مصر بتلم الشمل ..مرحبا بأشقاء الجنوب والغرب

الرؤية واضحة والسياسة المصرية الخارجية لأول مرة منذ سنوات طويلة تؤسس على خطوات مرسومة واستراتيجية  ثابتة نحو "لم الشمل" انطلاقا من دورها التاريخى والرائد والقائد تجاه الأشقاء. وخاصة الأشقاء فى الجوار فى الشرق والغرب والجنوب وهى الجبهات الثلاثة التى اشتعلت نيرانها وتحديدا بعد 30 يونيو .

كلنا يتذكر كيف كانت صورة الحدود الثلاثة فى الوقت التى حاولت قوى اقليمية ودولية عديدة محاصرة مصر والضغط على قيادتها الجديدة..كبف توترت العلاقات مع الشقيقة السودان، وانهارت الدولة الليبية بعد مقتل القذافى وامتلأت الأراضى الليبية على طول الحدود مع مصر  بكافة أشكال وتنظيمات الجماعات الارهابية وباسلحة حديثة ومتقدمة وبدعم من دول فى المنطقة بهدف زعزعة الاستقرار فى مصر  وتنفيذ عمليات ارهابية فى الداخل المصرى.

وكانت الجبهه الشرقية فى غزة منفذا وملاذا لالاف من الارهابيين الى داخل سيناء عبر ألاف الأنفاق وبدعم أيضا من أجهزة مخابراتية لدول حاولت الانتقام من مصر بعد أن انهارت اوهامها ومخططاتها فى الزعامة والسيطرة.

ولأن مصر تمرض ولا تموت أبدا.. فقد استفاقت سريعا وبدأت فى استعادة علاقاتها الأفريقية والأسيوية والأروبية وبدأت فى زمن قياسى فى رسم سياسة " تبريد الجبهات الثلاثة" واحتواءها سياسيا، فجاءت جهود مصر ووساطتها للمصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح وتحقيق الأهداف المرجوة من المصالحة سواء على الصعيد الفلسطيني أو على صعيد ضبط الحدود الشرقية وما تبعها من العملية الشاملة سيناء 2018 لاستعادة السيطرة تماما على شمال سيناء وتحديد فى العريش ورفح والشيخ زويد.

ثم جاءت الزيارة التاريخية أول أمس للرئيس السوداني عمر البشير الى القاهرة وعقد جلسات مباحثات رسمية وغير رسمية مع الرئيس السيسى بعد اقل من اسبوع من قرار عودة السفير السوداني لمصر، ونزع فتيل التوتر والتأكيد على أن ما بين مصر والسودان من علاقات تاريخية ومصالح مشتركة أكبر بكثير من قيام بعض القوى الخارجية من تعكير صفو العلاقة بينهما. وأظن أن القاهرة والخرطوم  يدركان هذا جيدا  تأسيسا على عوامل الجغرافيا والتاريخ والعلاقات بين الشعبين الشقيقين فى وادى النيل.

زيارة الرئيس البشير تؤكد على سياسة مصر  تجاه عدم التصعيد مع الأشقاء وتحويل مناطق النزاع والتوتر  الى مناطق تعاون مشتركة  وأن رصيد العلاقات المشتركة يؤكد أيضا أن المصير  مشترك والمستقبل واحد وكما قال الرئيس البشير أن ما يؤلم مصر يوجع السودان والعكس بالطبع صحيح جدا.

وبعد اقل من 24 ساعة من زيارة الرئيس البشير  كانت الجهود المصرية تتواصل فى سياسة التبريد والاحتواء وحل ازمات ومشاكل الأشقاء وهذه المرة غربا حيث انعقدت اجتماعات هامة  بمشاركة اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة المصرية ووزير الخارجية سامح شكرى، ومساعد وزير الدفاع للشئون الخارجية، ورئيس المخابرات الحربية ورئيسى أركان الجيش الليبى الفريق عبد الرازق الناظورى، واللواء عبد الرحمن الطويل، بالإضافة إلى رئيسى وفدى الجيش الليبى، واللواء فرج الصوصاع واللواء على عبد الجليل وأعضاء اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبى.

 واتفق وفد الجيش الليبى – بحسب بيان صادر عن الاجتماع - على إعادة التأكيد على الثوابت الوطنية الراسخة للجيش الليبى وعلى رأسها الحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا وعلى مدنية الدولة وعلى ضرورة الابتعاد بالمؤسسة العسكرية عن أية استقطابات من شانها التأثير بالسلب على الأداء الاحترافى والدور الوطنى للجيش الليبى.

 كما أكد المشاركون على ضرورة المضى فى توحيد الجيش الليبى بما يجعله قادرا على التعاطى بشكل إيجابى مع التحديات التى تواجهها الدولة الليبية حاليا ومستقبلا فى ضوء المخاطر المحدقة بها، وعلى رأسها خطر الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.

مصر تدرك أن الاستقرار فى الداخل لا بد أن يتواكب مع استقرار الدول الشقيقة المجاورة وتطوير العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة معها حتى لا تستمر تشكل تهديدا مستمرا ومزعجا للأمن والاستقرار الداخلى.