هل يفعلها المصريون فى الداخل؟
الأحد، 25 مارس 2018 06:00 صطلال رسلان
نسب مشاركة المصريين فى الانتخابات الرئاسية 2018 بالخارج تزيد 3 أضعاف عن 2014
الانتخابات الرئاسية المصرية تأتى فى توقيت بالغ الحساسية تخوض فيه مصر معركة شرسة فى مواجهة الإرهاب بسيناء، وتضحيات كبيرة للشعب المصرى، واستشهاد عدد من الجنود بالجيش والشرطة فى معارك للدفاع عن تراب الوطن.
دائما ما تكون ردود الفعل الأولى فى العمليات الانتخابية مؤشرا على سير بقية العملية، كثيرون لم يتوقعوا أن يتوجه المصريون فى الخارج إلى صناديق الانتخابات الرئاسية بهذه الكثافة والحشد، عدد لا بأس به من الخبراء أرجعوا ذلك لسببين؛ الأول الشعبية الكبيرة للرئيس عبدالفتاح السيسى والتى تحسم العملية لصالحه، والثانى هو مدى قوة تأثير موسى مصطفى موسى على الساحتين السياسية والشعبية.
لكن الأعداد على أرض الواقع كانت مبهرة، حشود لم يتوقعها أحد، سيدات ورجال وشباب توافدوا على السفارات المصرية فى الخارج، لا صوت يعلو فوق هتاف «تحيا مصر»، الطوابير كانت صادمة للمتربصين، ويبقى السؤال هل يشهد الداخل حشودا مثل الخارج؟
3 أيام عاشتها الجالية المصرية منذ يوم الجمعة الـ16 من مارس، وحتى مساء الأحد الـ18 من الشهر نفسه، سطرت خلالها ملحمة شعبية مصرية داخل 139 قنصلية وسفارة فى الخارج بـ124 دولة، عبرت عن أسمى معانى الحب وتغنت بلحن الوفاء لبلادها، وأثبتت أن سنوات الغربة لم تترك آثارها فالمعدن المصرى أصيل عبر الأجيال المختلفة، عرس انتخابى حرص الإعلام العربى والعالمى على تغطيته، ونقلته الشاشات العربية، التى أشادت بالوعى والحس الوطنى للمصريين الذين لبوا نداء الوطن.
وعلى مدار أيام التصويت، أثنى العالم بالمشاركة المصرية غير المسبوقة خاصة فى الدول العربية، الأمر الذى رأته يعكس حرص وإدراك المصريين للتحديات التى تواجهها الدولة المصرية، ويكشف تمسكهم باستكمال مسيرة البناء والتنمية رغم ما يواجهونه من صعاب، كما خطف حضور النساء القوى عدسات الكاميرات، وكانت حديث الصحافة الخليجية، وقالت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية فى عددها الأحد، «شاركت سيدات مصر بكثافة فى دبى بالانتخابات الرئاسية، وبخاصة فى القنصلية العامة لمصر فى دبى، حيث رفعت السيدات المصريات الأعلام المصرية، مرتديات تيشيرتات تحمل شعار «تحيا مصر». ونقلت عن وائل عبدالرحمن، وهو مدرس مصرى، والذى قال إنه حرص على الذهاب هو وأسرته بالكامل للتصويت، وإن الإقبال كان كبيرا.
ورغم أنف نظام الحمدين الذى يحكم إمارة قطر والملوثة أيديه بدماء الأبرياء وأبناء المصريين والعرب عبر دعم التنظيمات المسلحة، رسم المصريون لوحة مشرفة لأبناء وطنهم تؤكد على حرصهم على استكمال الدولة المصرية طريقها وتصفع النظام القطرى الذى جيّش كل وسائله وأدواته الإعلامية وجند كتابه وصحفييه من المرتزقة لتضليلهم هم وأبناء جلدتهم فى الداخل، لكن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، خرج المصريون عن بكرة أبيهم فى الدوحة ووقفت الأسر المصرية يدا بيد فى صفوف طويلة قد لا تسعهم أراضى دولة قطر الصغيرة لتصل إلى أراضى جيرانها العرب.
وفى مشهد تقشعر له الأبدان وتحيى الوطنية داخل أصحاب الضمائر الحية، احتشدت طيور مصر المهاجرة على سلم الممثلية المصرية فى الدوحة فى اليوم الأول من التصويت، وتغنوا بأغنية «قالوا إيه» ليسمعوا بها كل من أراد ببلادهم سوءًا وتصل إلى آذان أهل الشر فى الدوحة، ويبعثوا برسالة إلى النظام القطرى الذى لم يبق عملية إرهابية ولا مؤامرة إلا وفعلها تجاه الأشقاء العرب، مفاداها أن المصريين يقفون خلف قيادتهم الرشيدة فى أى مكان من أرجاء المعمورة، ولم تخدعهم مؤامرات الإعلام القطرى والسموم التى تبثها شاشات «آل ثانى» فى الداخل والخارج.
كان احتشاد المصريين يوم الجمعة فى حى السفارات بالدوحة له واقع مؤلم على مسامع الدولة القطرية، فقد تمكن المصريون من إرباك حسابات «تميم» الذى - وفقا لتقارير- حاول إجهاض العرس الانتخابى المصرى عبر إنفاق الملايين على التنظيمات الإرهابية لإفساد فرحة المصريين، لكن باءت كافة مساعيه بالفشل، وبحسب المستشار العمالى بالدوحة هشام كامل إن الجهات القطرية المختصة رغم أنها على علم بالانتخابات، لم تكلف بتشغيل الباصات لنقل الناخبين لقسم رعاية مصالح مصر داخل مجمع السفارات حسب المتبع بحجة أن اليوم إجازة رسمية.
ووفقا للتقارير، قام المستشار أحمد عزت بتكليف الموظفين بالقسم بالمساعدة فى توصيل كثير من الحالات للقيام بواجباتهم الانتخابية، موضحا أن الملفت للنظر أن الآباء والأمهات أصروا على حضور أبنائهم معهم لكى يعتادوا ممارسة حقوقهم السياسية عند بلوغهم السن القانونية.
وبعد أن فضح الإعلام المصرى تعنت النظام القطرى فى التعامل مع الناخبين، وبضغط الحشود المصرية المتواجدة أمام الممثلية استجابت السلطات الأمنية فى الدوحة لطلب المصريين فى فتح باب جانبى للمواطنين بالدخول مباشرة إلى مبنى البعثة داخل حى السفارات بعد شكوى العديد من المواطنين من طول المسافة التى يقطعونها إلى مقر البعثة وفقا للمستشار حمدى لوزا، نائب وزير الخارجية بالهيئة الوطنية للانتخابات.
على جانب آخر واصلت الآلة الإعلامية القطرية تضليلها وتعنتها تجاه العملية الانتخابية، وتصويت الجالية المصرية هناك، ففى الوقت الذى تجاهلت فيه الصحافة القطرية والمواقع الإلكترونية الإخبارية تماما الحشود المصرية المتواجدة أمام مقر البعثة المصرية والتى أربكت حسابات النظام هناك، أبرز فقط خبر استجابة السلطات إلى النداءات المصرية لتيسير عملية التصويت على المصريين هناك وقامت بفتح باب قريب من مقر مكتب التمثيل المصرى.
وهكذا صفعت الجالية المصرية فى قطر «أهل الشر»، وأوصلت رسائلها القوية للنظام القطرى وللأمير تميم بن حمد الراعى الرسمى للإرهاب فى العالم، رسائل يفهمها كل ذى عقل، بأن مصر هى عمود فقرى المنطقة برمتها، وإن كن لها أشرار الدوحة وفى أى مكان فى العالم الشر، فهى شامخة تدافع عن عروبتها وتجتث الإرهاب من جذوره نيابة عن العالم كله.
تحالف «شفافية الانتخابات الرئاسية» أصدر تقريرا حقوقيا عن عملية تصويت المصريين بالخارج قال فيه إن تزايد نسبة المشاركة ما لا يقل عن 3 أضعاف بالانتخابات الرئاسية عام 2014 بسبب زيادة الوعى والإدراك الجيد لأهمية المشاركة، مشيرا إلى وجود تعاون كبير بين السلطات المحلية بالدول الأوروبية لتأمين مقار البعثات الدبلوماسية بالتنسيق مع السفارات المصرية، فضلا عن حضور الناخبين وسط مظاهر احتفالية بالانتخابات الرئاسية المصرية واصطفافهم فى طوابير داخل السفارات بصورة حضارية انتظارا للإدلاء بأصواتهم.
ورصد التقرير أيضا ارتفاع المشاركة السياسية للمصريين فى الخارج بشكل مكثف للتصويت فى الانتخابات بصورة حضارية تدل على وعى المصريين بالخارج بالتحديات التى تواجه وطنهم، وشعور الناخبين بمسئولياتهم تجاه وطنهم، ومساندتهم للقوات المصرية من الجيش والشرطة فى عمليات مكافحة الإرهاب فى سيناء، ورفضهم لدعوات العزوف عن التصويت والاستجابة لدعوة الهيئة الوطنية للانتخابات للمشاركة فى عملية التصويت.
وأشادت الكاتبة الإماراتية مريم الكعبى بحرص المصريين للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية بالخارج، مضيفة «الشعب المصرى يقدم دروساً حية فى حب الوطن وعشق تراب الأرض».
وأضافت «الكعبى» عبر تغريدة على حسابها الشخصى بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»: «الشعب المصرى ينقل صورة عظيمة فى كيفية الاحتفاء بظاهرة الديمقراطية فكل الدروب، وكل مذاهب السياسة لدى المواطن المصرى تؤدى به إلى الوطن والانتماء والولاء له».
أكد السفير طارق عادل، سفير مصر لدى الأردن، أن المواطن المصرى، فى حرصه على القيام بواجبه تجاه وطنه، هو أكبر ضامن لنجاح انتخابات المصريين بالخارج، إلى جانب التنسيق والتعاون الكامل للجنة الوطنية للانتخابات مع الجهات الأخرى، وتحديدا فى ما يخص الجوانب الفنية، لضمان حسن سير العملية الانتخابية ومصداقيتها.
وقال السفير طارق عادل، إن انتخابات المصريين بالخارج، التى عقدت بالأردن على مدار ثلاثة أيام، بداية من السادس عشر من الشهر الجارى، وانتهت بشكل إيجابى وناجح جدا، بتوجه آلاف المصريين لصناديق الاقتراع وممارسة حقهم الانتخابى.
وقال برلمانيون إن الجالية المصرية فى الخارج أثبتت للعالم حب المصريين لبلدهم من خلال تواجدهم أمام السفارات والقنصليات المختلفة للإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات الرئاسية.
وأضافوا أن العالم سيرى مظاهرة وثورة فى حب الوطن فى انتخابات الداخل، مؤكدة أن الشعب المصرى بصدد رؤية واحدة، ولفتوا إلى الرسالة التى يوجهها المصريون لمن وصفوهم بـ«أعداء مصر»، من خلال مشاركتهم فى الانتخابات بالخارج، مؤكدين عدم استطاعة تغيير الواقع فى هذا الشأن من بعض وسائل الإعلام، حيث وجهت رسالة لقناة «الجزيرة» القطرية: «كونى على يقين أنكِ لن تغيرى الحقائق».