الانتحار يفتك بالغلابة ويصل القصور.. الجميع في مواجهة الشرع والقانون
الأربعاء، 04 أبريل 2018 05:00 م
نجل السويدي
من بين أبناء المشاهير أيضا من اختار تلك النهاية، نجل رجل الأعمال أحمد السويدى وسيدة الأعمال هبة السويدي التي اشتهرت بالأعمال الخيرية، الذي أقبل على الانتحار بالقاهرة الجديدة عام 2015، نظرا لمعاناته من مرض نفسي.
وكشفت التحقيقات التي أجراها المستشار إبراهيم أبو عقل، مدير نيابة حوادث شرق، أن المجنى عليه «إسماعيل السويدي» لم يتوف وفاة طبيعية، حيث تبين أنه أقدم على الانتحار داخل غرفة نومه بالفيلا، مستخدما حزام علقه في أعلى سطح الغرفة واستخدمه في شنق نفسه.
رأى علماء النفس
حالات الانتحار تتزايد مع مضى الأيام وصعوبة التفاهم فى حل الخلافات الزوجية ليقرر المجني عليه الهروب ليس فقط من الحياة الزوجية بل من الحياة بأكملها، وفى هذا الإطار أكدت أمل محسن، أخصائية نفسية، أن الانتحار جريمة بكل المقاييس ولم يستطيع أحد الوقوف أمام السبب الحقيقى لأن «المنتحر» يقبل على هذه الخطوة بعد تراكم المشاكل والخلافات ظنا منه أن الانتحار هو الوسيلة المثلى فى الهروب مما يعانيه.
«أمل» قالت فى في تصريح لـ«صوت الأمة» أن غالبا ما يأتي قرار الانتحار في لحظة ضعف دون التفكير في العواقب في الآخرة أو الأثر النفسي الذي يحيط بأسرتها جراء ذلك، مشيرة إلى أن تزايد الخلافات نابع من عدم تحقيق المعادلة بشكل صحيح بين أفراد الأسرة لنجاح علاقتهم ببعض، فالتفاهم هو الأسلوب الأمثل لغلق طريق الانتحار عن بال أي طرف منهم.
رأى الدين
القانون والانتحار
التشريعات الجزائية تُعدّ في أغلب الدول العربية متقاربة؛ لما لها من مرجعية تاريخية مشتركة سواء كانت إرثًا ثقافيًا أو استعماريًا، ولذلك فإن كثيرًا منها قد تناول بعض الموضوعات بشكل متشابه، مع وجود بعض الاختلافات لأسباب تتعلق بوضع كل دولة، فما رأي القوانين العربية في مسألة اﻻنتحار؟ وكيف تعاقب السلطة القضائية المُحرِّضين على إنهاء الحياة أو المساعِدين في اﻻنتحار؟ وهل مِن دولة تعاقب مَن يحاول اﻻنتحار؟
تناولت التشريعات الجزائية العربية موضوع الانتحار بشكل متقارب؛ فأغلبها لم تجرم الانتحار نفسه ولا الشروع فيه ولكنها جرَّمت التحريض عليه والمساعدة فيه.
فى هذا الشأن، تقول الخبير القانوني ياسر سيد أحمد، أن التحريض يعرَّف قانونًا بأنه «حمْل شخص آخر ومحاولة حثه بأي طريقة كانت على الإقدام على الجريمة»، مؤكداَ أن التحريض على الانتحار هو النوع الوحيد من التحريض المجرَّم على فعل ليس مجرمًا، ويكون التحريض بأية طريقة مثل الكتابة أو التلقين، أما توفير وسائل الانتحار فهي ترقى لأن تكون مساعدة تتعدى التحريض.
الانتحار فى القانون المصرى.. المُحرِّض مُدان لكن المُنتحر ليس كذلك
وأضاف «أحمد» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أن القانون المصري لا يعاقب على الانتحار لكنه يجرِّم التحريض والمساعدة دون الفعل ذاته، وكذلك القانون الكويتي الممثل بالمادة «١٥٨» من قانون الجزاء: «كل مَن حرض أو ساعد أو اتفق على الانتحار وانتحر يعاقب بالحبس لمدة لا تجاوز ٣ سنوات وغرامة لا تجاوز ٣ آلاف روبية (وهي العملة المتداولة في بعض القوانين) أو بإحدى هاتين العقوبتين».
يُعاقَب بالسجن ١٠ سنوات على الأكثر من قتل إنسانًا قصدًا بعامل الإشفاق بناءً على إلحاحه بالطلب.
الانتحار فى سوريا
وأشار «أحمد» إلى أن المِثل في القانون السوري، إلا أنه أخذ بظرف التخفيف من مسؤولية القاتل في حالة الإشفاق في المادة رقم (٥٢٨) من قانون العقوبات؛ إذ «يُعاقَب بالسجن ١٠ سنوات على الأكثر من قتل إنسانًا قصدًا بعامل الإشفاق بناءً على إلحاحه بالطلب»، وبخاصة في حالات المرض المستعصي؛ فقد وجد المُشرِّع السوري هنا أن دافع القتل إنساني إشفاقًا على طالب الموت فخفف العقوبة.
الانتحار فى العراق
وأوضح أن الفقرة (٣) من المادة (٤٠٨) من قانون العقوبات العراقي تنص بشكل صريح على عدم تجريم الشروع في الانتحار بأنه «لا عقاب على من شرع في الانتحار»، لكن المُشرِّع العراقي في المادة رقم (٤٠٨) الفقرة (١) فرض عقوبة السجن مدة لا تزيد على ٧ سنوات لكل من حرض على الانتحار أو ساعد فيه.
وأكد أن القانون يشترط في بعض الأحيان وقوع «الانتحار» وقتل النفس حتى تتم معاقبة المحرض والمساعد كما في القانون الكويتي والسوري والعراقي، وفصّل القانون السوري هذا الأمر؛ إذ يعاقب المحرض والمساعد حتى لو لم يقع الانتحار لكن نجم عنه إيذاء أو عجز دائم، وذلك في المادة (٥٣٩) من قانون العقوبات.
الشروع في الانتحار لا يعاقب عليه إلا إذا كان عسكريًا وفعل ذلك للهروب من خدمته العسكرية.
وشدد القانون العراقي العقوبة على المحرض والمساعد إذا كان المنتحر قاصرًا لم يُتم الثامنة عشرة من عمره أو ناقص الإدراك والإرادة، أما إذا كان فاقدًا لهما، فيعاقب المحرض والمساعد بعقوبة القتل العمد أو الشروع فيه.
القانون الأردنى
أما في القانون الأردني فإن الشروع في الانتحار لا يعاقب عليه إلا إذا كان عسكريًا وفعل ذلك للهروب من خدمته العسكرية.
قد يكون المُنتحِر مُجرِمًا
وأوضح «أحمد» تدور فلسفة المشرِّع بشأن عدم تجريم «الانتحار» و«الشروع فيه» حول أمرين؛ فالمنتحر قد انتهت حياته ولذلك تسقط عنه أية عقوبة قانونية، أما من يشرع في الانتحار فهو فاقد للأمل يائس من الحياة لأي سبب كان، سواء كان ضغطًا اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو نفسيًا، فلا يرى المُشرِّع هنا أنه من المنطقي معاقبته على يأسه بما يزيد منه، بل تجب مساعدته، كما أنه عدّ الموت وسيلة نجاة؛ فلا فائدة من معاقبته بعقوبة أخرى.
ما الذي يمكن للدولة فعله؟
وسط اهتمام التشريعات العربية بما يخص الانتحار ووضع نصوص قانونية له، ما دور الدولة وما الذي تقدمه لمن لديه ميول انتحارية أو سوابق في الشروع في الانتحار؟ هل هناك مراكز متخصصة لمساعدة من تنتابه هذه الرغبات؟
أكد «أحمد» أن الظروف السياسية والإقليمية والاقتصادية التي تعيشها الدول العربية على الدوام لم تتح مجالاً للاهتمام بهذه القضية، فهى في الواقع ليس هناك اهتمام عربي كاف بهذا الشأن من قبل الأجهزة الرسمية للدولة، وربما كان السبب هو أن معدلات الانتحار في الوطن العربي لم ترقَ، من وجهة النظر الرسمية، إلى أن تكون ظاهرة تحوز اهتمامَ الدولة، أو أن الظروف السياسية والإقليمية والاقتصادية التي تعيشها الدول العربية على الدوام لم تتح مجالاً للاهتمام بهذه القضية.
وأضاف «أحمد» أنه تجد في القاهرة من الشباب الناشطين اجتماعيًا من يتطوع للحد من هذه الحالات، وتابع: «وعلى هذا نتمنى تفعيلاً أكبر لدور الدولة في معالجة الأمر والتدخل لمساعدة من لديه هذا النوع من الميول، وذلك عن طريق توفير مراكز للصحة النفسية وخطوط هاتفية مباشرة لحالات الطوارئ، بالإضافة إلى الحملات التوعوية للمحيطين بمن يفكر في الانتحار ليؤدوا دورهم في مساعدته، ومن المهم أيضًا إجراء البحوث والدراسات حول أسباب الانتحار والوصول إلى المعدلات الحقيقية لعدد المنتحرين ومن لديهم ميول انتحارية مما سيسهم في معالجة المسألة التي قد تؤثر في المجتمع والدولة».