كبسولة قانونية.. كل ما تريد معرفته عن مفهوم التلبس بـ «الزنا»
السبت، 24 مارس 2018 10:00 ص
«مفهوم التلبس بالزنا» يختلط فيه الأمر من الناحية القانونية بسبب صعوبة الإثبات على ضوء المادة 276 عقوبات والمادة 30 إجراءات المتعلق بمشاهدة شريك الزانية حال ارتكاب الزنا. والسؤال الذى يطرح نفسه هنا، هل ضبط المتهم بملابسه الداخلية أسفل فراش النوم وارتداء الزوجة ملابس شفافة وارتباكها وتغيبها في فتح باب الشقة لزوجها بعد فترة من الزمن يكفي لتحقق التلبس بـ «الزنا»؟
للإجابة على هذا السؤال، يقول الدكتور ياسر الأمير فاروق، أستاذ القانون الجنائى، أنه على ضوء المادة 276 عقوبات إذ التلبس المقصود بتلك المادة ليس هو التلبس بالجريمة طبقاً للمادة 30 إجراءات بمشاهدة شريك الزانية حال ارتكاب الزنا وانما يكفي أن يشاهد في ظروف لا تدع مجالاً للشك في حصول الزنا فعلا طبقا لتعليق على حكم النقض.
وأضاف «فاروق» فى تصريح لـ «صوت الأمة» أن قول الطاعن أن وجوده في المكان المخصص للحريم في منزل شخص غير مسلم يحول دون مساءلته عن جريمة الزنا، عملاً بنص المادة 276 من قانون العقوبات مردوداً بأن المادة المشار إليها أوجبت على القاضي أن يستمد اقتناعه في إدانة شريك الزوجة الزانية من أدلة إثبات معينة لم تقف في هذه المادة عند الوجود في منزل مسلم في المكان المخصص للحريم فحسب، بل تضمنت أدلة أخرى هي التلبس والاعتراف والمكاتيب والأوراق، ويكفي أي دليل منها على حده لكي يستمد منه القاضي اقتناعه بالإدانة.
وأشار أستاذ القانون الجنائى إلى أنه إذا كان القانون في المادة 276 من قانون العقوبات بتحديده الأدلة التي لا يقبل الإثبات بغيرها على الرجل الذي يزني مع المرأة المتزوجة لا يشترط أن تكون هذه الأدلة مؤدية بذاتها فوراً ومباشرة إلى ثبوت فعل الزنا، فمتى توافر قيام دليل من هذه الأدلة المعنية كالتلبس يصح للقاضي أن يعتمد عليه في ثبوت «الزنا» ولو لم يكن صريحاً في الدلالة عليه ومنصباً على حصوله متى اطمأن بناء عليه إلى أن «الزنا» قد وقع فعلاً، وفي هذه الحالة لا تقبل مناقشة القاضي فيما انتهى إليه على هذه الصورة إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه ليس من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي وصل إليها، ذلك لأنه بمقتضى القواعد العامة لا يجب أن يكون الدليل الذي ينبني الحكم عليه مباشراً، بل للمحكمة وهذا من أخص خصائص وظيفتها التي أنشئت من أجلها أن تكمل الدليل مستعينة بالعقل والمنطق وتستخلص منه ما ترى أنه لابد مؤد إليه.
وأوضح «فاروق»، أنه إذ كانت المادة 276 المذكورة قد نصت على التلبس بفعل «الزنا» كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بـ«الزنا» مع المرأة المتزوجة لم تقصد التلبس الحقيقي كما عرفته المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، فلم تشترط فيه أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه «الزنا» بالفعل، بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف لا تترك عند قاضي الدعوى مجالاً للشك في أنه ارتكب فعل الزنا، وإثبات هذه الحالة غير خاضع لشروط وأوضاع خاصة، وذلك لأن الغرض من المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية غير الغرض الملحوظ في المادة 276 من قانون العقوبات، إذ المقصود من الأولى بيان الحالات الاستثنائية التي يخول فيها لمأموري الضبط القضائي مباشرة أعمال التحقيق، أما الثانية فالمقصود منها لا يعتمد في إثبات «الزنا» إلا على ما كان من الأدلة ذا مدلول قريب من ذات الفعل.
وأكد أنه إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تلبس الطاعن بـ «الزنا» من وجوده أسفل الفراش بغرفة النوم بمنزل الزوجية مرتدياً ملابسه الداخلية فقط، ووجود الزوجة لا يسترها سوى قميص النوم وكون باب الشقة موصداً من الداخل ولدى فتح الأخيرة له بعد مضي فترة من الوقت كانت في حالة ارتباك، وكانت تلك الوقائع التي استظهرت منها المحكمة توافر حالة التلبس ووقوع فعل «الزنا» كافية وصالحة لأن يفهم منها هذا المعنى، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن؛ لأن تقدير ذلك كله مما يملكه قاضي الموضوع ولا وجه للطعن عليه فيه، ومجادلته في ذلك لا يكون لها من معنى سوى فتح باب المناقشة في مبلغ قوة الدليل في الإثبات، وهذا غير جائز لتعلقه بصميم الموضوع . (الطعن رقم 6526 لسنة 6 جلسة 2014/03/25)
هذا الحكم صحيح فيما انتهي إليه من نتيجة وهي تحقق التلبس بـ«الزنا» من مشاهدة المتهم اسفل فراش النوم وارتداء الزوجه ملابس شفافة وارتباكها عند فتح باب الشقة و لكنه محل نظر في أساسه القانوني حينما قرر أن التلبس بـ«الزنا» طبقا للمادة 276 عقوبات ليس المقصود به التلبس الوارد في المادة 30 إجراءات بمشاهدة شريك الزانية حال ارتكاب الزنا وانما يكفي أن يشاهد في ظروف لا تدع مجالا للشك في وقوع «الزنا»-حسب فاروق-
وإذا كان اغلب الفقهاء علي صحة هذا القضاء فإن قلة منه تنتقده «انظر في نقد هذا القضاء د.عوض محمد عوض- جرائم الأشخاص والأموال- 1985». ووجه نظر الناقدين لدينا أصوب وأيه ذلك أن التلبس بالجريمة طبقا للمادة 30 إجراءات لا يقتصر فحسب علي مشاهده الجاني حال ارتكاب الجريمة حسبما ظنت محكمة النقض بل أرحب من ذلك بكثير إذ ينصرف أيضا إلي وقوع «الزنا» منذ برهة يسيره أو إذا وجد الجاني بعد وقوعه بوقت قريب به اثأر أو علامات يستفاد منه كونه فاعلا للجريمة أو شريكا فيها... إلخ، ومن ثم فإن الواقعة في الحكم محل التعليق تدخل في مفهوم التلبس بالجريمة طبقا للمادة 30 إجراءات ومن ثم لم تكن بمحكمة النقض بحاجة إلي الالتفات عن حالات التلبس بالجريمة الواردة في تلك المادة وإعطاء التلبس بـ«الزنا» مفهوم خاص وترك الحبل على الغارب لمحكمة الموضوع في هذا الشأن-طبقا لفاروق-
وفى الأخير، أوضح «فاروق» انه من الثوابت أنه متي أورد قانون العقوبات مصطلح لم يبينه فإنه يكون قد أحال في شأنه إلي فرع القانون الذي نشاء فيه و«التلبس» نظرية إجرائية بين حالاتها قانون الإجراءات الجنائية، فوجب الرجوع إليه في تحديد مفهوم «التلبس» وحالاته، ولا يعترض بأن التلبس في المادة 30 إجراءات يبين السلطات الاستثنائية لمأمور الضبط القضائي ذلك أن تلك السلطات بينتها مواد أخري أما المادة 30 فقد حددت المقصود بـ«التلبس» بالجريمة، ومن ثم إن قانون الإجراءات الجنائية هو الوسيلة الوحيدة لأعمال قانون العقوبات فكلاهما مكمل الآخر ومن ثم وجب في تطبيق قانون العقوبات الاستعانة بقانون الإجراءات الجنائية.