"الرقص الحلال".. أبرز الفتاوى التي جاءت عن حكم "الرقص" في الدين
الجمعة، 23 مارس 2018 12:00 ص
عندما سئل الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله عن حكم الدين في الرقص عموما، فأجاب بأن الرقص يكون حلالا إذا كان فيه ستر للعورة، أما إذا كان فيه كشف للعورة فهو حرام، تلك الفتوى التي افتاها الشيخ الشعراوي، كانت موجزة ومقتضبة، ووضعت الفتوى في مكانها الصحيح.
لكن في ظل التسابق على إصدار الفتاوي، فقد تعددت الفتاوى في هذه المسألة بشكل مختلف، وكان لكل عالم وكل فرقة فتوى خاصة بها، كان آخرها فتوى للعالم السعودي الشيخ عبدالله المنيع عضو هيئة كبار العلماء السعودية وهي أرفع هيئة دينية في السعودية، المخول لها رسميا بإصدار الفتاوى في المملكة الذي افتى بحرمة رقص الزوجة لزوجها، إلا بشروط ثلاث، حيث أجاب الشيخ السعودي على سؤال عن حول حكم رقص الزوجة لزوجها، بأن رقص الزوجة بطلب من زوجها، لامانع فيه بشرط كان الأمر في بيتها، ودون موسيقى، ولا يراها سواه، مبينا أن حدود طاعة المرأة لزوجها تكون في كل شيء، فيما عدا طلب الرقص له.
وقال المنيع في فتواه، إنه لا حرج في ذلك طالما أنه لا يخالف شرع الله، فلا مانع في رقص المرأة لزوجها إذا طلب منها ذلك، طالما كان الأمر في بيتها ودون موسيقى ولا يراها سواه، مشترطا عدم وجود موسيقى ليكون الرقص حلالا.
ونستعرض خلال السطور القادمة الفتاوى التي جاءت في حكم الرقص بصفة عامة.
الفتوى الأولى للشيخ ابن باز أحد اقطاب الدعوة السلفية في المملكة العربية السعودية، حيث أفتى بأن الأصل في الرقص مرتبط باختلاط الرجال بالنساء، فإذا كان الرقص للنساء أمام الرجال مع وجود اختلاط فلا يجوز، لأنه قد يفضي إلى فساد، وقد يفضي إلى شر وإن كان محرما، لكن لا ينبغي أن يفعل ذلك، وينبغي أن يكون هذا للنساء خاصة، ولا يتعرضن للرجال، ولا يكون مع الرجال.
وتابع ابن باز في فتواه أن رقص النساء أمام بعضهن فلا شيء فيه، ولا حرج فيه إذا ما لم يكن فيه إختلاط بين الرجال، ولا بأس بالرقص ولا حرج فيه، ولا نعلم فيه بأساً، وكذلك الأغاني العادية في مدح الزوج أو الزوجة، أو أهل الزوج أو الزوجة، الأغاني التي ليس فيها فحش، وليس فيها دعوة إلى منكر، ولا تحبيب بمنكر، كل هذا لا بأس به.
أما الفتوى الثانية فهي فتوى الإفتاء القطرية، حيث ترى بأن الرقص ما كان للأطفال فلا حرج فيه، وما كان في الأعياد فهو مباح، إلا أن يكثر فهو مكروه لأنه يسقط المروءة، والرقص عند الذكر أو اتخاذه ذكرا أو عبادة فإنه يعد معصية لم يأذن فيها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الأئمة أو السلف. وأما رقص المرأة فإن كان أمام زوجها فقط فلاحرج فيه على كل حال، إن كان أمام نساء وهي ساترة لبدنها فلا حرج فيه أيضا والأولى تركه، وأما إن كان أمام الرجال فإنه يحرم، حيث إن المرأة مأمورة بستر نفسها أمام الرجال الأجانب، وقد اتفق الفقهاء على رد شهادة الرقاص، لأنه ساقط المروءة، وهي شرط من شروط صحة الشهادة.
الفتوى الثالثة فهي للشيخ ابن العثيمين حيث قال في كتابه مجموع الفتاوى "إن الرقص في الأصل مكروه، وكنت في الأول أتساهل فيه، لكن سئلت عدة أسئلة عن حوادث تقع في حال رقص المرأة فرأيت أن أمنع منه، لأن بعض الفتيات تكون رشيقة وجميلة وخفيفة ورقصها يفتن فتفتتن النساء بذلك، حتى إنه بلغني أن بعض النساء إذا حصل مثل هذا تقوم وتقبل المرأة التي ترقص وربما تضمها إلى صدرها ويحصل بهذا فتنة، ولهذا كنت أخيراً أقول: إنه ممنوع"
الفتوى الرابعة في مسألة الرقص فهي للشيخ محمد صالح المنجد الداعية السوري الذي نشأ بالمملكة العربية السعودية، وتلميذ الشيخ ابن باز فقد افتى بأن رقص النساء ليس محرما في أصله، ولم يأت فيه نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ بل قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه رأى امرأة حبشية ترقص وأراها عائشة ، ولم ينهها .
واستدل على فتواه التي نشرها موقعه "الإسلام سؤال وجواب، بحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَسَمِعْنَا لَغَطًا وَصَوْتَ صِبْيَانٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَزْفِنُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا، فَقَالَ: (يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي) فَجِئْتُ فَوَضَعْتُ لَحْيَيَّ عَلَى مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا مَا بَيْنَ المَنْكِبِ إِلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ لِي: (أَمَا شَبِعْتِ، أَمَا شَبِعْتِ) قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أَقُولُ لَا لِأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ عُمَرُ، قَالَتْ: فَارْفَضَّ النَّاسُ عَنْهَا: قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ) قَالَتْ: فَرَجَعْتُ ".
وعلى الرغم من أن هذا الحديث ضعيف لمخالفة هذه الرواية لجميع الروايات الأخرى في الصحيحين وغيرهما وكلها تدل على أن الراقصين إنما كانوا رجالا، وحمل العلماء رقص الحبشة على الوثب واللعب واللهو، ومما يقوي شذوذ هذه الرواية تفرد خارجة بن عبد الله بها، فقد رواها عن يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة، مخالفا بذلك جميع الطرق التي ورد بها الحديث عن عروة عن عائشة، وحتى أن البخاري قال بأنه حديث غريب.
وتابع الشيخ صالح المنجد فتواه بأنه لما صار الرقص لا يكاد ينفك عن أنغام الموسيقى والغناء، وإثارة الفتن، والتفنن في التكسر، وزادت البلية في العصر الحديث بالتشبه برقصات المجون الغربي والانحلال الأخلاقي، وشاعت الرقصات المستوردة ، بالألبسة العارية ، وكثر فيه الاختلاط وعظمت به الفتنة ، وصار الإبداع فيه بقدر تقليد الكفرة ورؤوس الفسق والفاجرات ؛ فلذلك حرمه جمع من أهل العلم سدا للذريعة الموصلة إلى هذه المنكرات.
أما الشيخ الألباني الأب الروحي للسلفيين فإنه يرى جواز رقص المرأة لزوجها إذا كان الرقص عفويا أي لا تقلد به الراقصات المحترفات اللاتي يرقصن على الوحدة والنص إن جاز التعبير، أما الرقص الذي نراه اليوم من النساء أمام الرجال فهو حرام ولا نعرف غير ذلك.
وعن الفتوى التي تستقر بها النفوس، وهي فتوى الأزهر الشريف، فقد كان لشيخ الأزهر السابق، الشيخ الثامن والثلاثون للأزهر الشريف فتوى شهيرة، حيث أفتى بأن الرقص للمرأة أمام أجنبيين عنها حرام شرعا، أما الرجل الذى يرقص مع أجنبية، والمرأة التى ترقص مع أجنبى وكذلك الرجل الذى يرقص مع امرأته على مرأى من الناس كل هؤلاء آثمون بارتكابهم لهذا الفعل، مبينا أن هذه قضايا معلومة بداهة من الدين لا تحتاج إلى إقامة برهان عليها ومن يرضى بها سواء أكان حاضرا وقت ارتكابها أم لم يكن حاضرا آثم كذلك، لأن الرضا بالمعصية معصية كما أن الرضا بالكفر كفر.