تفاحة حوا ... (2) العصب العارى
الإثنين، 19 مارس 2018 06:13 م
إتكأت على وسادتها تستمع للموسيقى، استعادت مع الجمل الموسيقية مفردات طوتها منذ زمن، تذكرت أول قبلة لها منذ اكثر من 30 عاما، وإرتعاش البدن وهى تتذوق رحيق المحب، وكيف كان جسدها النحيل يذوب دون خجل، وكيف كانت يد حبيبها تشكلها وتعيد بناؤها من جديد مع أول لمسة..
تشابكت أصابعها الصغيرة، فتشابكت الأحاسيس بداخلها، عانقتها الوحدة فأدركت أن برودة الجو تتلاشى مع برودة جسدها، وأمتزجت بداخلها مشاعر الأنثى والطفلة المعاندة فبكت لأنها احست بالعجز .
مسحت بيديها دموعها، وأرتشفت أخر ما تبقى فى كوبها، وإغمضت عينيها وتذكرت كلماته وسنين مضت، تسمع بين ضلوعها قلبا يرتجف يدق بسرعة شديدة وكأنه مولود جديد يرحب بالحياة، لملمت بيدها جسدها واحتضنت كتفيها وهى تلف يديها حول عنقها وذراعيها، وبتنهيدة عمر كامل تخطى الثلاثين تطايرت من بين اصابعها رغبتها فى فك لغة الجسد ، كتمت صراخ جراحها ، وحاولت تغطيه العصب العارى، ثم أطفأت نيرانها، واحتضنت وسادتها ثم نامت.
وفى اليوم التالى جمعت أوراقها القديمة وبدأت تقلب فى الصفحات، أته بين الصفحات يطل عليها يخبرها بما حدث بينهما بعد أول لقاء، يخبرها كيف نضجت الصغيرة على أريكته، يخبرها كيف كان يقرأ لغتها ويفك طلاسمها، وكيف كان يملك مفتاح الجنة ، وكيف كانت تدخله جنتها برغبتها ، وكيف فرشت له الجنة ورودها فشرب من نهر عسلها ، وكيف قطف الكريز وحده دون شريك، وتذكرت مفتاحا تركه بجوار وسادتها حين رحل، وكيف أغلق القلب خلفه..
مزقت أوراقها وقررت أن تكتب من جديد، نظرت حولها تبحث عن ورقة بيضاء فارغة تستطيع ان تسطر عليها أحداثا جديدة، فلم تجد سوى ورقه طوتها فى يوم من الأيام مكتوب فى أحد جنباتها ، أراكى بعد عشرين عاما ، ربما بعدها تكونين نضجتى.
لملمت فتات الورق وقررت حرقه والقت بالبقية فى الهواء، تاركة خلفها وريقات لم تحترق لملمتها وقرأتها ..أحبك .. ..أخاف عليك ومنك..وحدى أعيش.. احلم ببكرة.. لاتخاف لن اموت بدونك..
أمسكت بطرف قميص أرتدته وقررت ان تولد من جديد، فخلعته عن جسدها النحيل وحين نظرت للمرآه لم تر سوى امرأة لا تعرفها، أنهكها البكاء فى غرفة مظلمه ليس بها سوى كاسيت دائما يوقظها على صوت زياد الرحبانى مرددا انا مش كافر بس الجوع كافر أنا مش كافر بس الفقر كافر أنا مش كافر بس الذل كافر لكن شو بعملك اذا أجتمعت فيه كل الاشياء الكافرة. .
وفى هذه اللحظة دق تليفون يخبرها أن حبيبها يجلس هناك فى نفس الغرفة مع واحدة اخرى غيرها ، فلم تعير التليفون إهتماما وتذكرت انها لم تجر عمليه كى للعصب العارى وانها سعيدة بهذ النبض الذى يشعل بداخلها الاحساس بالحياة من جديد كل يوم..