رحمة الله على اللواء نصار
السبت، 24 مارس 2018 09:07 م
في صمت تام، رحل عن دنيانا منذ ساعات "اللواء فؤاد نصار" رئيس المخابرات الحربية الأسبق، أخر عملاقة الصورة المشرقة لغرفة عمليات حرب السادس من أكتوبر عام 1973 " والذي اعتبره الفريق أحمد إسماعيل على وزير الدفاع الأسبق "كلمة السر" في نصر أكتوبر.
فقد اختاره الرئيس السادات عام 1972 لتولى قيادة المخابرات الحربية خلال مرحلة من أشد مراحل التاريخ المصري حساسية، حيث شرع على الفور في إجراء تقييم شامل لقدرات الجيشين المصري والإسرائيلي، وخلال فترة وجيزة وضع كل تفاصيل نقاط القوة والضعف في الجيشين أمام الرئيس الراحل أنور السادات، مما دفع القيادة إلى دعم قدرات العديد من أفرع القوات المسلحة.
كما نجح في كسر التفوق الالكتروني والتكنولوجي الإسرائيلي في الحصول على المعلومات بمساعدات أمريكية في ذلك الوقت، وذلك بما كانت توفره لها واشنطن من معدات وأجهزة رادار وطائرات استطلاع وأقمار صناعية، كانت ترصد كل صغيرة وكبيرة على أرض سيناء، حيث نجح اللواء نصار في تكوين "منظمة سيناء" التي تمكن من خلالها من تجنيد المئات من المتطوعين من أبناء سيناء، وتدريبهم علي كيفيه استخدام أجهزة الإتصال اللاسلكي، والإرسال بالشفرات، والإقامة خلف خطوط العدو، وخلال زمن قياسي، تمكن من زرع مئات الرادارات البشرية في كل أنحاء سيناء، نجحت في نقل كل صغيرة وكبيرة عن القوات الإسرائيلية وتحركاتها قبل الحرب.
ووصل دقة التخطيط باللواء نصار، إلى أن دفع بكتيبة من رجال المخابرات ظلت تعمل لمدة 9 أشهر كاملة خلف خطوط العدو، وامتدت فترة عملها إلى ما بعد نهاية الحرب، حيث نجحت في إمداد مصر بمعلومات دقيقة عن كل ما كان يدور في سيناء، وحركة المطارات، ومخازن الطوارئ، ومناطق الحشد العسكري، وتحركات القيادات الإسرائيلية ، وكان يتولى أفراد منظمة سيناء مسئولية إعاشتها تلك المجموعة.
وهو ما دفع"موشى ديان" وزير الدفاع الإسرائيلي، إلى التساؤل بعد نهاية الحرب عن كيفيه حصول مصر على كل هذه المعلومات عن الجيش الإسرائيلي، على الرغم من عدم امتلاكها لوسائل إلكترونية، أو طائرات استطلاع، أو تعاون استخباراتي مع أي من الدول الكبرى.
كما كان للواء فؤاد نصار، أول من اختار ساعة الصفر ويوم السبت السادس من أكتوبر، كموعدا لمباغتة القوات الإسرائيلية، نظرا لتزامنه مع "عيد الغفران" عند اليهود، كما كان صاحب خطة الخداع الاستراتيجي الكبرى التي قامت بها القوات المصرية قبل الحرب على طول خط القناة، والتي جعلت القوات الإسرائيلية في حالة استرخاء حتى لحظة الحرب، والتي نجح من خلالها من تحطيم أسطورة جهازي المخابرات الأقوى في العالم ـ أمريكا وإسرائيل ـ .
كما نجح نصار ورجاله خلال فتره الحرب، في رصد التفاصيل الكاملة للجسر الجوى الأمريكي لإسرائيل، مما دعا الرئيس السادات إلى الخروج للعالم وفضح أمر الأمريكان، ونحج أيضا في رصد زيارة "موشى ديان" وزير الدفاع الإسرائيلي لجنوده داخل الثغرة، ورصده من على بعد 20 مترا، وأبلغ الرئيس السادات بالأمر، وتم دك المنطقة بمعرفة القوات الجوية المصرية، وفى اليوم التالي أحضر للسادات صور "ديان" وهو معلق فوق نخلة والنار مشتعلة أسفلها، بعد أن أفلت من الموت بأعجوبة.
وكان أول من اقترح على الرئيس السادات بتقسيم سيناء إلى محافظتين شمالية وجنوبية، ورفض أن يجدد له الرئيس "مبارك" للاستمرار في منصبه كرئيسا للمخابرات العامة بعد سن الستين، مؤكدا أن مصر مليئة بالعقول والخبرات التي يجب أن تأخذ دورها.
رحم الله على "اللواء نصار" واسكنه فسيح جناته.