بين الأحكام القضائية والفتاوى الدينية.. النقاب مرفوض

الإثنين، 05 مارس 2018 04:11 م
بين الأحكام القضائية والفتاوى الدينية.. النقاب مرفوض
النقاب- أرشيفية
أحمد سامي

اشتدت وتيرة أزمة النقاب بين المنع والسماح بارتدائه في الأماكن العامة، فالرافضون يلجأوا لإقامة الدعاوي القضائية والاستناد للفتاوى الدينية التي تؤيد عدم اعتباره زى شرعي للمرأة، أما الراغبون فهم أيضا يلجأوا للقضاء للحصول علي حكم قضائي بإلغاء قرارات منعه وكذلك لفتاوى شيوخ السلفية التي تبيح للمرأة ارتداء النقاب، ونرصد في هذا التقرير معركة النقاب من خلال قراءة الأحكام القضائية والفتاوى الدينية.

النقاب في الأحكام القضائية والجامعات بداية الثورة
 
في البداية أثار قرار منع النقاب داخل جامعة القاهرة الذي أصدره الدكتور جابر نصار بمنع المنقبات من أثناء العمل داخل مستشفيات الجامعة والوحدات العلاجية التابعة له في فبراير 2016 لتتجدد الأزمة مرة آخري وتتعال الأصوات بين الترحيب والشجب، ليتم مواجهة الأمر من قبل 85 فتاة منتقبة بمقاضاة وزير التعليم العالي ورئيس الجامعة لإلغاء القرار واعتباره مخالفة دستورية وتعدي على الحرية الشخصية لتكن المفاجأة برفض الدعوى وتأييد قرار رئيس الجامعة.
 
وأكدت المحكمة، أن قرار جامعة القاهرة ليس مخالف للشريعة الإسلامية وحرية العقيدة، لأن المحكمة الدستورية العليا انتهت في قضائها إلى أن زى المرأة يخرج على الأمور التعبدية، وأن لولى الأمر السلطة الكاملة في تحديد رداء المرأة، وأن تنظيم جهة الإدارة للزي لا يخالف حرية العقيدة، وإنما يدخل في دائرة التنظيم المباح والجرائم المتكررة التي تم ارتكابها من وراء نقاب، وتم استخدامه كساتر لتنفيذ مخططات إجرامية كثيرة.
 
وقالت المحكمة، إن حرية الفرد في اختيار ملبسه تندرج ضمن الحرية الشخصية التي كفلها الدستور، ولا يتقيد الفرد العادي بأي قيود تفرضها عليه جهة الإدارة، وله أن يرتدي ما يروق له من زى إلى أنه مع التسليم باتساع مساحة حرية الفرد في اختيار ملابسه، إلى أن هذه الحرية ليست مطلقة من قيد، وإنما عليه أن يمارسها في حدود احترام الآداب العامة.
 
واستندت المحكمة إلى نصوص قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية لم يتضمنه نصًا يلزم أعضاء هيئة التدريس وغيرهم من المدرسين المساعدين لارتداء زى مخصوص، إلا أن الزى الواجب على أعضاء هيئة التدريس ارتدائه يتحدد في ظل نص المادة 96 من قانون تنظيم الجامعات بإلزام  أعضاء هيئة التدريس من التمسك بالتقاليد الجامعية فيتعين عليهم فيما يرتدون من ملابس احترام التقاليد الجامعية، وأن يلتزم عضو هيئة التدريس بارتداء الروب الجامعي فوق ملابسه أثناء المحاضرات، والاعتبار الثاني هو ما تنص عليه المادة 96 من التزام أعضاء هيئة التدريس بتدعيم الاتصال المباشر للطلاب بما يعني ألا ينعزل عضو هيئة التدريس عن الطلاب ولا يحجب نفسه عنهم أثناء المحاضرات وغير ذلك من الأنشطة الجامعية.
 
تقاليد الجامعة- ولا يزال الحديث على لسان المحكمة- التي أرستها أجيال متعاقدة من العالمات الفضليات بمن تخصصن في علوم الدين والفلسفة الإسلامية والتصوف وتخرج على أيديهم أجيال من الدارسين في مصر والوطن العربي أنه لم تحجب واحدة منهم وجهها عن طلابها بإخفائه خلف النقاب، كما أن قيام بعض عضوات هيئة التدريس بحجب النقاب أثناء المحاضرات لا يتحقق معه التواصل المباشر.
 
نقاب (2)
 
 
لم يكن قرار الدكتور جابر نصار أول قرارات جامعة القاهرة في هذا الشأن فقد سبقها قرار في 2010،  بمنع دخول المنتقبات وأعضاء هيئات التدريس لحرم الجامعة أو الدخول إلى قاعات المحاضرات أو الامتحانات أو الإقامة بالمدن الجامعية، نفس الأمر انتهجته  إدارة الجامعة الأمريكية بمنع الطالبات وعضوات هيئة التدريس، المنتقبات من دخول الجامعة، خاصة إنها سبق وأصدرت قرار بمنع النقاب  في 2002 داخل المعامل ومكتبات الجامعة.
 
وفي 9 يونيو عام 2007، أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكما بإلغاء قرار الجامعة الأمريكية في القاهرة، ونفذته الجامعة حيث أوضحت المحكمة في حيثيات الحكم  في ذلك الوقت أن ارتداء النقاب يدخل في دائرة المباح شرعًا ولا يجوز الحظر المطلق لارتداء النقاب، مع الإشارة إلى جواز إلزام المرأة المنتقبة بالكشف عن وجهها متى اقتضت الضرورة ذلك، وقد أكدت مقتضيات الفترة الحالية من انتشار العمليات الإرهابية واستخدام النقاب في ارتكاب الجرائم المختلفة فقررت محكمة القضاء الإداري حظر ارتداءه في الجامعات، وقررت هيئة مفوضي الدولة، في تقريراً قضائياً، أوصت فيه الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بإصدار حكم نهائي بتأييد حظر ارتداء النقاب لعضوات هيئة التدريس والهيئة المعاونة بجميع كليات جامعة القاهرة، ومعاهدها وإلقاء المحاضرات والدروس النظرية والعلمية أو حضور المعامل أو التدريب وهن منتقبات.

الأزهر والفتوى.. النقاب ليس فريضة
 
ومن الوجهة الدينية فقد أكدت مشيخة الأزهر، أن النقاب ليس فرضاً ولا سنة ومندوباً ولكنه ليس مكروهاً أو ممنوعاً، وتابع: «هو أمر مباح ومن لا ترتدي النقاب لا شي عليها ومن ترتدي لا  التقول بأنها آثمة، بل هو أمر في دائرة المباح، كما إن النقاب ممنوع أثناء الصلاة ويحرم على المرأة في الحج، مشدداً على أنه لا صحة لمن يقول بضرورة أن تغطى المرأة وجهها وكفيها وقدميها أثناء الصلاة».
 
وأوضحت المشيخة، إن المتشددين في النقاب صنعوا أشياء غريبة في تغطية المرأة وهذا احتيال صعب الاحتمال والتصدي، مؤكدة علي أن مسألة النقاب حرية شخصية للنساء، ولمن ترتدي الحرية الكاملة، لكن من ناحية التشريع فهو ليس من أساس الدين.
 
وبهذا فقد أجهضت المشيخة الفتاوى الصادرة من السلفيين بإلزام المرأة بارتداء النقاب حيث وصف الداعية السلفي الشهير الشيخ أبو إسحاق الحويني، وجه المرأة بفرجها في إشارة منه إلى وجوب ارتداء المرأة للنقاب.
 
نقاب
 
 
النقاب في التشريعات البرلمانية 
 
وعلي إطار التشريع فإن البرلمان انتفض في الفترة الأخيرة لطلب سن تشريع من أجل منع ارتداء النقاب في أماكن معينة باعتبار إنه يمثل تهديدا أمنيا على الدولة وقضايا الحرية الشخصية، وأن ارتداء النساء النقاب يجعلهن قادرات على إخفاء وجوههن وهوياتهن، ويجعل من المستحيل على مؤسسات الدولة مكافحة الإرهاب فالكثير من الجرائم والتفجيرات الإرهابية ارتكبت بواسطة رجال ارتدوا هذا الزي، وتخفوا داخله للهرب من الملاحقات الأمنية.
 
وأكدت النائبة أمنية  نصير، وأستاذ الشريعة الإسلامية،  إن النقاب ليس من الدين الإسلامي، بل أصوله تعود إلى الديانة اليهودية، إذ ورد ذكره في نصوص العهد القديم، وتحديدًا في الإصحاح (38) من سفر التكوين، والذي جاء فيه: «إذا تجاوزت المرأة اليهودية ردهة بيتها، بدون غطاء للرأس، تخرج من الشريعة اليهودية»، بحد قولها، معتبرة أن «الإسلام جاء فوجد هذه العادة، من دون أن يسنها»، أنه لا يوجد دليل قاطع على فرضية أو سنية ارتداء النقاب، مشيرًا إلى أن الإسلام شرع كشف الوجه والكفين بالحج والعمرة، فلماذا نجادل؟

بديع وحجازي أبرز المتخفيين في النقاب
 
استغل الإرهابيون النقاب في ارتكاب العديد من الجرائم ضد الدولة ومنهم محمد بديع إذ تخفى بالنقاب لدخول اعتصام رابعة والخروج منه دون القبض عليه، وصفوت حجازي في الهروب من القبض عليه والخروج من الدولة، كما تمكن أمين شرطة من قوة مديرية أمن الإسكندرية، من القبض على شخص ينتمي لجماعة الإخوان، يرتدي النقاب ويقوم بتصوير مبنى مديرية الأمن بسموحة من الخارج، ومن أكثر من زاوية، وتم العثور معه، على كاميرا تصوير متطورة، وبها صور المديرية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق