بعد الضربات الناجحة للقوات المسلحة..
تدمير مخبأ زعيم «ولاية سيناء» فى قرية اللفيتات وفقدان مناطق نفوذه فى الشيخ زويد ورفح
السبت، 10 مارس 2018 07:00 مهشام السروجي
«القاعدة» يتحدى التنظيم أن يثبت سيطرته على متر مربع
مصادر قبلية: الفلول سيهزمون لأنهم من الدخلاء على جغرافية سيناء
لا تزال تتوالى نجاحات القوات المسلحة المستمرة فى عملية سيناء 2018، حيث أثمرت تلك العمليات عن حصار تنظيم ما يسمى «ولاية سيناء» المُبايع لتنظيم «داعش»، عسكريًا واجتماعيا ونفسيًا، ما جعله يخرج ببيان مرئى هزيل فى الأيام الأولى من العملية الشاملة عبارة عن مقاطع « مرقعة» من بيانات سابقة، فى محاولة بائسة لإثبات وجوده وصموده أمام الضربات الدقيقة والمؤثرة، وتعزيز الروح المعنوية المنهارة لدى عناصره.
عقب الهجمات المدمرة التى أفقدت التنظيم توازنه، بعد خسارة مناطق نفوذه التى صور فيها أغلب إصداراته المرئية، فى منطقة «سيالة البواطى» جنوب مطار الجورة منطقة، وقواعد انطلاق عملياته المسلحة، ومعسكراته التدريبية فى قرية نجع شيبانه والشلالفة ومحيط البرث، والمناطق التى كان يستخدمها فى السابق كمناطق هروب مثل منطقة «الجميعى» ومن ثم أصبحت أحد أهم مراكز التنظيم، قبل أن تدك وتقتحم من قبل القوات، ويتم تطهيرها من الجيوب والمخابئ التى كان يلجأ لها التنظيم للاختفاء من الضربات الجوية وحملات التمشيط.
القراءة الجيدة لخريطة تحركات ونفوذ «ولاية سيناء» فى العشرين شهرًا الماضية، وحتى بداية العملية الشاملة، إضافة للمعلومات الواردة من المصادر القبلية، خلصت إلى أن التنظيم مر بثلاثة مراحل من التدهور والهزيمة على يد القوات المسلحة، حيث أن نفوذه تحدد فى الربع الأول من 2017 فى القرى والمناطق الواقعة على قلب مدن الشيخ زويد ورفح والعريش، حينما نشر التنظيم فى مارس من العام الماضى إصدارًا بعنوان «نور الشريعة»، كان يهدف فيه التركز على نشاط عناصره فى ما يسمى بـ «الحسبة»، فى سعيه لتوصيل رسالة مفادها أنه بدأ فى تأسيس مكونات دولته المزعومة، وأن الأمر استتب لها، لكن مع تضييق الحصار الأمنى على مناطق الشريط الحدودى، وتراجع عوامل قوة التنظيم فى العنصر البشرى والإمداد بالأسلحة ومواد التفجير، وسيطرة القوات على طرق الإمداد كذلك دور القبائل فى رصد التحركات على الطرق الواقعة شرق الشيخ زويد والواصلة بين شمال سيناء ووسطها، وخاصة قبيلة الترابين، التى نجحت فى تضييق الخناق عليه، بالسيطرة الكاملة على قرية «البرث» التى يقطنها الآلاف من أبناء الترابين، بعد مواجهات حصلت بينهما، ومن ثم تقلصت مساحة التحرك من قلب المدن إلى نطاق جنوب الجورة وشيبانة والشلالفة و الجميعى وجنوب العريش.
وفى منتصف 2017 كانت المرحلة الثانية من انهيار التنظيم حين وجهت الأجهزة الأمنية ضربات موجعة لامتداداته داخل المحافظات الأخرى مثل خلية أرض اللواء التى قتل فيها عمر إبراهيم الديب، ابن القيادى بجماعة الإخوان، والذى كان ضمن مجموعة أمنية أرسلها التنظيم لتنفيذ عمليات مسلحة، بهدف تشتيت الأجهزة وتخفيف الضغط على التنظيم فى سيناء، وبدأ فى خلق ملاذات آمنة بديلة فى وسط سيناء، ومحاولة فتح ممرات إمداد بديلة عن التى كانت فى الشرق، ليهبط غرب الخريطة ناحية جنوب العريش وظهير بئر العبد، وعندما فشل التنظيم فى القيام بأى عمليات ناجحة ضد القوات المسلحة، فى وقت كان يحاول التأكيد على بناء أركان وجوده المتهاوى فى إصدار نور الشريعة، جاء الهجوم على المدنيين العزل فى مجزرة مسجد الروضة، ليزيد دلالات الهزيمة التى تحاصر التنظيم، التى زادت ووصلت إلى ذروتها فى المرحلة الأخيرة من الانهيار مع انطلاق العملية الشاملة.
قراءة المشهد بالنسبة لأبناء سيناء من المصادر القبلية المطلعة، تؤكد أن التركيبة البشرية لعناصر التنظيم، أصبح الغالبية العظمى منها من أبناء المحافظات الأخرى بعد مقتل أغلب عناصره من أبناء سيناء وهروب الباقين، ما نتجت عنه حالة خلل شديد فى التخطيط والتنفيذ، وبالتالى كانت عشوائية التحرك هى السمة السائدة، عدم إدراك التركيبة المجتمعية للقبائل وكذلك الجهل بعنصر الجغرافية الذى كان أهم عوامل تفوق التنظيم طوال سنوات نشاطه، كان من أهم دلالات الهزيمة، بعد أن فقد أحد أهم أدوات قوته واستمراره.
وجاءت المواجهات بينه وبين نظرائه من التنظيمات العائدة للحياة، مثل تنظيم جند الإسلام– التوحيد والجهاد سابقًا- المحسوب على القاعدة، لتزيد عناصر الهزيمة عنصرًا جديدًا، فبحسب مصادر قبلية فإن التنظيم أصبح يتلقى الضربات المركزة من قوات إنفاذ القانون، ومحاصرًا من القبائل بمساعدة القوات المسلحة، كما يتنازع التواجد مع تنظيمات أخرى، عادت للانتقام منه بعد أن اتهمته بالتورط فى بالتصفية والوشاية ضد قياداته التاريخية مثل «محمد فريج زيادة، ومحمد حسين محارب، المكنى بأبو منير».
لم تتوقف دلالات الهزيمة على بيانات القوات المسلحة فقط، بل إن المعارك الخفية بين «ولاية سيناء» و«جند الإسلام» المحسوب على تنظيم القاعدة، وتنظيم الإخوان، كانت خير دليل على الهزيمة التى منى بها، فمنذ الأسبوع دارت معركة إعلامية بين التنظيمات فى سيناء، حينما اخترق هاكر قناة منبر سيناء على موقع التواصل «تليجرام» المحسوبة على جماعة الإخوان وكتب رسالة نصها «تم دحر قناتكم يا أعداء الله وسنحذف كل قنواتكم كلما أنشأتم غيرها، وسنجعلكم تغلقون قنواتكم خوفا من الحذف كالجرذان».
كان الرد أن دشن منبر سيناء قناة جديدة بديلة، شنوا فيها هجوما ناريا فضح هزيمة التنظيم ووصفهم بالهاربين كالجرذان، وقالوا فى رسالتهم «لأننا أوقفنا حملاتنا أثناء الحملات العسكرية لنصرة أهلنا فى سيناء ولأنهم فروا كالجرذان - يقصدون ولاية سيناء- وتركوا الأطفال والنساء سنعاود الكرة عليهم وفضح هذا المنهج العفن».
وللتأكيد على هزيمة التنظيم وسيطرة الجيش المصرى على مقاليد الأمور أشاروا فى رسالة على القناة البديلة لمنبر سيناء، عودة آليات الحملات العسكرية المشاركة فى العملية الشاملة إلى عدد من المعسكرات، وقيام مصورى الحملات العسكرية بتوزيع حلوى على بعض الأطفال جنوب رفح وتصوير ذلك. ودخل تنظيم جند الإسلام المنتمى للقاعدة، على خط المعركة عبر قناته حراس الشريعة – مصر الكنانة - ، توعد فيها بفضح ما وصفه بـ «التدنى الخلقى والسفاهة التى بات يعانى منها تنظيم الدولة فى سيناء».
ونقلت القناة عن مصادرها إن الإصدار المرئى الذى بثه التنظيم فى بداية العملية الشاملة جميع مشاهده قديمة، فى محاولة «لترقيع» التنظيم - بحسب وصفهم- بعد قتل أكثر من 300 مسلم، واستطرد أن التنظيم حقيقة وليس تضخيما بات يعد أنفاسه الأخيرة وسيحاول بكل قوة إثبات أنه ما زال بكامل قوته، إلا أن الواقع أثبت أن التنظيم فقد عوامل بقائه.
وتحدى تنظيم جند الله أن يثبت تنظيم ولاية سيناء سيطرته على مساحة كيلو متر مربع واحد، مؤكدًا فرار فلول التنظيم من معقل ومخبأ زعيم ولاية سيناء الكائن فى قرية اللفيتات.