمكن أن تقدمه لليتيم وهو المسح على رأسه، وقد جاء في الحديث أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو قسوة قلبه فقال له صلى الله عليه وسلم:(أتُحِبُّ أنْ يلين قلبُك؟ فَقَالَ:نَعَمْ، قَالَ: ارْحَمِ الْيَتِيمَ، وَامْسَحْ رَأسَهُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُلَيِّنُ قَلْبَكَ، وَتَقْدِرُ عَلَى حَاجَتِكَ)، وكذلك جعل من يحسن إليهم رفيق النبي صلى الله عليه في الجنة وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(مَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ، وَقَرَنَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى(.
وكفى باليتيم فخرا أنه قد شابه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في يتمه، فقد مات أبوه قبل أن يولد ولم يقدر له رؤيته، ثم ماتت أمه وعمره ست سنوات، ليعيش لطيما يتيما، ويتولى تربيته عمه أبو طالب بعد ذلك، فلا يحزن اليتيم بل ينبغي أن يتسلى ببلوغه ذلك الشرف العظيم.
وأما أم اليتيم فيكفيها فخرا وثوابا إن أحسنت تربيته واتقت الله تعالى فيه، أن تأتي يوم القيامة تسابق النبي صلى الله عليه وسلم على باب الجنة وكفى بذلك نعمة لا لشيء إلا لقعودها على تربية ذلك اليتيم، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال:(أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ بَابَ الْجَنَّةُ إِلا أَنَّهُ تَأْتِي امْرَأَةٌ تُبَادِرُنِي فَأَقُولُ لَهَا:مَا لَكِ وَمَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا امْرَأَةٌ قَعَدْتُ عَلَى أَيْتَامٍ لِي) فكفى بها نعمة.
وينبغي لليتيم مع كل ذلك الحث على الإهتمام به ورعايته والأمر بالإحسان إليه، ألا يتخيل أن يتمه هذا نقمة عليه، فيمنعه من النجاح والتقدم والتفوق، ويركن إلى الخمول والكسل والراحة ويكون عالة على المجتمع، بل ينبغي أن يكون ذلك حافزا له على التفوق والتقدم في حياته ودراسته وبناء مستقبله، ليستطيع خدمة وطنه وبلاده.
وإن كان الناس يحتفلون باليتيم يوما واحدا في السنة، فإننا ينبغي لنا أن نعيرهم اهتمامنا ورعايتنا وأن نواليهم بالسؤال وقضاء حوائجهم طوال السنة، فليس من المعقول أن يقتصر دورنا على شهادة أو درع أو هدية في يوم ثم نهملهم بعد ذلك، أسأل الله تعالى أن يحفظ أيتامنا وأن ينشأهم في رعايته ومعيته، إن ولي ذلك وهو القادر عليه سبحانه.