عام تحديد المصير بقطاع السيارات.. لمن ينتصر طارق قابيل في صراع الصناع والتجار؟
الإثنين، 19 مارس 2018 08:00 ص
288 يوما تفصلنا عن اللحظة الفارقة التي ستحدد فيها مصير 3 مليار دولار تمثل حصيلة استثمارات شهدها قطاع صناعة السيارات حتى الآن، ففي هذا التوقيت من المقرر أن يطبق خفض الرسوم الجمركية على واردات السيارات الأوروبية إلى صفر، وعندها تحصل السيارات المستوردة المجمعة في الخارج بالكامل على ميزة تنافسية جوهرية في السوق المصرية من حيث التكلفة مقارنة بالسيارات المجمعة محليا.
الميزة التنافسية التي ستحصل عليها السيارات المستوردة مع إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية، كفيلة بتحقيق تغير جذري في سوق السيارات المصري، وتهديد الصناعة التي قامت خلال السنوات الماضية في صناعات التجميع أو الصناعات المغذية لمكونات السيارات تصل إلى حد الإغلاق، حيث أن الصناعة المصرية فى قطاع السيارات لن تستطيع الصمود أمام الميزة السعرية للسيارات المستوردة بالكامل، وفى نفس الوقت سيكون المستفيد الوحيد من هذه الخطوة هم التجار المستوردين.
ورغم خطورة تطبيق إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية المستوردة، هناك حالة من الغموض الشديد تحيط بموقف وزارة التجارة والصناعة فيما يتعلق بخطتها تجاه مستقبل هذا القطاع قبل تطبيق إلغاء الجمارك على السيارات المستوردة، حيث لم تقر وزارة التجارة والصناعة حتى الآن إستراتيجية صناعة السيارات التى ينتظرها المصنعين بالقطاع منذ عام 2016 وحتى الآن، ويعول عليها مصنعي القطاع للحفاظ على المكاسب التي شهدها ملف صناعة السيارات في السنوات الأخيرة، ويعمل به نحو 86 ألف عامل وفقا لتقديرات وزارة التجارة والصناعة، إذا لمن تنتصر وزارة التجارة التجار أم الصناع.
صناعة السيارات في مصر مهددة بالإغلاق بالكامل، في حالة تطبيق خفض الجمارك على واردات السيارات الأوروبية نهاية العام قبل إقرار إستراتيجية صناعة السيارات، وفقا للمهندس رأفت الخناجيرى، عضو مجلس إدارة شعبة الصناعات المغذية للسيارات، مشيرا إلى أن ما تشهده صناعة السيارات في الفترة المقبلة سيكون بمثابة تحديد مصير القطاع إما لصالح الصناعة أو التجار.
وأكد رأفت الخناجيرى، أن صناعة السيارات لديها فرص كبيرة للنمو ومضاعفة مساهمتها في الاقتصاد القومي المصري، عن طريق الفرص التصديرية المتاحة بالأسواق الخارجية وتوفير العملة الصعبة للبلاد، ولكن فى حالة عدم إقرار إستراتيجية صناعة السيارات، سيتكرر نفس السيناريو الذي شهدته استراليا بعد إلغاء الجمارك على السيارات المستوردة، وهو هروب شركتي شيفرولية وتويوتا من السوق بعد أن كانت تنتج 500 ألف سيارة سنويا.
وشدد الخناجيرى، أن التجار "كانوا بيتخانقوا" على مصانع الصناعات المغذية للسيارات، عندما شعروا بقرب إقرار إستراتيجية صناعة السيارات الجديدة فى عام 2016، وكانت المصانع مرشحة لتحقق نسب تشغيل تصل إلى 100%، ولكن مع تأجيل إقرار الخطة تراجعت نسب التشغيل فى المصانع لتصل إلى 40% حاليا.
وتراجع هيئة التنمية الصناعية، نسب المكونات المحلية في قانون إستراتيجية صناعة السيارات، والتي ستسمح للمنتجين التمتع بالحوافز التي ستقرها إستراتيجية صناعة السيارات، لترتفع تلك النسب إلى 60% خلال 8 سنوات لسيارات الركوب والحافلات الصغيرة و70% للشاحنات الكبيرة.
الحماية أو المميزات الجمركية لا يمكنها أن تبنى صناعة محلية، وإقرار مميزات نسبية في إستراتيجية صناعة السيارات المرتقبة ليست هي الحل لتحول السوق المصري إلى سوق صناعي للسيارات، وفقا لنور الدين درويش، نائب رئيس شعبة السيارات، حيث أن هناك عوامل أخرى يجب أن تؤخذ في الاعتبار لتحقيق هذا الهدف.
وقال نور الدين درويش، في تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة"، إن السوق المحلية لا يمكن الاعتماد عليها في استيعاب صناعة السيارات المصرية، علما بأن إجمالي استيعاب السوق المحلية العام الماضي من سيارات الركوب بلغ 224 ألف سيارة فقط، موزعة على نحو 30 ماركة سيارات تعمل في مصر، بينما خطوط إنتاج مصانع السيارات تفوق هذا العدد بشكل كبير، ناهيك عن أن مصر لم تستطع الفترة الماضية استغلال الاتفاقيات الموقعة مع الدول المجاورة في قطاع السيارات، مقارنة بدولة مثل تركيا التي استطاعت أن تنتج سيارات بالتعاون مع شركات كورية ويابانية وإعادة تصديرها للخارج.
وأكد درويش، أن الشعبة مع زيادة المكون المحلي فى مصر، ولكن من الصعب تطبيق إستراتيجية لصناعة السيارات تفرض ضرائب حماية للمكون المحلى المصري، حيث أنه من الممكن أن يترتب علي هذه الخطوة اتخاذ الدول الأوروبية إجراءا مماثل يترتب عليه فرض قيود على الصادرات المصرية إليها، والتي سجلت العام الماضي نحو 28 مليار دولار، ورغم هذه التقلبات فهناك فرصة لصناعة سيارات بشراكة مصرية صينية أو كورية وتصديرها للخارج لتحقيق جدوى اقتصادية.
وتعد إستراتيجية صناعة السيارات، هي مشروع قانون تعده وزارة التجارة والصناعة، من شأنه أن يساعد شركات تجميع السيارات المحلية، والتي تشكو من وجود ميزات تجارية غير عادلة تصب في صالح السيارات المستوردة من أوروبا وتركيا والمغرب.
وبموجب مشروع القانون، ستكون هناك رسوم جمركية بنسبة 10% على واردات السيارات غير الأوروبية، وستفرض ضريبة بنسبة 30% على جميع واردات السيارات بما في ذلك واردات المعدات المعدة للتجميع المحلي، وستحصل شركات التجميع المحلية التي تستوفي متطلبات المكون المحلي والصادرات على تخفيضات وإعفاءات ضريبية.
واحتلت مصر المركز الـ 39 بين أكبر منتجي السيارات في العالم، وذلك للعام الثاني على التوالي، وفقا لتقرير المنظمة الدولية لمصنعي السيارات حول إحصائيات الإنتاج العالمية في عام 2017، حيث نما الإنتاج الكلي لمصر بنسبة 1.13% على أساس سنوي، وجاءت الزيادة مدفوعة إلى حد كبير بارتفاع إنتاج سيارات نقل البضائع والركاب إلى 26 ألف و670 سيارة، مقابل 25 ألف و300 سيارة في 2016، في حين انخفض إنتاج سيارات الركوب إلى 9 آلاف و970 سيارة، مقابل 10 آلاف و930 سيارة في عام 2016.