ألفين سلام وتحية للمرأة المصرية

السبت، 17 مارس 2018 01:31 م
ألفين سلام وتحية للمرأة المصرية
شيرين سيف الدين تكتب:

عندما قرأت مؤخرا قصة هبة التي تداولتها وسائل الإعلام المصرية وهي زوجة شابة تحدت الصعاب حيث أصيب زوجها بالفشل الكلوي وهشاشة العظام وضعف في عضلة القلب ، فقررت أن تقوم بحمله على ظهرها كي تستقل المترو وتذهب به لتلقي العلاج في المستشفى ، كما أنها تعمل كي تستطيع الإنفاق على علاجه وعلى احتياجات المنزل ، بكل الحب والرضا والإخلاص .

إن هبة هي مجرد نموذج للمرأة والأم المصرية ، تلك الحنونة القوية ، المعطاءة المضحية .. حمالة كل المهام الصعبة والمسؤوليات .. وصاحبة العاطفة الجياشة تجاه أسرتها .. فالمرأة المصرية خليط المرأة والرجل في صنف مختلف ، وهي نموذج نادر ومتفرد في العطاء دون مقابل ، وبرغم كل تضحياتها نجد من يطلق عليها النكات ويجعلها مادة للسخرية ، ومن يقارنها بالفنانات والنساء الأخريات اللواتي لايتحملن ما تتحمله في أحيان أخرى، فمن يريد نموذج النجمة وامرأة أغلفة المجلات عليه أولا توفير ما تملكه تلك النجمة من امكانيات .

إن معظم النساء هن من يقمن بأغلب الأدوار .. فالزوجة والأم هي التي تهتم بتربية الأبناء ودراستهم وتدريباتهم الرياضية ، وهي التي تقوم بالشئون المنزلية ، وهناك من تضطر بجانب تلك المهام للعمل من أجل المساهمة المادية في مصاريف المنزل ، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ، فنجدها تضحي براحتها واحتياجاتها من أجل أبنائها وزوجها ، بكامل إرادتها ورضاها ، وهي سعيدة بالعطاء دون انتظار مقابل سوى سعادة أسرتها .

وعلى مختلف المستويات المادية والاجتماعية ، فغالبا ما يقع على المرأة العبء الأكبر .

فحتى المرأة المتزوجة من رجل قادر على التكفل بالناحية المادية منفردا ، وتوفيره من تساعد زوجته في بعض المهام المنزلية ، إلا أنها تكون عادة تحت رقابة الزوجة ، ويظل الأبناء باحتياجاتهم ومشكلاتهم وتدريباتهم ودروسهم في مسؤولية الأم إلا فيما نَدُر ، وفي حال اختارت المرأة العمل من أجل تحقيق ذاتها وهو " حق من حقوقها النفسية والإنسانية "  وليس من أجل المال ، فهي لا تستطيع التقصير في أي واجب من واجباتها ، وعليها الموازنة بين عملها واحتياجات أسرتها ، وبالطبع هي أيضا تهتم بأناقتها وجمالها وتسعى بكل الطرق لإسعاد زوجها .

 

أما في حالة أصحاب الدخول المتوسطة فكثيرا ما تضطر المرأة للعمل خارج المنزل مرغمة، وداخل المنزل أيضا بعد يوم عمل طويل ومُجهِد ، فنجدها كالآلة التي تعمل في جميع الاتجاهات دون كلل ، وتتحمل ما لا تتحمله أية امرأة في العالم ، فقط من أجل راحة وسعادة أسرتها .

والنموذج الأصعب والأقوى هو المرأة المعيلة التي تتحمل الأعباء وحيدة ، إما لوفاة الزوج أو الطلاق ، ونعلم جيدا كيف أن هناك من الرجال من يتنصل من واجباته تجاه أبنائه بعد الطلاق ، وتضطر الأم للقيام بدور الأم والأب معا .

كما أن هناك نموذجا يتفرد به المجتمع المصري مع الأسف وهو نموذج الرجل "العالة"الذي يترك مهمة العمل لزوجته ، سواء في منازل الغرباء أو القيام ببيع المنتجات في الأسواق أو أو أو ، ويقتصر دوره على التدخين والجلوس في المقاهي !

فهل يوجد في العالم نموذج لمثل هذه المرأة حمالة الهموم والمسؤوليات ؟

وهل تستحق في النهاية الظلم من بعض عناصر المجتمع بالحكم عليها من مظهرها الخارجي ؟ فهي قد لا تستطيع الاهتمام بأناقتها وشكلها على النحو الذي يثير الاعجاب ، حيث إن الشريحة الأكبر في المجتمع هي شريحة المرأة البسيطة  ، المثقلة بالمهام التي تؤثر عليها نفسيا وصحيا وماديا ، ومع ذلك لا تستطيع التخلي عن دورها وعطائها أبدا .

 

فالأم والزوجة المصرية البسيطة هي امرأة مضحية ، غالبا ليس لديها الوقت الكافي ولا الرفاهية لممارسة الرياضة ، ولا تملك القدرة المادية للذهاب للنادي أو الجيم ، أو مصفف الشعر ودكتور التجميل ، وطبيب التخسيس ، فاحتياجات أبنائها هي شاغلها الأكبر الذي قد ينسيها أنها إنسان له احتياجات أيضا .

وفي النهاية وفي كثير من الأحيان نجدها وبـعـد مـا ٱعـطـت كل مـا لديها مـن طـاقـة  سـقـطـت و لـم يـعـتـنِ بـهـا ٱحـد !

 

إن امرأة كهذه لا تحتاج سوى التقدير والعاطفة والدعم النفسي .

فالنفس كما يقول جلال الدين الرومي تميل لِـمَن يقدّرها و يحتويها و يحنو عليْها ويحسن إليها ولا يسيئ عشرتها أو ينتقص من قدرها "النفس تميل لمن يحبها " ..

فهل هذا المطلب بالصعب أو المُكلِف ؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق