كبسولة قانونية.. مفهوم المواطنة
الثلاثاء، 03 أبريل 2018 12:00 ص
«المواطنة».. قد يخطئ العديدون عندما يعرّفون المواطنة على أنها حب الوطن، فهذا التعريف مرتبط بمصطلح آخر وهو الوطنيّة، في حين أن المواطنة تعرف على أنّها: الصفة التي تُمنح للمواطن والتي تتحدد بموجبها عدة أمور منها؛ الحقوق، والواجبات.
الدولة المصرية شهدت خلال الفترة السابقة حصول عدد من الأشخاص على الجنسية المصرية وسحبها من عدد أخر، كما تشهد خلال الفترة القادمة حزمة من الأعياد للمسلمين والمسيحيين على حد سواء، الأمر الذى يجب معه التعريف بمبدأ المواطنة من الناحية القانونية.
وفى هذا الشأن، يقول خالد محمد رجب، الخبير القانونى، إن للمواطنة خصوصيّة ليست لأي صفة أخرى، فهي تتضمن انتماء المواطن لوطنه النابع من حبه له، وخدمته له في كافة الأوقات والأحيان، واحترام المواطنين الآخرين الذين يعيشون معه على الأرض ذاتها، والذين يتقاسم وإياهم الغذاء، والشراب، والماضي، والحاضر، والمستقبل.
وأضاف «رجب» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أن المواطنة تعتبر علاقة محددة ضمن القانون المعمول به في الدولة، حيث تربط هذه العلاقة بين الدولة بكافة أركانها، وبين الإنسان الذي مُنح صفة مواطن، مؤكداَ أن بعض الجهات فرقت بين مفهومي «الجنسيّة» و«المواطنة»، حيث إنّ «الجنسية» تعطي للمواطن حقوقاً إضافيّة؛ كحق حمايته وهو في الخارج من أي اعتداء، في حين لم تفرّق جهات أخرى بين هذين المفهومين.
عوامل محددة للمواطنة
وعن العوامل المحددة لمواطنة المواطن، أكد «رجب» تتحدّد مواطنة المواطن من خلال العديد من العوامل والتي على رأسها «الولادة على أرض الوطن»، يلي ذلك «جنسية الوالدين»؛ وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ بعض الدول تمنح الجنسية لشخص ما إذا كان أي من والديه حاملاً لهذه الجنسية، في حين اقتصرت بعض الدول على منح الجنسية فقط في حال كان الوالد حاملاً لها.
ومن العوامل الهامة أيضاً، قال «رجب» يتمثل فى «عامل الزواج»، فبعض الأشخاص يتزوّجون ممن يحمل جنسيّة معينة بغرض الحصول على الجنسية فقط، مشيراَ إلى أنه تمنح بعض الدول الجنسية بناء على ما يُعرف بـ«التجنيس»، وفي هذه الحالة فإنه يتوجّب على الشخص الراغب في الحصول على جنسيّة الدولة المانحة أن يدخل البلاد بشكل قانونيّ، وأن يقيم فيها، وأن ينفّذ كافة التعليمات الصادرة عن المؤسسات المعنيّة في هذه الدولة والتي تمنح بموجبها الجنسية للراغبين.
اختبارات المواطنة
وعن الشروط قال «رجب» وقد تتضمّن هذه التعليمات النجاح في بعض الاختبارات التي ترى الدولة أنّها ضرورية وهامة للعيش فيها، هذا وقد تمنح الدول الجنسيّة لمن يطلب اللجوء إليها سياسياً.
وتابع: «المواطنة في الوعي العام قد يبدو مصطلح المواطنة هجيناً، أو مستغرباً لدى البعض، والسبب في ذلك يعود إلى عدم وعي الناس بأبعاد هذا المصطلح، وهنا تكمن مسؤوليّة مؤسسات المجتمع المدنيّ، والتي يجب أن تعنى بهذا الأمر، وأن تجعل مفهوم المواطنة واضحاً لدى الجميع، فكل المواطنين الذين يعيشون على أرض الدولة هم شركاء في المغنم والمغرم، ولا مجال إلا للعمل المشترك من أجل البناء والعطاء، كما يجب على الناس في شتى أنحاء الجمهورية أن يعوا تماماً أنّ المواطنة تتعدى حاجز الدولة الضيق إلى العالميّة، فالإنسان مرتبط بطبيعته بعدة انتماءات، والأرض هي الموطن الأول والأخير لأبنائها، لذا فإنّ وعي مفهوم المواطنة العالمية له أكبر الأثر في عيش سكان الأرض عيشة كريمة، خالية من المنغصات».
المواطنة فى الدستور
وعن علاقة المفهوم بالدستور المصرى، أوضح «رجب» أن المواطنة تعنى تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات العامة، حيث يرى البعض أن مفهوم المواطنة يقوم على عدة مبادئ في مقدمتها تساوي الناس في الحقوق والواجبات بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللهجة أو النوع أو الوضع الطبقي وتبدأ هذه العملية بتساوي الناس أمام القانون دون إقصاء.
الإقصاء
وعن مفهوم «الإقصاء» أكد «رجب» هو عملية يحرم بموجبها مجموعات معينة داخل المجتمع بشكل منهجى بسبب التمييز ضدها بناء على الهوية أو العرق أو الدين أو الطبقة الاجتماعية.
وأشار إلى أنه قد ظهر مصطلح المواطنة في الحياة الدستورية المصرية لأول مرة على إثر التعديلات التي دخلت سنة ٢٠٠٧ على الدستور المصري لعام ١٩٧١ والتي جعلت المواطنة أساساً للنظام السياسي التي نصت علي أن :« جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم على أساس المواطنة»
وقد أشير للمواطنة فى أكثر من مادة فى الدستور المصرى ٢٠١٤.
المواطنة فى القانون
فقد نصت المادة الأولى علي أن: « نظام الحكم فى مصر جمهورى ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون».
ونصت المادة الرابعة علي أن : «السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات ويصون وحدته التى تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين».
وفى مواد أخرى يقوم النظام السياسى على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة والفصل بين السلطات والتوازن بينهم
ففى المادة ٨ و ٩ « المجتمع المصرى يقوم على التضامن الاجتماعى والدولة تلتزم بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز».
كما أن الدولة تكفل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية "
بينما المواطنة في معناها البسيط: انتماء الفرد إلى مجتمع واحد يضمه بشكل عام رابط إجتماعي وسياسي وثقافي موحد في دولة معينة.
المواطنة عند جان جاك روسو
ووفقا لما اتتهت إليه نظرية جان جاك روسو فالمواطن له حقوق وغي ذات الوقت عليه مسؤوليات.
ووفقا للقانون يدل مصطلح المواطنة على وجود صلة بين الفرد والدولة.
ووفقا للقانون الدولي المواطنة هي مرادفة لمصطلح الجنسية
وبناء دولة مدنية ديمقراطية على اساس المواطنة بدون تمييز قومي أو ديني واحترام حقوق جميع القوميات والأديان، هو دائما مطمع الدول المتحضرة وشعوبها.
وبناء الدولة المدنية القائمة على أساس المواطنة، أمر ليس بالسهل أو متعلق بمجرد الرغبة او التمني او حتى الإرادة، إنما يمكن أن يتحقق عبر كفاح تاريخي طويل وهو أيضا عملية اجتماعية تراكمية، فالدولة في السويد أو الدنمارك أو ألمانيا أو الولايات المتحدة وطبيعة علاقتها بمواطنيها، ليست وليدة الساعة أو رغبة هذا الحزب او تلك الفئة وإنما جاءت بالتأكيد تتويجا لكفاح اجتماعي وسياسي عنيد تطلب الكثير من المثابرة والتضحيات.