تقرير لمعهد إسرائيلى يؤكد:فزع إسرائيل من تعاظم قوة الجيش المصرى
الإثنين، 05 مارس 2018 05:00 صإعداد: شريف على
تنويع مصادر السلاح يقلل من اعتماد مصر على مصدر واحد ويقوى قدرتها على اتباع سياسة مستقلة.. القاهرة تمتلك عددا غير معلوم من الطائرات بدون طيار
لا تجب الاستهانة بالقدرات الهندسية المصرية.. والأنفاق الجديدة ستنقل القوات إلى سيناء فى أسرع وقت.. شبكة الطرق الحديثة ومخازن وقود الطائرات والتدريب المتواصل.. كل هذا يثير القلق الإسرائيلى
هناك تركيز مصرى فريد على الدفاع الجوى
مصر لم تتوقف عن النظر لنفسها بوصفها «دولة مهمة» ودبابات المصريين ثلاثة أمثال مثيلاتها فى جيش تل أبيب
مع إتمام صفقات الرافال ستصبح القوات الجوية المصرية الأكثر حداثة فى المنطقة
قبل قرابة الشهر من الإعلان عن افتتاح مركز قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب نشر مركز القدس للدراسات الإستراتيجية تقريرًا مطولاً يحمل نبرة التخوف والشك من بناء القدرات القتالية المصرية على مدار السنوات الأربع الماضية وهو البناء الذى وصفه التقرير بأنه «جهد مثير للإعجاب من حيث الميزانية وامتلاك السلاح العصرى والتدريب».
حيث دار التقرير حول التساؤل عن الأسباب المصرية التى تجعل القاهرة تكثر من عمليات شراء السلاح مشيرًا إلى أنه يحق لإسرائيل أن تشعر بالقلق رغم أن خبراءها يرون أن احتمالات مواجهة عسكرية مع مصر غير متوقعة.
واللافت للانتباه أن موقع مجلة أخبار الدفاع الأمريكية تناول التقرير تحت عنوان مقتبس من شعار الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب والتى حملت عنوان: «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» فجاء عنوان التقرير الأمريكى بعنوان: «لنجعل مصر عظيمة مرة أخرى»!
والواقع أن هذا التساؤل ليس بجديد،حيث نشرت صحيفة «ها آرتس» الإسرائيلية تقريرًا مطولاً قبل 17 عاماً بعنوان: «لماذا تحتاج مصر إلى الإبقاء على جيش ضخم؟» وهو نفس التساؤل الذى تردده مراكز دراسات أمريكية وإسرائيلية طوال السنوات الماضية، وإن تصاعد الأمر خلال السنوات الأخيرة بعد صفقات السلاح التى تمت خلال السنوات الأخيرة.
يقول التقرير الذى كتبه ياجيل هينكين، وهو باحث إسرائيلى مختص فى الشئون المصرية: إن مصر كانت تقليديا إحدى أكثر الدول أهميةً فى الشرق الأوسط منذ العصور القديمة التى لعبت فيها الممالك القديمة دورًا مهمًا فى تاريخ المنطقة بشكل عام، وتاريخ الشعب اليهودى على نحو خاص، وفى العصور الحديثة وبعد الاستقلال عن بريطانيا بعد ثورة يوليو 1952 صارت مصر أحد المرشحين للزعامة فى العالم العربى.
ويرى الكاتب أن مصر لم تتوقف عن النظر إلى نفسها على أنها دولة مهمة، ويرى أن بناء القوة العسكرية المصرية خلال الفترة الأخيرة نابع من تلك النظرة، لكنه يرى أن مصر ليس لديها «عدو طبيعى» على حدودها منذ سنوات وهنا- من وجهة النظر الإسرائيلية- يستمر التساؤل عن سبب حاجة مصر لهذا الجيش.
ويقول الكاتب إن الهدف من تلك الدراسة هو وصف وتحليل بناء القوة العسكرية المصرية خلال العقد الماضى وعلى نحو خاص منذ وصل الرئيس عبدالفتاح السيسى للسلطة.
ويؤكد التقرير أن الهدف من هذا التقرير ليس ادعاء أن مصر تخطط لمواجهة مع دولة أو أخرى ولكن تقييم قدرات مصر وأفعالها والاحتمالات التى قد تنجم عن تصاعد تلك القوة.
التقرير الإسرائيلى مقسم إلى خمسة أجزاء يتناول الأول منها الميزانية ويرى الكاتب أن ميزانية الجيش تبدو غير واضحة حيث تشير التقديرات إلى أن تلك الميزانية تقدر بنحو 5.5 مليار دولار أمريكى فى عام 2015 بينما بلغت صفقات مصر من السلاح خلال نفس العام ما يقرب من 6.2 مليار يورو، ورغم أن تلك الصفقات لا تسددها مصر دفعة واحدةً، إلا أن تلك المبالغ الضخمة من مورد واحد للسلاح إلى مصر تشير إلى أن ميزانية الدفاع المصرية لا تشمل كافة المشتريات، وأن لدى مصر موارد إضافية لتمويل تلك الصفقات، ويؤكد التقرير على ذلك بالإشارة إلى أن مصر نجحت أيضاً فى توسيع قاعدة محمد نجيب العسكرية بالقرب من الإسكندرية وإنشاء مشروعات متنوعة واسعة النطاق للبنية التحتية ما يعنى زيادة التزاماتها الاقتصادية بشكل غير عادى بالنظر إلى الميزانية الدفاعية الرسمية، ويخلص الجزء الأول من التقرير إلى أن ميزانية الدفاع الرسمية المصرية ضخمة، أو أن عوامل معينة كالمساعدات الأجنبية يتم تجاهلها، ولم يفت التقرير الإشارة إلى ما أعلنه الرئيس السيسى فى عام 2015 بأن مصر حصلت على قرض من فرنسا بقيمة 3.2 مليار يورو لتمويل اتفاق شراء السلاح بين البلدين.
يتناول الجزء الثانى من الدراسة الوضع الحالى للجيش المصرى مشيراً إلى أن القوات البرية المصرية أسست كقوة ميكانيكية كبيرة الهدف الرئيسى منها هو المناورات القتالية واسعة النطاق وليس لاستخدامها كقوات خفيفة متنقلة لقتال عدو غير نظامى، ولهذا فهى منظمة فى مقار قيادة إقليمية تشمل كل منها فرقاً مدرعة وميكانيكية.
ويعود التقرير إلى نبرة الشك التى توضح أن التقديرات المقدمة قد لا تكون تقييماً حقيقياً لقوة الجيش المصرى، ويوضح الكاتب الإسرائيلى أنه يمكن التعرف على وجود جهود لتحديث الجيش وتعزيز قدرته بالنظر إلى الأرقام. ففى عام 2010 بلغ عدد دبابات M1A1 أبرامز الأمريكية المتطورة حوالى 973 ووصل هذا العدد فى عام 2016 إلى 1360 دبابة وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف هذا العدد لدى الجيش الإسرائيلى، بل وأشار إلى تقارير رددت أن مصر تنوى تجميع ما بين 400 و500 دبابة T-90 روسية متطورة فى مصنع تبنيه داخل مصر.
كما أشار التقرير الإسرائيلى إلى أن مصر قامت بشراء 762 مركبة مدرعة مضادة للألغام ومحمية من الكمائن تعرف اختصاراً بإسم MRAP من الولايات المتحدة وهو نفس النوع الذى ثبتت فعاليته خلال عمليات القتال فى العراق وأفغانستان.
وقال التقرير أنه تم استخدام تلك المركبات ناقلة الجنود فى القتال ضد تنظيم داعش فى سيناء مشيرًا إلى أنه بحسبة بسيطة يمكن لهذا العدد الذى حصلت عليه مصر نقل مشاة فرقة مكيانيكية كاملة.
كما يشير التقرير إلى أن مصر تمتلك عددا غير معروف من نفس المركبات المصنوعة محلياً والتى تحمل أسم «تمساح» والتى شوهدت أعداد منها فى سيناء، علاوة على شراء مصر لنحو 130 شاحنة عسكرية من شركة تاترا التشيكية، بالإضافة إلى مفاوضات مع الشركة لشراء 220 شاحنة أخرى، ويشير التقرير إلى أن مصر مهتمة بتحديث نظم المدفعية لديها، ففى منتصف العام الماضى قدمت مصر طلبات لشراء نظم مدفعية عيار 155 ملليمتراً من روسيا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وفرنسا، ويضيف التقرير الإسرائيلى أن مصر قامت بشراء نظم S-300 المضادة للطائرات من روسيا والتى يبلغ مداها العملياتى 200 كيلومتر علاوة على قدراتها على اعتراض الصواريخ، بل ويشير التقرير إلى أن مصر عبرت عن اهتمامها بشراء نظم S-400 الأحدث ونظم K الصاروخية والتى تعد بمثابة الجيل الجديد من نظم BUK وإن أشار التقرير إلى أن العقبة أمام تحقيق ذلك تكمن فى التكلفة، وينقل التقرير عن مصادر روسية قولها إن قيمة الإنفاق يبلغ حوالى مليار دولار وأن الجيش المصرى ينوى تسليح 3 كتائب وفوج دفاع جوى كامل بتلك المنظومة.
وقد تم تسليم أول تلك النظم فى منتصف العام الماضى لتنضم إلى مجموعة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدة اشترتها مصر من روسيا خلال السنوات الأخيرة علاوة على 72 من قاذفات صواريخ أفينجر الأمريكية المضادة للطائرات.
ويشير التقرير إلى أن الجيش المصرى يركز بشكل فريد على قوات الدفاع الجوى التى تمثل فرعاً من أفرع القوات المسلحة يبلغ قوامها 80 ألف فرداً و70 ألفاً ضمن قوات الاحتياط وهو ما يمثل سدس تعداد الجيش المصرى، ولا يشمل هذا الرقم الدفاعات الجوية المضادة للطائرات والتى تمثل كتيبتين ضمن كل فرقة من فرق الجيش، ويرى الكاتب أن هذا الاعتماد المصرى الهائل على قوات الدفاع الجوى يتصل بالنجاح الذى حققته تلك القوات خلال حرب 1973.
ويذكر التقرير أنه لو أكملت مصر بناء مفاعل الضبعة النووى، فإنه من المنطقى افتراض أن صواريخ S-300 ستتولى الدفاع عنه، كما أن عدد الصواريخ المشتراة من روسيا خاصةً لو كانت تلك الصواريخ من الموديلات بعيدة المدى، والتى يمكنها الوصول لمدى يبلغ 350 كيلومتراً أو أكثر، ستكون قادرة ليس فقط على توفير لحماية للبنية التحتية الحساسة للمفاعل ولكن أيضاً حماية جوية بعيدة المدى، ويضيف أنه يمكن وضع بطارية من الصواريخ بعيدة المدى ضمن تلك المنظومة بالقرب من قناة السويس حيث يمكنها الاشتباك مع الأهداف فوق سيناء بالكامل وحتى فوق بعض أجزاء إسرائيل.
ويشير كاتب التقرير إلى أن إسرائيل منقسمة بشأن صفقة صواريخ S-300 ويقول: إن مصدرًا إسرائيليًا (لم يحدده) عبر عن قلقه بشأن تلك النظم المضادة للطائرات، حيث إنها لا تتعلق بالحرب ضد الإرهاب، ويرى التقرير أن عملية تحديث الجيش تبدو أكثر وضوحاً فى القوات الجوية والبحرية حيث زاد عدد طائرات F-16 خلال العقد الماضى من 151 إلى 220 طائرة منها ما لا يقل عن 177 طائرة من الطرازات الحديثة C وD. وعلاوة على ذلك تقوم مصر بتنويع مصادر التسليح فعلى سبيل المثال، قامت مصر بشراء 50 طائرة ميج 29 من موديل M2 بقيمة مليارى دولار ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من تسليم كامل العدد فى 2020. وقد ظهرت أولى تلك الطائرات فى أبريل من العام الماضى، كما قامت مصر بشراء ما لا يقل عن 24 طائرة رافال فى 2015 وصلت أولى تلك الطائرات قبل أقل من عام على توقيع الاتفاق، ويضيف كاتب التقرير أنه مع إتمام تلك الصفقات سيكون لدى مصر احدى أكبر القوات الجوية الحديثة فى المنطقة، وإن كان التقرير يشير إلى أن لدى إسرائيل قوة جوية أكثر تطوراً، تشمل مقاتلات شبح.
يضيف التقرير أن مصر حصلت خلال السنوات الماضية على عدد كبير من الطائرات المروحية منها 46 طائرة أباتشى انضمت إلى تعدد من طائرات KA-52 الروسية المتطورة التى شوهدت أولى مروحياتها فى منتصف العام الماضى، كما اشترت مصر من الصين عددا غير معلوم من طائرات صينية مسلحة بدون طيار من طراز «وينج لونج» وهى طائرات مفيدة للغاية فى الهجمات ضد عناصر داعش فى سيناء، مضيفاً أن تلك الطائرات ظهرت بالفعل فى عمليات قتالية فى أجواء سيناء، وربما يبدو هذا الإقرار الإسرائيلى هاماً فى دحض ما يدعيه البعض على قنوات معادية لمصر من أن مصر لا تمتلك هذا النوع من الطائرات وأن إسرائيل هى من تقوم بطلعات بطائرات بدون طيار فوق سيناء.
أما فى مجال القوات البحرية، فقد وقعت مصر اتفاقا بقيمة مليار يورو مع فرنسا لتصنيع 4 طرادات من نوع جوويند 2500 حمولة 2500 طن وبعدها بعام تم توقيع عقد لتصنيع فرقاطة حمولة 6 آلاف طن تم تسليمها بالفعل وحاملتى طائرات ميسترال، وعقد آخر فى 2016 لتوريد طرادين إضافيين وقاربين للدوريات. وفى عام 2016 بدأت غواصات دولفين الألمانية فى أن تحل محل غواصات روميو الصينية القديمة علاوة على طراد صينى صغير حمولة 550 طن مزود بصواريخ موسكيت فائقة السرعة المضادة للسفن فى يونيو 2016. ويضيف التقرير إلى أن تلك القطع البحرية تنضم لقطع أخرى أقدم ولكنها لا تزال فى الخدمة منها 4 طرادات من فئة أمريكان أوليفر حمولة 4200 طن و4 سفن خفيفة وسريعة من طراز أمباسادور III.
ويخلص التقرير إلى أنه نتيجة لتلك القوة باتت مصر أكبر قوة بحرية فى المنطقة.
ويقف التقرير كثيراً عند شراء مصرى لحاملتى المروحيات ميسترال والذى تبلغ حمولة كل منهما 21 ألف طن ويمكن لكل منهما حمل 16 طائرة مروحية علاوة على كتيبة مشاة وكتيبة مدرعة، ويشير إلى أن مصر اشترتهما بسعر جيد يبلغ حوالى مليار دولار بينما كانت روسيا مستعدة لدفع 1.53 مليار دولار لشرائهما وهى صفقة يصفها التقرير بالجيدة بالنظر إلى المصاعب الاقتصادية التى تعانيها مصر علاوة على أن هاتين القطعتين البحريتين هما الأكبر فى الشرق الأوسط وأفريقيا، وقبل هذا الاتفاق، لم يكن أحد يعتقد أن مصر فى حاجة لهذا النوع من القطع البحرية، وينقل التقرير تصريحات لقائد القوات البحرية بأن مصر ستستخدم حاملتى ميسترال لحماية حقول الغاز ومكافحة الإرهاب، وهو ما يراه كاتب التقرير مثيراً للدهشة ومختلفاً مع المفهوم الإسرائيلى الذى يرى أن مثل تلك المنشآت النفطية تتم حمايتها بزوارق سريعة ونظم مضادة للصواريخ، وليس من خلال مروحيات استطلاع وهجوم،تنطلق من حاملات مروحيات ذات تسليح خفيف يمكنها حمل مئات من القوات وإنزالهم على شواطئ الأعداء.