السلفيون يعتبرونها «مكوس».. أبرز الفتاوى في حكم «الضرائب»
السبت، 24 مارس 2018 04:17 م
تحدث الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر، في برنامجه اليومي عبر فضائية «أون تي في»، حول مشروعية الضرائب التي تفرضها الدولة، وحكم الشريعة الإسلامية من التهرب منها، حيث أوضح أن الفقهاء لديهم 4 مذاهب في التهرب من الضريبة، أولها الرأي الذي يسيرعليه الاتجاه العام، وهو «أنه أمر التزامي وفقا لضوابط المجتمع، والتهرب منها من الكبائر، لأنها سرقة لحق الشعب».
وتابع الهلالي، أن الرأي الثاني وهو منهج بعض السلفيين، حيث يرون بأن «الضريبة هي فريضة ولكن غير شرعية»، موضحا الرأي الثالث وهو رأي ابن تيمية وابن القيم، حيث قالوا «إن الضريبة فريضة غير شرعية والتهرب منها جائز وحلال»، أما الرأي الرابع، فقد قال به علي ابن أبي طالب، وبعض الصحابة والتابعين، وفقهاء المالكية، حيث قالوا «إن الضرائب فريضة دينية وشرعية، والتهرب منها مثل التهرب من الزكاة».
واستنادا على ما تحدث عنه الدكتور سعد الدين الهلالي، نعرض في تقريرنا التالي الآراء الرسمية التي أفتى بها الأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية، حول مشروعية الضرائب وحكم التهرب منها، خاصة وأنها اصبحت الآن تمول مشروعات قومية وخدمية، هدفها الأول خدمة الشعب المصري.
فتوى دار الإفتاء
عرفت دار الإفتاء المصرية الضرائب بأنها مقدار محدد من المال تفرضه الدولة في أموال المواطنين، دون أن يقابل ذلك نفع مخصوص، حيث يتم فرضها على الملك والعمل والدخل نظير خدمات والتزامات تقوم بها الدولة لصالح الجميع، وهي تختلف باختلاف القوانين والأحوال.
ولذلك فإن دار الإفتاء المصرية ترى بأنه لولي الأمر فرض ضرائب عادلة في تقديرها وفي جبايتها بجانب الزكاة، وذلك لتغطية النفقات العامة والحاجات اللازمة للأمة، باعتبار أن ولي الأمر هو القائم على مصالح الأمة التي تستلزم نفقات تحتاج إلى وجود مورد ثابت، لا سيما في هذا العصر الذي كثُرت فيه مهام الدولة واتسعت مرافقها.
وتابعت دار الإفتاء في فتواها، بأن للدولة ما يسمى بالموازنة العامة، التي يجتمع فيها الإيرادات والنفقات، وإذا كانت النفقات العامة للدولة أكبر من الإيرادات العامة، فإن ذلك معناه عجز في ميزانية الدولة، ويتعين عليها تعويضه بعدة سبل منها فرض الضرائب، إلا أنه ينبغي أن يراعى في فرض الضرائب عدم زيادة أعباء محدودي الدخل وزيادة فقرهم، وأن تصل أصالةً من الفئات التي لا يجهدها ذلك، كطبقة المستثمرين، ورجال الأعمال الذين يجب عليهم المساهمة في واجبهم تجاه الدولة.
واستدلت دار الإفتاء في فتواها، بما كان يقوم به الخليفة عمر بن الخطاب، أول من اجتهد في فرض أموال تؤخذ من الناس من غير زكاة أموالهم، وذلك لتحقيق المصالح العامة؛ مثل «الخراج»، فهو واجب على كل من بيده أرض خراجية نامية، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، صغيرًا أو كبيرًا، عاقلًا أو مجنونًا، رجلًا أو امرأةً؛ وذلك لأن الخراج مئونة الأرض النامية، وهم في حصول النماء سواء، وكان ذلك لمصالح عامة ظهرت له منها: الحاجة لإيجاد مورد مالي ثابت للأمة الإسلامية بأجيالها المتعاقبة، وتوزيع الثروة وعدم حصرها في فئة معينة، وعمارة الأرض بالزراعة وعدم تعطيلها.
وشددت دار الإفتاء في فتواها، بأن الإسلام لا يمنع فرض الضرائب؛ فقد تقرَّر في الشريعة الإسلامية أن في مال المسلم حقًّا سوى الزكاة؛ ويدل على ذلك قوله تعالى «لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَالمَلائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ»، فالآية قد جُمِعَ فيها بين إيتاء المال على حبه وبين إيتاء الزكاة بالعَطْفِ المقتضِي للمُغايرة، وهذا دليل على أن في المال حقًّا سوَى الزكاة لتصح المُغايرة.
واعتبرت الإفتاء، أنه لو تركت الدول في عصرنا دون ضرائب تنفق منها، لكان ذلك مؤديًا إلى خلخلة اقتصادها، وضعف كيانها من كل نواحيه، فضلًا عن الأخطار العسكرية عليها، فلقد أصبح التسليح ونفقات الجيوش في عصرنا مما يحتاج إلى موارد هائلة من المال، بالإضافة لنفقات الحياة العلمية والصناعية والاقتصادية، وكل هذا يحتاج إلى المال، ولا سبيل إلى ذلك إلا بفرض الضرائب باعتبارها نوعا من الجهاد بالمال، موضحة بأنه لا يجوز التهرب من الضرائب، ولا يجوز دفع الرشوة لإنقاصها.
فتوى الأزهر
فيما أفتى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بأنه لا يجوز التهرب من دفع الضرائب، لأن الضريبة حق مكفول للدولة، تفرضه على المواطنين؛ نظرا لما تقوم به من خدمات ومصالح ومنافع وإنشاء للطرق وتشييد للمستشفيات وغيرها، وهى كذلك تعتبر عقدًا بين المواطن والدولة.
وأوضح المركز فى فتواه، أن الضرائب لازمة وضرورية شرعا وقانونا، مبينا أنه كي تفتحَ محلًّا أو مصنعًا فلا بد من الموافقة على الشروط التي تحددها الدولة، ومن تلك الشروط، السِّجِل الضريبي الذي بموجبه تدفع تلك الضريبة للدولة، وحيث وافقت على تلك الشروط فلا يجوز مخالفتها لأن «المؤمنون عند شروطهم»، ولأن في هذا حفاظٌ على النظام العام وحدٌ من الفوضى، وعلى هذا فلا يجوز التهرب منها والتحايل من أجل إنقاصها، لأن هذا غير جائز شرعا.
الضرائب عند السلفيين
يقترب الدكتور سعد الدين الهلالي، في حديثه عن مشروعية الضرائب من موقف السلفيين منها، حيث أكد على أن ابن تيمية وابن القيم يرونها غير شرعية لكنها جائزة، وذلك وفقا لفتاوى أقطاب السلفيين، حيث يفتي الشيخ الالباني، أحد أقطاب السلفيين وعلمائهم، أن الضرائب في الشريعة الإسلامية تعني المكوس، وهي مما لايجوز في الإسلام، استنادا إلى قول النبي صل الله عليه وسلم، قال في المرأة الغامدية التي زنت ثم تابت «والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له».